السياسي – يقول أطباء وخبراء إن الحالة الذهنية للرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، ليست بعيدة كثيراً عن حالة سلفه، جو بايدن، مع رصد عدة سلوكيات “غريبة” خلال شهر واحد فقط، فضلاً عن أخرى رُصدت سابقاً أثناء حملته الانتخابية للعودة إلى البيت الأبيض.
ولأكثر من عام، أبدى ترامب، البالغ من العمر 79 عاماً، سلوكاً غريباً في فعاليات حملته الانتخابية، وفي المقابلات، وفي تصريحاته العفوية، وفي المؤتمرات الصحفية.
كما يذكر تقرير لصحيفة “الغارديان” البريطانية أن الرئيس الأمريكي انحرف في أكثر من مناسبة عن الموضوع الأساس؛ ففي هذا الشهر، وخلال اجتماع لمجلس الوزراء، أمضى 15 دقيقة يتحدث عن الديكور، ويبدو أنه يخطئ في تذكّر حقائق بسيطة عن حكومته وحياته.
وتشير الصحيفة إلى أن الحالة الذهنية “الحالية” لترامب ليست بعيدة عن تلك التي كان عليها سلفه بايدن؛ مشيرة إلى أن الرئيس الحالي يواجه صعوبة في إكمال فكرة ما، فضلاً عن حديثه “الغريب” بشكل غير مباشر عن طواحين الهواء خلال رحلته الأخيرة إلى المملكة المتحدة.
وتعرّض بايدن لانتقادات بسبب زلاته المرتبطة بعمره، لكن سلوك ترامب الغريب والمتزايد تم تجاهله إلى حد كبير، وفقاً لـ”الغارديان”. وبعد أداء الرئيس السابق الكارثي في مناظرة يونيو 2024، حين واجه صعوبة متكررة في الحفاظ على تسلسل أفكاره، أدت التدقيقات في لياقته الذهنية في النهاية إلى عدم ترشّحه لإعادة انتخابه.
لكن ترامب نجا إلى حدٍّ كبير من الخضوع لنفس الاختبار، على الرغم من أمثلة الارتباك والسلوك غير المعتاد التي استمرت طوال فترة ولايته الثانية، والتي ظهرت بشكل كامل في رحلته الأخيرة إلى المملكة المتحدة.
وخلال عطلة نهاية الأسبوع، وأثناء اجتماعه مع رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، تحوّل ترامب فجأة من مناقشة الهجرة إلى القول: “الأمر الآخر الذي أقوله لأوروبا: لن نسمح ببناء طاحونة هواء في الولايات المتحدة. إنهم يقتلوننا. إنهم يقتلون جمال مناظرنا الطبيعية”.
ثم واصل ترامب الحديث، دون توقف أو توجيه، لمدة دقيقتين عن طواحين الهواء، مدّعياً دون دليل أنها تدفع الحيتان إلى “الجنون” وأن طاقة الرياح “تقتل الطيور”، رغم أن نسبة الطيور التي تقتلها التوربينات ضئيلة مقارنةً بالعدد الذي تقتله القطط المنزلية والطيور التي تطير في خطوط الكهرباء.
وقال هاري سيغال، المحاضر الكبير في قسم علم النفس بجامعة كورنيل، وفي قسم الطب النفسي بكلية طب وايل كورنيل، إن التغييرات المفاجئة في المحادثة هي مثال على “انحراف ترامب دون تفكير؛ فهو يغيّر الموضوعات دون تنظيم ذاتي، ودون أن يكون لديه سرد متماسك”.
وعلى مدى سنوات، كان ترامب يتجنب الأسئلة حول ذكائه العقلي، ويصف نفسه بأنه “عبقري مستقر”، ويتفاخر بتفوقه في الامتحانات، التي تبين لاحقًا أنها اختبارات بسيطة للغاية، والتي تتحقق من العلامات المبكرة للخرف.
-الديمقراطيون يردّون الدين
لكن الديمقراطيين بدأوا يشككون بشكل أكثر عدوانية في لياقة ترامب، بما في ذلك جاسمين كروكيت، الممثلة عن ولاية تكساس، وحاكم ولاية كاليفورنيا، جافين نيوسوم، وهذا الأسبوع وحده قدموا أمثلة متعددة على سلوك غريب لترامب.
وعندما سُئل عن المجاعة في غزة يوم الأحد، بدا ترامب غير قادر على تذكر المساعدات التي قدمتها الولايات المتحدة لغزة، ونسي أن آخرين ساهموا أيضًا.
ورأى سيغال أن من سمات ذكاء ترامب المشكوك فيه أيضًا الاختلاق. وقال: “إنه عندما يأخذ فكرة أو حدثًا حدث، ويضيف إليه أشياء لم تحدث”.
وذكر أحد الأمثلة البارزة في منتصف يوليو/تموز، عندما ادعى الرئيس الأمريكي أن عمه، البروفيسور الراحل جون ترامب، كان يدرّس تيد كاتشينسكي، المعروف باسم “أونابومبر”، في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا.
يتذكر الرئيس الأمريكي: “سألته: أي نوع من الطلاب كان يا عمي جون؟ إنه الدكتور جون ترامب. قلت: أي نوع من الطلاب كان؟ ثم قال: ‘جدًّا، جيد’. وقال أيضًا: ‘كان يُصحّح. كان يُصوّب الجميع.’ لكن الأمر لم يُفلح معه”.
وبحسب سيغال، فمزاعم الرئيس الأمريكي غير صحيحة؛ أولًا، لأن عمّ ترامب توفي العام 1985، ولم يُعلن عن كاتشينسكي علنًا بأنه “مفجر القنابل” إلا العام 1996. ثانيًا، لم يدرس كاتشينسكي في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا.
وأضاف سيغال: “القصة لا معنى لها على الإطلاق، لكنها تُروى بأسلوب دافئ وتأملي، كما لو كان يتذكرها”، متابعًا: “هذا المستوى من التفكير يتدهور بالفعل”.
إلى جانب هذا الجدل، كانت هناك أوقات بدا فيها ترامب عاجزًا عن التركيز؛ فخلال حملة 2024، كان هناك مشهد غريب لترامب يقضي 40 دقيقة يتمايل فيها على أنغام الموسيقى على خشبة المسرح بعد حالة طبية طارئة في إحدى تجمعاته الانتخابية. كما أثارت خطبه المتشعبة، حيث كان يتنقل بين المواضيع بأسلوب وصفه بـ”النسج”، انتقادات لاذعة.
وأزال البيت الأبيض النصوص الرسمية لتصريحات ترامب من موقعه الإلكتروني في مايو/أيار، مدّعيًا أنها جزء من جهد “للحفاظ على الاتساق”. ومع ذلك، يجدر قراءة تصريحات ترامب كاملة لفهم أسلوب الرئيس في حديثه اليومي، كما ترى صحيفة “الغارديان”.