سقط صاروخ اول أمس السبت 27 يوليو الحالي على ملعب كرة قدم في بلدة مجدل شمس في الجولان العربي السوري أدت الى سقوط 11 شهيدا وجرح نحو 20 جلهم من الأطفال، وبينهم 6 في حالة الخطر، وعلى إثر ذلك تبادلت إسرائيل وحزب الله الاتهامات بالمسؤولية عن الصاروخ، القيادات الإسرائيلية السياسية والعسكرية تدعي ان القذيفة الصاروخية يقف خلفها حزب الله، وأنها لم تطلق أي صواريخ مضادة من القبة الحديدية. في حين أعلن الحزب انه لم يطلق اية صواريخ على البلدات العربية الفلسطينية او السورية، وان أقرب هدف عسكري إسرائيلي يبعد نحو 3 كيلو متر عن بلدة مجل الشمس. كما انه لم يطلق صواريخ على المدنيين الإسرائيليين، والصاروخ الذي سقط على الملعب، هو من القبة الحديدية، وعليه فإن إسرائيل المسؤولة عن المجزرة الوحشية في البلدة السورية المحتلة منذ عام 1967.
ولم يبعد موقف المسؤولين الاميركيين، ومنهم وزير الخارجية، بلينكن عن المواقف الإسرائيلية، التي تتهم حزب الله اللبناني بالمسؤولية عن الصاروخ. مع ان موقف القيادات العسكرية الإسرائيلية المباشر في اعقاب وقوع المجزرة كان مربكا، ولم يحسم تحميل المسؤولية لحزب الله، وأعلنوا انهم سيشكلون لجنة تحقيق لمعرفة من المسؤول عن المجزرة. لكنهم بعد وقت قصير من وقوعها باتوا يحملون ذراع حزب الله العسكري المسؤولية عن الجريمة، وأطلقوا العنان لتهديداتهم ووعيدهم للحزب بعظائم الأمور، والرد القاسي والموجع بدءا من نتنياهو، الذي قطع زيارته لواشنطن بنحو 3 ساعات ونصف، وعاد ادراجه الى تل ابيب، الى اركان حكومته من العسكريين والمدنيين. وقام الطيران الحربي الإسرائيلي أمس الاحد بسلسلة من عمليات القصف من الطيران الحربي للعديد من مواقع الحزب ومخازن أسلحته في قرى وبلدات الجنوب اللبناني تمهيدا للرد، وعشية اجتماع الكابينيت الإسرائيلي لدراسة الرد وحدوده.
وكان رئيس وزراء إسرائيل تواصل مع اركان الإدارة الأميركية قبيل مغادرته العاصمة الأميركية، وضمن الحصول على الضوء الأخضر لعمليات عسكرية نوعية ومحدودة على مواقع الحزب اللبناني. ولكن الأسئلة المثارة في هذا الشأن، هل يلتزم الجيش الإسرائيلي بالرد النوعي المحدود، أم سيوسع نطاق الحرب على جبهة الشمال؟ وهل لديه الجاهزية لعملية عسكرية واسعة في ظل مواصلة الإبادة الجماعية على قطاع غزة، التي قد تكون مكلفة وصعبة، لا سيما وان قوات حزب الله تملك صواريخ دقيقة وبعيدة المدى، ولديه الطائرات المسيرة متعددة الأنواع والمهام الأمنية والعسكرية؟ ولو افترضنا ان الجيش الإسرائيلي سيقوم بعملية عسكرية محدودة، أليس من الممكن ان يستهدف حزب الله بعض المواقع الاستراتيجية في إسرائيل مثل قصف بعض المطارات الحربية، او ميناء حيفا، او على الأقل خزانات الوقود فيه؟ ومن يضمن بقاء دائرة ردود الفعل ضمن قواعد الاشتباك المقبولة من الطرفين؟ وأليس من الممكن أن تحدث قذيفة صاروخية طائشة، او غير محسوبة وقوع خسائر عسكرية ومدنية، قد تتذرع بها إسرائيل لتوسيع قواعد الاشتباك والحرب؟ وهل حزب الله يريد توسيع دائرة الحرب؟ وهل النظام الايراني مع خيار توسيع نطاق الحرب على الجبهة الشمالية؟
مؤكد ان حزب الله لا يريد توسيع نطاق الحرب. كما ان إيران ليست مع هذا الخيار، وأعلن العديد من المسؤولين الإيرانيين، ان إسرائيل ليست جاهزة لتوسيع دائرة الحرب الان، وهي (ايران) لا ترغب بذلك، ولكن ان فرض على جمهورية الملالي وحزب الله توسيع مديات الحرب، فهم جاهزون لذلك.
وأيضا الولايات المتحدة لا تريد حربا إقليمية واسعة، كما ان جاهزية الجيش الإسرائيلي غير كافية لفتح جبهة الشمال الان في ظل الإبادة الجماعية على الشعب الفلسطيني، وفق تقديرات العديد من الخبراء العسكريين الإسرائيليين والأميركيين وغيرهم، وبالتالي تهويشات وتصريحات القيادات العسكرية والأمنية والمدنية الإسرائيلية الداعية لحرق لبنان وعاصمته بيروت بلا رصيد، وهي للاستهلاك المحلي الإسرائيلي على الأقل في المدى المنظور. ولكن في ذات الوقت، ان لم ترد ردا موجعا على حزب الله، فهذا يعني انكشاف ظهرها، ويمنح قوى المقاومة المختلفة في الإقليم الاستقواء عليها، أضف الى ان الداخل الإسرائيلي سيشهد تداعيات سلبية، ويضاعف من التناقضات داخل حكومة الإبادة الجماعية وداخل الشارع الإسرائيلي على حد سواء.
مع ان هناك العديد من القادة العسكريين الإسرائيليين في المعارضة ومنهم بيني غانتس وايهود باراك وغيرهم، ليسوا مع توسيع الحرب على جبهة الشمال، ويعطون الأولوية لإبرام صفقة التبادل للأسرى، ووقف جبهة الجنوب، قبل الانتقال لجبهة الشمال، مما يشي بان الواقع العسكري والأمني والسياسي الإسرائيلي يعيش عمليا حالة من الارباك والتردد في فتح جبهة الشمال، التي بالضرورة سينجم عنها توسيع نطاق الحرب الإقليمية مع جبهات اليمن والعراق وسوريا، مما سيثقل كاهل الجيش الإسرائيلي. رغم ان الولايات المتحدة الأميركية لن تقف مكتوفة الايدي، وستنخرط في الحرب دفاعا عن إسرائيل اداتها الوظيفية، مما سيضاعف من خلط الأوراق في الإقليم، ويربك حسابات واشنطن وحلفائها من دول الغرب ودول الإقليم. مازال الوقت مبكرا لقراءة تداعيات ردود الفعل المتبادلة بين إسرائيل وحزب الله المفتوحة على كل السيناريوهات.