بين بورتوريكو والضفة الغربية: نموذج محتمل للعلاقة بين الفلسطينيين وإسرائيل

بقلم: ميساء أبو غنام

قراءة سياسية في مرحلة ما بعد 7 أكتوبر**
تعيش المنطقة تحوّلات متسارعة منذ السابع من أكتوبر، وما تبع ذلك من تغيّر عميق في ميزان القوى بين الفلسطينيين وإسرائيل. وفي ظل غياب أي أفق سياسي واضح، يعود إلى السطح سؤال مهم:
هل يتجه شكل العلاقة المستقبلية بين إسرائيل والفلسطينيين — خصوصًا في الضفة الغربية — إلى نموذج إداري–اقتصادي يشبه نموذج بورتو ريكو والولايات المتحدة؟
هذا السؤال يبرز من قراءة الفجوة الكبيرة بين العقل السياسي الإسرائيلي والفلسطيني، ومن التبدل في الواقع الإقليمي والدولي بعد الأحداث الأخيرة.
عقلان سياسيان… على مسارين مختلفين
تفكّر إسرائيل بعقلية دولة تملك السيادة والقوة العسكرية والاقتصاد المزدهر وحضورًا دوليًا قويًا.
بينما يفكّر الفلسطينيون كأصحاب قضية تحرّر وطني، يسعون لإقامة دولة مستقلة رغم تعقيدات الواقع السياسي والاقتصادي والأمني.
هذا الاختلاف الجوهري في طريقة التفكير لا يُعد هامشًا، بل هو جوهر الصراع.
**“من يحتل من؟”
سؤال يحمل روايتين متناقضتين بالكامل**
رغم أن الفلسطينيين يرون الوجود الإسرائيلي على أراضيهم احتلالًا واضحًا لا نقاش فيه، إلا أن قطاعات واسعة من الإسرائيليين — باستثناء التيارات اليسارية — يقدّمون رواية مختلفة.
الرواية الإسرائيلية:
الضفة الغربية هي “يهودا والسامرة”، جزء من أرض إسرائيل التاريخية.
السيطرة عليها ليست احتلالًا بل “عودة” إلى أرض الأجداد.
الفلسطينيون يُنظر إليهم كجماعة طارئة سياسيًا، ودولتهم الطبيعية — وفق بعض الطروحات — هي الأردن.
الرواية الفلسطينية:
فلسطين الانتدابية من النهر إلى البحر هي الأرض التاريخية للشعب الفلسطيني.
إسرائيل كيان استيطاني احتل الأرض بالقوة.
النتيجة:
لسنا أمام نزاع حدودي قابل للتسوية بسهولة، بل أمام صراع وجودي حول التاريخ والهوية والذاكرة.
**ما بعد 7 أكتوبر:
تعزيز موقع إسرائيل وتراجع هامش الفلسطينيين**
أعاد السابع من أكتوبر رسم المشهد بالكامل:
ازدادت قوة الردع الإسرائيلية.
تحسن موقعها الإقليمي والدولي.
تغيّرت معالم غزة ديموغرافيًا وسياسيًا.
انتقلت بوصلة التركيز إلى الضفة الغربية باعتبارها مركز الصراع المقبل.
في ظل هذا الواقع، يتزايد الحديث عن نموذج إداري جديد للفلسطينيين تحت سيادة إسرائيلية كاملة.
من هي بورتو ريكو؟ ولماذا تُستخدم كنموذج مقارنة؟
تقع بورتو ريكو في البحر الكاريبي، شرق جمهورية الدومينيكان، وهي جزيرة كانت تحت السيطرة الإسبانية قبل أن تنتقل إلى الولايات المتحدة عام 1898.
تُعد بورتو ريكو اليوم **إقليمًا تابعًا للولايات المتحدة (Unincorporated Territory
طبيعة العلاقة بين بورتو ريكو والولايات المتحدة:
سكان الجزيرة مواطنون أميركيون ويتمتعون بجواز سفر أمريكي.
الجزيرة تخضع للقوانين الفيدرالية الأميركية بدرجات متفاوتة.
لديها حكومة محلية وبرلمان، لكنها ليست ولاية أميركية كاملة.
سكانها لا يصوّتون للرئيس الأميركي إلا إذا عاشوا في إحدى الولايات الخمسين.
تعتمد اقتصاديًا بشكل كبير على الدعم الفيدرالي الأميركي، ويستخدم سكانها الدولار عملة رسمية.
هذا النموذج يُعد مثالًا على صيغة حكم ذاتي محلي مع تبعية سيادية واقتصادية للدولة المركزية، وهو ما يجعل التشبيه واردًا من ناحية إدارية، رغم اختلاف السياقات السياسية والهوية القومية بين الحالة الكاريبية والحالة الفلسطينية–الإسرائيلية.