بوينغ آخر ضحايا العقوبات الغربية على روسيا

السياسي -وكالات

رأى الخبير في الاستثمار والاقتصاد الكلي فيليب بيلكينغتون أن شركة بوينغ مرت بسنة سيئة، فبعد انفجار باب طائرة من طراز بوينغ 737 ماكس في وقت سابق من هذه السنة، تعرضت لتدقيق عام مكثف، والآن تواجه شركة الطائرات العملاقة مشكلة جديدة: عدم القدرة على تحقيق هدف الإنتاج الخاص بطائرتها 787 دريملاينر، بسبب نقص مكونات مهمة تأتي من روسيا.
وكتب بيلكينغتون في موقع “أنهيرد” أن الشركة اعتمدت على الإنتاج الروسي في جزء يسمى “المبادِل الحراري” على ما يبدو، بعد فرض عقوبات عقب الحرب الأوكرانية، اتجهت شركة بوينغ نحو موردين بريطانيين وأمريكيين، لكنهم لم يتمكنوا من إنتاج ما يكفي من المكونات لتلبية متطلبات بوينغ، مما يسلط الضوء مرة أخرى على مدى الترابط بين الاقتصاد العالمي.محرج لأمريكا
والسبب وراء وجود الكثير من التدقيق في أعمال بوينغ هو أنها جزء من صناعة استراتيجية رئيسية.

ويشكل الحفاظ على التفوق في التكنولوجيا الجو-فضائية ضرورة أساسية للاستراتيجية الجيوسياسية الأمريكية التي تشتمل على عنصرين، عسكري وتجاري.

ومن خلال الحفاظ على التفوق في إنتاج الطائرات العسكرية، يمكن للولايات المتحدة توفير هذه التكنولوجيا لحلفائها، وبذلك تعقد تحالفات عالمية.

وفي الوقت نفسه، تعتبر صناعة الطيران المدني مرموقة وتستحوذ على خيال راكبي الطائرات العالمية. إذا تأخرت أمريكا بشكل خطير في هذا المجال فسيكون ذلك محرجاً للبلاد.

ويشير واقع تسبب العقوبات على روسيا بهذه المشاكل الخطيرة لصناعة استراتيجية أساسية في الولايات المتحدة، إلى تناقض في الاستراتيجية الجيوسياسية والاقتصادية الأمريكية، فبرامج العقوبات مصممة لتقييد الاقتصادات الأجنبية، لكن العقوبات على روسيا تبدو بشكل متزايد كأنها تعرقل الاقتصادات الغربية.

وربما كان صناع السياسات الأمريكيون قادرين على التسامح مع تدمير الصناعة الأوروبية في ظل أسعار الطاقة المرتفعة الناتجة عن العقوبات الروسية، لكنهم الآن يرون أن صناعاتهم الحيوية معرضة للتهديد.

ما بالكم بعقوبات على الصين؟
إن إمكانية توليد العقوبات على روسيا مثل هذه المشاكل الخطيرة لصناعة استراتيجية أساسية تظهر أيضاً مدى خطورة استراتيجيات مثل “نزع المخاطر” و”الانفصال” عن الصين.

ولدى روسيا قطاعات مهمة، مثل الطاقة والصناعة الجو-فضائية.

.

وأضاف الكاتب أنه إذا كانت العقوبات المفروضة على الاقتصاد الروسي قادرة على إحداث مشاكل كهذه، فمن الصعب حتى تخيل ما قد تفعله عقوبات مماثلة على الاقتصاد الصيني.

ويمكن هنا تأمل الوضع في ما يتعلق بالسلع الرأسمالية: تشير دراسات حديثة إلى أن الاتحاد الأوروبي يستورد الآن المزيد من سلعه الرأسمالية من اقتصادات مجموعة البريكس المنافسة أكثر مما تستورده الصين من الدول الغربية، وتستورد الولايات المتحدة المقدار نفسه تقريباً.
وفي 2023، ورداً على العقوبات الأمريكية على أشباه الموصلات المتقدمة للصين، وضعت الحكومة الصينية تصدير عنصرين ــ الجرمانيوم والغاليوم ــ على قائمة الصادرات المقيدة.

وتنتج الصين 60% من الجرمانيوم في العالم و80% من الغاليوم، وهما عنصران ضروريان لإنتاج العديد من المنتجات الإلكترونية، وبخاصة الرقائق الدقيقة.

أسوأ من الخيال

تظهر التقارير الواردة في وقت سابق من هذه السنة انهيار صادرات الجرمانيوم والغاليوم من الصين إلى الغرب.

وانخفضت صادرات الغاليوم بنسبة تصل إلى الثلثين، ولا يزال غير واضح تأثير ذلك على الصناعة الغربية، لكن تجدر الإشارة إلى أن الصين قامت مؤخراً بزيادة إنتاجها من الرقائق المنخفضة الجودة، في حين أن هذه المنتجات قد لا تتمتع بنفس سمعة نظيرتها الراقية، يبقى أنها تستخدم في مجموعة واسعة من التقنيات.
وختم بيلكينغتون “بعد الترويج للعولمة طوال القسم الأعظم من ثلاثة عقود زمنية، يبدو أن الحكومات الغربية تعتقد أنها قادرة على الانسحاب من سلاسل التوريد العالمية بنقرة إصبع، لكن هذا خيال، إنه وهم خطير يهدد بإضعاف الرخاء الاقتصادي الغربي بل حتى الاستقرار الاجتماعي”.

شاهد أيضاً