نقدم هذه الورقة بمناسبة الانطلاقة 61 للثورة والمقاومة الفلسطينية المعاصرة، وانطلاقة حركة التحرير الوطني الفلسطيني- فتح (1965م-2026م) على يد القادة المؤسسين، والرواد الأوائل حيث أدركوا الواقع، ثم رفضوه عملًا لا شعارًا براقًا فأسقطوا زمن الركود العربي والإلحاق والتبعية وسحق الهوية والنضالية والانبعاث.
واستبدلوه بزمن الفعل الناجز باتجاه البوصلة، أي من أجل فلسطين المستقلة، فكرسوا عبر الجهاد والنضال والكفاح المتعدد، وحرب الشعب طويلة النفس: الهوية الفلسطينية الجامعة، والوطنية النضالية، والحضارية ضمن أمتنا، والوسطية والوحدوية والثورية في العطاء والتفكير والعمل لتحرير فلسطين الذي مازال مستمرًا بأشكال وأساليب مختلفة .
كما كرّس القادة الأوائل بفكرهم الانبساطي الانفتاحي -لا الفكر السوداوي المغلق المقدس لذاته- وبقيمهم وأخلاقهم الحميدة، وبإيمانهم العميق بالله سبحانه وتعالى، وفلسطين والنصر، ومواقفهم التاريخية المشهودة كرسوا فكرة الاحتضان والرحابة للجميع-وأحيانًا بحدها الأقصى لدرجة الفوضى والألم والشِقاق- والمحبة والحوار، والديمقراطية والمدنية للدولة لكل الشعب .
وكان مما ورثناه عنهم رحمهم الله أجمعين (غالبهم شهداء وقلة من الأحياء الشهداء) باحترام وتقديرعقلية الرفض الملتزم والمعارضة لقرارات أو بعض مواقف القيادة أو بعض تصريحات القادة بمكانها الصحيح، وبأدب الاختلاف وعّفة اللسان (لا تخوين ولا تكفير ولا تعهير)، ورفض عقلية التجييش والانصياع والتدليس والتهييج والتضليل. بل إطلاق عقلية النقد المجاورة لعقلية العطاء والابداع هذه بيد، وتلك باليد الأخرى.
فكان النقد والنقد الذاتي وكان الاعتراف بالاخطاء، والخطايا (ضمن الأطر أو علنًا حسب الموقف وبما هو التزام بالنظام الداخلي ونقد المواقف لا الشخوص) والمراجعات اللازمة، و الرفضوية والنهوض بعد كل كبوة أو نكسة أونكبة أو فجيعة أو بائقة.
ورثنا ، وطوّرنا أنفسنا في بيئة الحركة الوارفة الظلال-رغم مكامن التقصير والفشل التنظيمي الواضحة التي نعيها ونحاربها بشراسة الراغب بالإصلاح والتغيير- عقلية ثبات المرجعيات، والابداع والتجدد وعقلية التدبّر والتفكر والتأمل والنقد للمآلات، وتفحص ورفض ونقد النتائج الفظيعة ما بين نجاحات أو اخفاقات وفشل وانهزامية.
والتي نحن اليوم نعيش أفظعها، أي مقتلة قطاع غزة الفلسطيني (وما يحصل بالضفة الفلسطينية) والإبادة الفاشية العرقية فيه (2023-2025م)، وما هو إلا النكبة الثانية بل أشد وأقسى من غالب حروب العالم برمته خلال أكثر من قرن من الزمان.
كان الاوائل من المؤسسين والرواد كبارًا وقدوة ونماذج -وبالقدوة نقتدي ونسير-وعلى رأسهم الزعيم ياسر عرفات، وأبوجهاد وعادل عبدالكريم، وأبوعلي إياد، وصلاح خلف أبوإياد، وسعد صايل، وعبدالفتاح حمود، وكمال عدوان وخالد الحسن وماجد أبوشرار ، وأبوصبري، وهاني الحسن، ومحمود عباس، وأبوماهر غنيم، وسليم الزعنون، وأبويوسف النجار، وأبواللطف، وعباس زكي وفيصل الحسيني ونبيل شعث، ونصر يوسف، وأبوعلاء قريع، وصائب عريقات…والكثير الكثير منهم بيننا وفينا.
لقد كان جلّ المؤسسين لانطلاقة الثورة الفلسطينية المعاصرة حين الانطلاقة من الشباب المؤمن والواعي والمبادر ، وعليه آثرنا أن نجعل هذا الملف، و هذه الذكرى مخصصة للشبيبة والطلاب عقل التمرد والمعارضة الملتزمة بالفكرة حيث تتموضع فلسطين، وبالمؤسسة والنظام، لا بالأشخاص.
ومنهم وعلى دربهم رغم كل الصعاب والمآزق والرزاياالحالية وسوء الوضع الى درجة كارثية عظمى، سيكون تواصل الانطلاق والجهاد والنضال، والفعل الناجز والاشتباك في مواجهة العدو الأساس والتناقض الرئيس وهو الاحتلال الصهيوني.
لكل ما سبق ولأهمية الشباب والطلاب في مسيرة التحرر العالمي وفي فلسطين أوقفنا إصدار حلقات الشبيبة، لتكون كلها مجتمعة، سواء تلك الحلقات التي أصدرناها أوالتي لم نصدرها ضمن هذا الملف الخاص مع هذه المقدمة وعدد من الإضافات، وإنها لثورة حتى النصر.








