السياسي –
ذكرت صحيفة “فاينانشال تايمز”، اليوم الإثنين، نقلاً عن مصادر مطلعة أن الولايات المتحدة جمّدت القيود المفروضة على صادرات التكنولوجيا إلى الصين.
وتهدف هذه الخطوة وفقاً لما ذكرته الصحيفة، إلى تجنب تعقيد المحادثات التجارية مع بكين ومساعدة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، على عقد اجتماع مع نظيره الصيني شي جين بينغ هذا العام.
وكشفت 8 مصادر للصحيفة، من بينهم مسؤولون أمريكيون حاليون وسابقون، أن وزارة التجارة الأمريكية، وتحديداً مكتب الصناعة والأمن المسؤول عن مراقبة الصادرات، تلقى تعليمات مؤخراً بعدم اتخاذ إجراءات صارمة تجاه الصين.
ومن المقرر أن يلتقي مسؤولون أمريكيون وصينيون في ستوكهولم، اليوم، لعقد الجولة الثالثة من المفاوضات التجارية، بعد اجتماعات سابقة في جنيف ولندن.
خلاف واسع
وكان ترامب قد أبدى سابقاً استعداداً لفرض قيود على تصدير رقائق التكنولوجيا إلى الصين، حيث أخطرت إدارته شركة “إنفيديا” في أبريل (نيسان) الماضي، بنيتها حظر تصدير شريحة “H20” المخصصة للسوق الصيني، بعد أن فرضت إدارة بايدن قيوداً على شرائح أكثر تقدماً. غير أن ترامب تراجع بعد تدخل مباشر من المدير التنفيذي للشركة، جنسن هوانغ.
وأثارت هذه الخطوة خلافاً واسعاً بين مسؤولي الأمن القومي، الذين يرون أن الشريحة قد تعزز القدرات العسكرية الصينية، وشركة إنفيديا التي تحذر من أن القيود ستدفع الصين لتطوير تكنولوجيا محلية بسرعة أكبر.
وفي رسالة وُجهت إلى وزير التجارة هوارد لوتنيك، أعرب 20 خبيراً أمنياً ومسؤولاً سابقاً، من بينهم مات بوتينغر، نائب مستشار الأمن القومي السابق، عن قلقهم من القرار، معتبرين أن السماح بتصدير شريحة “H20″ يمثل خطأ استراتيجياً يهدد التفوق الاقتصادي والعسكري للولايات المتحدة في مجال الذكاء الاصطناعي”.
ووصف الموقعون الشريحة بأنها “مسرّع قوي لقدرات الذكاء الاصطناعي الصيني”، وتتفوق في بعض الجوانب على شريحة “H100″، التي سبق منع تصديرها. وأشاروا إلى أن الشريحة تعزز من قدرات التنفيذ لأنظمة الذكاء الاصطناعي، ما قد يسهم في تطوير أسلحة ذاتية التشغيل ومنصات مراقبة متقدمة.
ومن جهتها، ردّت شركة إنفيديا على الانتقادات، ووصفتها بـ”المضللة” و”غير المتسقة” مع خطة العمل المتعلقة بالذكاء الاصطناعي التي أعلنها ترامب مؤخراً. وقالت إن “شريحة (H20) لن تعزز القدرات العسكرية لأي طرف، بل ستساعد في تعزيز مكانة التكنولوجيا الأمريكية عالمياً”.
خطأ كبير
وفي المقابل، اعتبر خبراء أن الشريحة تشكل عنصراً محورياً في تطور الذكاء الاصطناعي في الصين. وقال جيمي غودريتش، مستشار في مؤسسة راند، إن “(H20) تتفوق في عرض نطاق الذاكرة على أي شريحة صينية حالية، ما يجعلها ضرورية للتطوير واسع النطاق في هذا المجال”.
وتصاعدت الانتقادات داخل الأوساط الأمنية في الولايات المتحدة، حيث قال مسؤول سابق إن “ترامب جمد فعلياً نظام مراقبة الصادرات، ومنح الصين شريحة (H20) دون مقابل، مما يقوض أحد أهم أدوات الأمن القومي الأمريكي”.
بدوره، وصف ستيف بانون، المستشار السابق في البيت الأبيض، قرار السماح بتصدير الشريحة بأنه “خطأ فادح”، قائلاً: إن “الشركات الأمريكية تعرضت للاستغلال لعقود من قبل الحزب الشيوعي الصيني، وها هي الحكومة تكرر الخطأ ذاته بدافع من مصالح شركات لا تهتم بأمن البلاد”.
وكان من المقرر أن تضيف وزارة التجارة الأمريكية شركات صينية جديدة إلى القائمة السوداء، لكنها لم تعلن حتى الآن عن هذه الإجراءات، وسط تساؤلات حول ما إذا كانت إدارة ترامب ستتخذ خطوات صارمة ضد الصين، أو تواصل سياسة التهدئة لتسهيل المحادثات التجارية.
وامتنعت الوزارة عن التعليق بشكل مباشر على قرار التجميد، لكنها أشارت إلى أن إدارة ترامب فرضت متطلبات للحصول على ترخيص لتصدير شريحة (H20)، وأنها تدرس كل طلب تصدير “بعناية، وفقاً للمصالح والمخاطر المحتملة”.