قد يكون من الأهداف الأساسية لـ”إسرائيل” كدولة احتلال، سحب سلاح المقاومة الفلسطينية في مختلف محطات الصراع مع الكيان الصهيوني، من قطاع غزة. والمقاومة الفلسطينية ليست محصورة فقط بحركة حماس، ولكن بسبب ما حدث يوم السابع من أكتوبر، حيث تبنّت كتائب القسام عملية طوفان الأقصى.
نتفق أو نختلف، ليس على ما حدث يوم السابع من أكتوبر، ولكن على النتائج غير المحسوبة والكارثية التي تسبب بها العدوان الإسرائيلي، من خلال الإبادة الجماعية لشعبنا الفلسطيني في قطاع غزة.
ولم يتوقف العدوان عند حجم الخسائر البشرية والمادية فحسب، بل شمل أيضًا منع إدخال المساعدات الغذائية والأدوية ومياه الشرب، وتسبّب في المجاعة والموت الجماعي نتيجة الجوع جراء الحصار ومنع الإغاثة، في ظل استمرار العدوان الإسرائيلي.
فالهدف لا يتوقف عند رد الفعل على السابع من أكتوبر، بل يمتد إلى تهجير الشعب الفلسطيني من قطاع غزة، وهو هدف مشترك بين الإدارة الأمريكية و”إسرائيل”، كدولة احتلال وظيفية تخدم مصالح الولايات المتحدة الأمريكية، كما كان دورها الوظيفي سابقًا مع الدول الاستعمارية: بريطانيا صاحبة وعد بلفور المشؤوم، وفرنسا التي ساعدت في بناء المفاعل النووي في ديمونا وزودت “إسرائيل” بطائرات الميراج الفرنسية.
سحب سلاح المقاومة في قطاع غزة قد يكون ضرورة ذاتية في الوقت الحاضر، من أجل عدم تقديم الذرائع لـ”إسرائيل” للاستمرار في العدوان والإبادة الجماعية، وهذه المطالب تذكرني بالمفاوضات لخروج المقاومة الفلسطينية من بيروت، حين كانت جولات فيليب حبيب المكوكية إلى العاصمة اللبنانية بيروت، والمفاوضات مع الرئيس الراحل ياسر عرفات.
واليوم يتكرر المشهد ذاته. في هذا السياق، خرجت منظمة التحرير الفلسطينية من لبنان، وقد اعتقدت “إسرائيل” بعد دخول العاصمة بيروت وارتكاب المجازر والإعدامات الجماعية للفلسطينيين في مخيمي صبرا وشاتيلا، أن حقبة المقاومة الفلسطينية من لبنان قد انتهت.
لكن ظهرت المقاومة اللبنانية من مختلف الأحزاب، ونشأ حزب الله، وبفضل هذه المقاومة الوطنية اللبنانية، خرجت “إسرائيل” من لبنان، بل كان سبب نجاح إيهود باراك في الانتخابات الرئاسية للحكومة الإسرائيلية هو إعلان الانسحاب من جنوب لبنان.
وفي هذا السياق، فإن سحب سلاح حماس والفصائل الفلسطينية لا يعني انتهاء عصر المقاومة الفلسطينية، خاصة مع معاناة الفلسطينيين في قطاع غزة. فقد تأخذ المقاومة أشكالًا مختلفة، وقد تعود إلى المقاومة المسلحة في حال عجز المجتمع الدولي عن تنفيذ القرارات الصادرة عن مجلس الأمن الدولي للأمم المتحدة، والتي تمثل الحد الأدنى لشعبنا الفلسطيني: قيام الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، وحل عادل للاجئين الفلسطينيين.
ولذلك، فالقضية الفلسطينية ليست محصورة فقط في السلاح، بل في إرادة الشعب الفلسطيني الذي يرزح تحت الاحتلال الإسرائيلي منذ تأسيس دولة “إسرائيل” على الجغرافيا الفلسطينية الممتدة من نهر الأردن إلى الشواطئ الفلسطينية الساحلية على البحر الأبيض المتوسط.
لذلك، على دول العالم، وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية، أن تدرك أن الأمن والسلام والاستقرار سيكون منقوصًا طالما أن الشعب الفلسطيني لا يزال تحت الاحتلال الإسرائيلي.
ولتنشيط الذاكرة: بعد خروج المقاومة الفلسطينية من بيروت، تعرّضت منظمة التحرير الفلسطينية إلى سلسلة من محاولات خلق البدائل والانشقاقات من أطراف معادية لحقوق الشعب الفلسطيني تحت عناوين مختلفة. واليوم، يتكرر المشهد ذاته لتكريس نفس الهدف: مزيد من الانقسامات الفلسطينية.
لذلك، على مختلف الفصائل الوطنية والإسلامية والشخصيات الوطنية، المحافظة على وحدة التمثيل الفلسطيني من خلال منظمة التحرير الفلسطينية ومؤسساتها، لتحقيق الأهداف الاستراتيجية لشعبنا الفلسطيني، وأساسها: إنهاء الاحتلال الإسرائيلي.