السياسي – نجحت ملاعب المغرب المستضيفة لبطولة أمم أفريقيا “كان 2025” في تجاوز اختبار الأمطار الغزيرة، التي لم تتوقف في جل مباريات الجولة الأولى من البطولة، وعددها 12 مباراة.
ولم تعد الأمطار الغزيرة عاملًا مسببا بالضرورة في تأجيل المباريات أو إفساد أرضيات الملاعب، مع دخول تقنيات متطورة غيّرت قواعد إدارة العشب الطبيعي في المنشآت الرياضية الكبرى.
وفي مقدمة هذه التقنيات، تبرز منظومة SubAir إلى جانب العشب الهجين (Hybrid Grass) كحلول هندسية متقدمة باتت تُعتمد في عدد متزايد من الملاعب حول العالم، بما فيها الملاعب المغربية التي تستضيف كأس أمم أفريقيا 2025.
إدارة ذكية للمياه
لعقود طويلة، اعتمدت الملاعب على أنظمة تصريف تقليدية تقوم على طبقات من الحصى والأنابيب لتصريف المياه بالجاذبية. غير أن هذه الأنظمة أثبتت محدوديتها أمام الأمطار الغزيرة والمتواصلة، خاصة في الملاعب التي تشهد ضغط مباريات مرتفعًا أو تُستخدم لأغراض متعددة.
تقنية SubAir تمثل نقلة نوعية في هذا المجال، إذ لا تكتفي بتصريف المياه، بل تعمل على إدارة متكاملة للمياه والهواء داخل التربة. وتقوم الفكرة الأساسية على تركيب شبكة من الأنابيب والمضخات أسفل أرضية الملعب، قادرة على سحب المياه الزائدة بسرعة هائلة تصل إلى 36 ضعفاً مقارنة بالتصريف التقليدي، وذلك عبر “ضغط سلبي” يمنع وصول المياه إلى سطح العشب وتسببها في تجمع البرك المائية.
كيف تعمل SubAir؟
تعمل منظومة SubAir عبر نظام مزدوج ومتطور يضمن صحة العشب في كل الظروف:
الضغط السلبي (Vacuum Mode): لسحب المياه الزائدة من التربة فور هطول الأمطار، وتسريع عملية التجفيف ميكانيكياً.
الضغط الإيجابي: لضخ الهواء داخل التربة عند الحاجة، ما يحسّن تهوية الجذور، ويضبط حرارة التربة ونسبة الرطوبة. في الصيف، يعمل النظام كأداة لتبريد الجذور، وفي الشتاء يمنع تجمدها.
وتدار هذه العمليات عبر أنظمة تحكم ذكية، مزودة بمستشعرات دقيقة تقيس مستوى الرطوبة ودرجة الحرارة وكثافة التربة لحظة بلحظة، ما يسمح بإدارة دقيقة لأرضية الملعب وفق الظروف الجوية وكثافة الاستخدام، دون تدخل بشري دائم.
العشب الهجين
إلى جانب SubAir، برز العشب الهجين (Hybrid Grass) كحل مكمّل لا يقل أهمية، وهو النظام المعتمد في كبرى الملاعب العالمية مثل “سانتياغو برنابيو” الخاص بريال مدريد.
ويقوم هذا النظام على دمج العشب الطبيعي بألياف صناعية دقيقة تُغرز داخل التربة، بحيث ينمو العشب الطبيعي بينها، ما يمنح الأرضية متانة أعلى وقدرة أكبر على تحمّل الاحتكاك والضغط.
ويتميز العشب الهجين بعدة مزايا استراتيجية، أهمها تقليل تلف العشب في المناطق الأكثر استخداماً (مثل منطقة الجزاء). وتحسين ثبات اللاعبين وتقليل الانزلاق، مما يقلل من احتمالية الإصابات.
إضافة إلى الحفاظ على المظهر الطبيعي الأخضر للعشب دون التحول إلى أرضيات صناعية بالكامل، وتوفير سطح مستوٍ تماماً يضمن مساراً دقيقاً للكرة وسرعة في الأداء.
قوة الثنائية
تكمن القوة الحقيقية في دمج التقنيتين معًا. فالعشب الهجين يحتاج إلى توازن دقيق في الرطوبة والتهوية لضمان نمو الجذور بشكل صحي وتماسكها مع الألياف الاصطناعية، وهو ما توفره منظومة SubAir بكفاءة عالية.
هذا التكامل يسمح للملاعب بالعودة السريعة إلى الجاهزية بعد الأمطار الغزيرة، ويطيل العمر الافتراضي لأرضية الملعب، حتى في ظل ضغط المباريات المتتالي (أكثر من مباراة في 48 ساعة).
يشار إلى أن هذه التقنية تتواجد في الملاعب المونديالية التي حضرتها المغرب لكأس العالم 2030، وأبرزها ملعب الأمير مولاي عبد الله بالرباط، وملعب طنجة الكبير (ابن بطوطة)، وملعب فاس والمركب الرياضي بمراكش.







