السياسي – في قلب العاصمة التونسية، صدحت أصوات المئات من المواطنين والمواطنات، مساء الأحد، رفضا للحرب الإسرائيلية المستمرة على قطاع غزة، وتنديدا بسياسة التجويع التي تفرضها إسرائيل بحق المدنيين المحاصرين، في مسيرة دعت إليها “تنسيقية العمل المشترك من أجل فلسطين”.
وانطلقت المسيرة من ساحة الجمهورية وجابت شوارع العاصمة في اتجاه شارع الحبيب بورقيبة، الشريان الرئيسي لتونس العاصمة، حيث توحدت حناجر المشاركين تحت شعار مركزي “لا تتركوا غزة وحدها”، في تظاهرة عكست الغضب الشعبي من الصمت الدولي إزاء الحرب والمجاعة التي تُرتكب بحق أكثر من مليوني فلسطيني في القطاع.
ورفع المتظاهرون شعارات منددة بالحرب، من بينها: “بالروح بالدم نفديك يا فلسطين”، “غزة تقتل جوعا”، “الشعب يريد تجريم التطبيع”، “يا حكام عار عار غزة في حصار”.
وشارك في التظاهرة مئات التونسيين من مختلف المشارب السياسية والحقوقية والنقابية، جمعهم الضمير الإنساني وهاجس النصرة لشعب يواجه إبادة جماعية، حيث عبّروا عن رفضهم للسياسات الغربية، وخاصة الأمريكية، التي تواصل توفير الغطاء الدبلوماسي والعسكري لإسرائيل، رغم خرقها الفاضح للقانون الدولي.
وفي بيان أوضحت “تنسيقية العمل المشترك من أجل فلسطين” أن المسيرة تأتي دعما لصمود الشعب الفلسطيني في وجه الحصار والتجويع، وتفاعلا مع موجة الحراك الشعبي العالمي الرافض لتجويع المدنيين في غزة.
وفي أحدث حصيلة صادمة، أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية، اليوم، أن الوضع المعيشي في قطاع غزة بلغ مرحلة كارثية غير مسبوقة، مشيرة إلى مقتل أكثر من 900 فلسطيني أثناء محاولتهم الحصول على الغذاء في ظل انعدام الأمن الغذائي وتواصل القصف والتجويع. كما كشفت الوزارة عن مقتل 71 طفلا بسبب الجوع وسوء التغذية، نتيجة النقص الحاد في المواد الأساسية وشحّ المساعدات.
“لا تتركوا غزة وحدها”
وقال عضو “تنسيقية العمل المشترك من أجل فلسطين”، إن هذه المسيرة تأتي في إطار تحرك شعبي مستمر تشهده تونس منذ بدء الحرب على غزة، وهي جزء من نداء شعبي عالمي بدأ يتشكل في مختلف العواصم، للتنديد بما وصفه بـ”سياسة الإبادة الجماعية” التي تنفذها إسرائيل في القطاع.
وأضاف: “هذه المسيرة تحمل رسالة مزدوجة: أولا، إعلان التضامن اللامشروط مع شعب غزة المحاصر، وثانيا، تحميل المجتمع الدولي مسؤولية الانتهاكات الجارية عبر صمته أو تقاعسه أو دعمه الفعلي للحرب”.
واعتبر أن صوت الشعوب هو أحد الأسلحة الأخلاقية المتبقية في وجه آلة القتل الإسرائيلية، وأن رفع الصوت في وجه إسرائيل هو واجب أخلاقي وإنساني، مشيرا إلى أن “التخاذل تجاه ما يحدث في القطاع يعدّ تخلٍّ عن المسؤولية الإنسانية خاصة في ظل ما يعيشه سكان غزة من كارثة إنسانية متصاعدة”.
وأوضح أن إسرائيل انتقلت من سياسة القتل بالقصف إلى سياسة القتل بالتجويع، في محاولة لتركيع سكان غزة، بعد أن قطعت عنهم الغذاء والماء والدواء والمساعدات، في انتهاك فاضح لكل الأعراف الدولية والإنسانية.
وتابع: “اليوم، وبعد ما يقارب السنتين على الحرب، لم يعد بإمكان أحد أن يتذرع بالجهل. الصور واضحة، والأرقام فاضحة، والموت صار الخبز اليومي في قطاع غزة”.
وأشار المتحدث إلى أن التواطؤ الدولي، وتحديدا الدعم الأمريكي السياسي والعسكري، هو ما يجعل آلة القتل الإسرائيلية تستمر دون مساءلة، مؤكدا أن الرسالة التي يحملها التونسيون اليوم هي أن “الاحتجاج ليس خيارا، والتخاذل تواطؤ”.
وختم تصريحه بالتأكيد أن الشعب التونسي، من خلال هذا التحرك، يريد أن يعبّر عن موقفه الراسخ في دعم الحق الفلسطيني، ورفض سياسة العقاب الجماعي التي تمارسها إسرائيل، مشيرا إلى أن الحراك سيتواصل بأشكال مختلفة، من بينها حملات المقاطعة، والضغط على صانعي القرار لقطع كل أشكال التطبيع.
