تحويل السم إلى ثروة.. تقنية جديدة تعيد استخراج الذهب من مخلفات السيانيد

السياسي –

في خطوة قد تُحدث تحولاً جذرياً في صناعة التعدين، طوّر علماء في الوكالة الوطنية الأسترالية للعلوم (CSIRO) تقنية جديدة تُعرف باسم “تقنية سيانيد الذهب المستدامة”، تهدف إلى تحسين استخلاص الذهب وإعادة تدوير السيانيد السام المستخدم في عمليات التعدين التقليدية.

وأُجريت للتقنية تجربة تجريبية استمرت شهراً داخل المختبر، وأثبتت نجاحها لتنتقل قريباً إلى مرحلة الاختبارات الميدانية واسعة النطاق، في وقت يزداد فيه الضغط العالمي على شركات التعدين، لتقليل أثرها البيئي مع توسّع إنتاج المناجم.

يُستخدم السيانيد عادة لفصل الذهب عن خامه، لكنه مادة كيميائية عالية السمية، وقد تسببت حوادث تسربه في كوارث بيئية على مدى عقود، من أبرزها انفجار سد مخلفات منجم أورال في رومانيا عام 2000، الذي أدّى إلى تلوث نهرَي تيسا والدانوب لمسافة تجاوزت 400 كيلومتر، وتضررت بسببه الحياة المائية وإمدادات المياه.

التقنية الجديدة التي طوّرها الدكتور بول بروير والدكتور شيان وين داي، تسعى إلى استعادة السيانيد والمركّبات السامة الأخرى من مخلفات التعدين، إلى جانب استرجاع الذهب القابل للذوبان والمعادن الأساسية التي عادةً ما تُهدر في المخلفات.

وقال الدكتور داي في تصريح نقله موقع “إنترستينغ إنجينيرنغ” إن الابتكار “يُقلّل من التكاليف والمخاطر المرتبطة بنقل وتخزين السيانيد، مع تحسين كفاءة الاستخلاص وزيادة العائد الاقتصادي”.

تاريخ من الابتكارات الخضراء
ليست هذه المرة الأولى التي يبتكر فيها فريق CSIRO تقنيات صديقة للبيئة في مجال التعدين؛ إذ سبق لهم تطوير عملية استخراج ذهب خالية من السيانيد تُعرف باسم “البحث عن الذهب”، تعتمد على مادة الثيوكبريتات غير السامة، وقد فاز المشروع بجائزة أستراليا لأفضل مشروع تعدين عام 2014، قبل أن يُنقل لاحقاً إلى شركة “كلين ماينينغ” الأسترالية للاستخدام التجاري.

ويأمل الباحثون أن تحقق التقنية الجديدة فوائد اقتصادية وبيئية أكبر، مؤكدين أنها قد تُحدث نقلة نوعية في استدامة صناعة الذهب، وتقلّل من اعتمادها على المواد شديدة السمية.

بدائل أكثر أماناً
في سياق متصل، أعلن باحثون من جامعة فلندرز الأسترالية عن تطوير طريقة بديلة وأكثر أماناً لاستخلاص الذهب من الخام والإلكترونيات المُهملة، باستخدام مركّب منخفض التكلفة يُعرف باسم حمض ثلاثي كلورو إيزوسيانوريك — مادة شائعة في معالجة المياه — تعمل بفعالية عند تنشيطها بالماء المالح، لتذيب الذهب بطريقة نظيفة وصديقة للبيئة.

هذا التوجه العلمي الجديد يشير إلى مستقبل أكثر استدامة لصناعة الذهب، حيث تسعى الأبحاث الحديثة إلى تقليل الأثر البيئي وتعزيز إعادة التدوير دون المساس بالعائد الاقتصادي.