توقف واردات الغاز الإسرائيلي يهدد قطاعات الكهرباء والصناعة في مصر

السياسي –

أعلنت وزارة البترول المصرية تنفيذ خطة طوارئ خاصة بأولويات إمدادات الغاز الطبيعي، على خلفية توقف إمدادات الغاز من إسرائيل بعد اندلاع الحرب الإسرائيلية الإيرانية.

وتشمل الخطة إيقاف إمدادات الغاز الطبيعي لبعض الأنشطة الصناعية مع رفع استهلاك محطات الكهرباء للمازوت إلى أقصى كمية متاحة والتنسيق لتشغيل بعض المحطات بالسولار، بدلا من الغاز الطبيعي.

وتواجه مصر شبح تخفيف أحمال الكهرباء وهو السيناريو الذي اضطرت إليه في العامين الماضيين خلال فصل الصيف مع انخفاض ورادات الغاز الإسرائيلي.

وتعتمد مصر منذ 2020 على واردات الغاز الإسرائيلية لاستكمال احتياجاتها من الطاقة، بمعدل يومي يتراوح من 850 مليون إلى مليار قدم مكعب، ويشكل نحو نصف إجمالي واردتها من الغاز.

وقد أُغلق حقلا ليفياثان وكاريش -وهما من أكبر حقول الغاز الإسرائيلية- صباح الجمعة الماضي.

وبعد أن كانت الأزمة تتمثل في انخفاض واردات الغاز الإسرائيلي في شهور الصيف، أدت الحرب إلى توقف كامل واردات الغاز من إسرائيل.

وكان من المتوقع أن يتم خفض كميات الغاز الإسرائيلي الموردة إلى مصر خلال شهري يوليو/ تموز وأغسطس/ آب المقبلين لما يتراوح ما بين 800 و850 مليون قدم مكعب من الغاز يومياً بدلاً من نحو مليار قدم مكعب من الغاز يومياً حالياً بسبب ارتفاع الاستهلاك المحلي في إسرائيل.

وكانت كميات الغاز الغسرائيلي الموردة إلى مصر بدأت في الانخفاض منذ منتصف شهر مايو/ أيار الماضي إلى ما يصل إلى 500 مليون قدم مكعب من الغاز يومياً.

وقال المستشار محمد الحمصاني، المتحدث باسم مجلس الوزراء المصري، إن الحكومة تعمل منذ فترة على خطة لتوفير احتياجات الدولة من المواد البترولية والغاز الطبيعي.

وأكد الحمصاني في تصريحات متلفزة، أن الدولة كانت تتحسب لأي تطورات إقليمية يكون لها تداعيات على مصر وبالتالي تعمل منذ فترة بالفعل على توفير احتياجات الدولة من كافة المنتجات البترولية والغاز الطبيعي، بخلاف أيضا تكوين مخزون استراتيجي من السلع الأساسية.

وأضاف: “نعمل على تجنب سيناريو تخفيف الأحمال في قطاع الكهرباء وهو سيناريو بعيد على الرغم من الأحداث الجارية”.

كان الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس الوزراء، أكد أنه يتم العمل على ألا يحدث أي تخفيف أحمال الكهرباء خلال فترة الصيف.

وبيّن مدبولي خلال كلمته في مؤتمر صحافي السبت من مستشفى وادي النطرون، عقب تفقد عدد من المشروعات في محافظة البحيرة: “نعمل على تحسين كفاءة محطات الكهرباء”، مشيرًا إلى أن احتياطات المازوت هذا العام وصلت إلى ضعف العام الماضي.

وأضاف: “ندعو المواطنين إلى ترشيد استخدام الكهرباء، كلنا في مركب واحد، الحكومة تعمل ما عليها ونتمنى أن يأخذ المواطن حذره ويعرف مدى العبء الكبير المالي الموجود على الدولة ويحافظ على استهلاك الكهرباء”.

كما عقد رئيس الوزراء مصطفى مدبولي اجتماعا أمس، مع محافظ البنك المركزي حسن عبد الله، ووزيري الكهرباء والبترول، لمتابعة خطة تأمين الاحتياجات من الوقود والغاز، مشددًا على ضرورة سرعة تشغيل سفن التغويز الثلاث لتأمين الإمدادات، خاصة مع قرب ذروة استهلاك الكهرباء في الصيف.

وأكد مدبولي امتلاك الدولة تعاقدات قائمة وشحنات غاز في الطريق، إلى جانب احتياطي ومخزون من المازوت لتعزيز استقرار منظومة الطاقة.

وكانت مصادر حكومية كشفت أن الحرب الإسرائيلية الإيرانية الدائرة ألقت بظلالها على سوق الغاز فى المنطقة، وأحدثت اضطرابا واسع النطاق فى سلاسل الإمداد، انعكست تداعياته المباشرة على قطاع الصناعة، خاصة مصانع الأسمدة، فيما أكدت عدم وجود نية في الوقت الحالي لخفض حصص الغاز الموجهة لصناعة الحديد.

وقالت المصادر إن مصانع الأسمدة وعلى رأسها أبوقير للأسمدة وموبكو، تلقت إشعارات بخفض كميات الغاز المورد إليها بنسبة وصلت إلى 50 بالمئة، بسبب تراجع كميات الغاز المستوردة من إسرائيل، ما أجبر بعض المصانع على تقليص الإنتاج بشكل كبير، فيما أوقفت أخرى عملياتها مؤقتا.

ولفتت المصادر إلى أن الحكومة أوقفت إمدادات الغاز لمصانع الأسمدة، أمس، مرة أخرى بشكل طارئ مع احتمالات للعودة إلى تخفيف الأحمال، إلى أن رئيس الوزراء اجتمع مع كريم بدوي، وزير البترول، ومحمود عصمت، وزير الكهرباء أمس الأول، لمراجعة سيناريوهات الطوارئ التى تخص الإمداد الطاقي وتداعياته الاقتصادية، وهذا الانخفاض الحاد في الإمدادات جاء على خلفية صيانة اضطرارية لخطوط الغاز الإسرائيلية، وتدهور الأوضاع الأمنية في شرق المتوسط بعد القصف المتبادل بين إيران وتل أبيب، ما أجبر إسرائيل على اتخاذ تدابير احترازية.

وتابعت المصادر: “تأثيرات الأزمة امتدت إلى السوق المحلية، حيث ارتفعت أسعار الأسمدة بنسبة تصل إلى 84 بالمئة خلال أقل من شهر، ما أثار مخاوف من تفاقم تكاليف الزراعة”.

وشددت على أن وزارة البترول وضعت خططا طارئة بالتعاون مع وزارة الكهرباء لتوزيع أولويات الغاز بين محطات الكهرباء والمصانع الاستراتيجية، لضمان استقرار الشبكة القومية وعدم انقطاع الكهرباء خلال الذروة الصيفية، في الوقت الذى يتم فيه مراجعة عقود الغاز الصناعي وفتح باب التفاوض مع شركات القطاع الخاص للوصول إلى حلول مرنة ومؤقتة. وقال مسؤول حكومي إن قرار وقف إمدادات الغاز الطبيعي لمصانع الأسمدة مؤقت، حيث إن الحكومة أخطرت المصانع والشركات بوقف إمدادات الغاز بنسبة 100% لحين إشعار آخر، ومن الممكن خفض حصص الغاز لبعض مصانع الحديد التى تعتمد على الاختزال المباشر.

وخلال أول 3 أشهر من 2025، تراجع إنتاج البلاد 20 بالمئة ليصل إلى 10.68 مليار متر مكعب، مقابل 13.4 مليار متر مكعب بالفترة المماثلة من العام السابق، بحسب منصة بيانات الطاقة المشتركة “جودي”.

وخلال أول 3 أشهر، بلغت الواردات نحو 4.42 مليار متر، مقابل 2.63 مليار متر في الفترة نفسها من 2024.

وزاد استهلاك مصر من الغاز خلال شهر مارس/ آذار الماضي بنسبة 12 بالمئة ليصل إلى 5.177 مليار متر مكعب مقابل 4.6 مليار متر في فبراير، وكان 49.6 بالمئة من استهلاك الغاز موجه لتوليد الكهرباء خلال مارس الماضي.

وسجل استهلاك مصر خلال أول 3 أشهر من العام الجاري 14.99 مليار متر مكعب، مقابل 15.1 مليار متر في الفترة نفسها من 2024.

ولجأت الحكومة المصرية إلى توقيع عقود طويلة الأجل مع قطر لاستيراد الغاز المسال، في خطوة وصفها خبراء بأنها إيجابية على المدى الطويل، خاصة من حيث الأسعار التي يُتوقع أن تكون أقل بنحو 20% من الأسعار الفورية الحالية.