فى منزلى بالقاهرة، استأجر منذ فترة أحد الأجانب العاملين فى مصر، شقة للإقامة بها مع أسرته. ولفتت نظرى السهولة الشديدة التى تعامل بها مع حارس العقار… (بواب العمارة) الذى أعلم أنه أمى لا يقرأ…؟ وأثار ذلك الأمر فضولى، فسألت الحارس كيف تتعامل معه..، وأنت لا تعرف كلمة انجليزية واحدة؟!.. فقال لى، إننى أتحدث معه بالعربية، كما أتحدث معك تماما، ولكنه يمسك بيده هاتفه المحمول…الذى تظهر عليه، على الفور، ترجمة لكلماتى بالعربية إلى اللغة الإنجليزية. وأدركت لحظتها أن الذكاء الاصطناعى وصل إلى باب بيتى، ولو فى أحد أبسط صوره! وهو أن الرجل الأجنبى ثبت على هاتفه أحد تطبيقات الترجمة العربية/ الانجليزية من خلال شات جى بى تى، وهى اختصار لكلمة المحول التوليدى المدرب مسبقا للدردشة. لقد نبهتنى تلك الواقعة البسيطة إلى تأخرى السخيف فى متابعة التقدم الهائل الذى يحدث فى العالم فى مجال الذكاء الاصطناعى…، الذى يتسع اليوم، ويتضاعف أضعافا مضاعفة فى كل ميادين الحياة..، والتى سبق أن تجسدت–فى السنوات القليلة الماضية فى: تشات جى بى. إن ما قرأته حتى الآن عن برامج الذكاء الاصطناعى يوحى بفوائد وثمار هائلة، مثلما ينطوى على مثالب ومخاطر لا يمكن التقليل منها. فيستطيع أى إنسان أن يتحدث مع ذلك البرنامج ويسأله ويحاوره فى أى من مجالات المعرفة الواسعة، بكل ماينطوى عليه ذلك من فتح لآفاق العلوم والمعارف بلا حدود… وحتى سؤال طالب يغش فى الامتحان عن إجابة لأحد الأسئلة، أو استفسار لص عن سرقة أحد البنوك، أو إرهابى لتصنيع قنبلة! إنها فى تقديرى المعرفة المتاحة بشكل كامل، ولكنها للأسف معرفة لا تحدها حدود قيمية أو أخلاقية على الإطلاق…. ذلك هو اللغز او الخطر الكبير الذى يحدق بالبشرية كلها…، والذى يتجاوز بكثير جدا جدا، – أيها السادة – خطر تكوين أو دعوة بيان!.
* نقلا عن ” الأهرام “