أقترح على جائزة نوبل استحداث تصنيف جديد، وهو جائزة نوبل للإرهاب، وتخصص الجائزة لإرهاب الدولة والتي أكاد أجزم أن دولة إسرائيل من أكثر الدول التي ستحصد تلك الجائزة بلا منافس، فهي العنوان الحقيقي للإرهاب، وهي من أكثر الدول إبداعًا في استحداث جرائم إرهابية، ولعل الحالة الفريدة التي تتميز إسرائيل فيها عن كل دول العالم وتمنحها أحقية بالحصول على الجائزة إبداعها في استحداث جرائم ضد الإنسانية، ولعل امتلاكها سجونا للموتى تجسيد حقيقي لهذا الإبداع.
إسرائيل هي الدولة الوحيدة التي استنفذت تطبيق كافة مفردات جرائم الحرب، فهي ارتكبت منذ السابع من أكتوبر/2023م سلسلة من الجرائم (إبادة جماعية – تطهير عرقي – تهجير قسري – تهجير طوعي – قطع المياه والكهرباء والغذاء على السكان أي تطبيق مبدأ العقاب الجماعي – تدمير المساجد والكنائس والمدارس والمستشفيات والمواقع الأثرية – الحصار– التعذيب – الاعتقال التعسفي – تعذيب الأسرى – الإعدام خارج القانون – احتلال الأرض وانتهاك المقدسات – حرق الأطفال – اغتصاب النساء – سرقة الممتلكات خلال مداهمات منازل المواطنين) الخ… نعم، هذه هي الحقيقة، فإسرائيل الدولة الوحيدة في العالم التي تمارس جرائم ضد الإنسانية وسط تواطؤ دولي، وازدواجية معايير في توصيف سلوكها بالمقارنة مع غيرها من الدول، وما لا يصدقه العقل البشري أن إسرائيل تفرض عقوبات على الجثث، حيث أنها تحتجز أعدادًا غير معروفة من جثث الشهداء الفلسطينيين والعرب الذين استشهدوا في مراحل مختلفة من الكفاح الوطني.
في وقت سابق – قبل طوفان الأقصى – إسرائيل اعترفت بأنها تحتجز في مقابرها (سجونها) 119جثماناً، بينما الحقيقة كما يقول: سالم خلة رئيس حملة استرجاع جثامين الشهداء الفلسطينيين لقناة الجزيرة بتاريخ 23/12/2014م، إن العدد الحقيقي حسب توثيق الحملة قد بلغ 262 جثماناً. وأجزم أن العدد خلال طوفان الأقصى تضاعف عشرات المرات. وسأسلط الضوء في هذا المقال على سجون الموتى في إسرائيل كأحد الجرائم البشعة التي تكشف وجه إسرائيل الحقيقي. أين تحتجز إسرائيل تلك الجثامين…؟ وهل هذا الاحتجاز يتوافق والقانون الدولي الإنساني..؟
أليس الأجدر بأن تصنف إسرائيل على قوائم الإرهاب بدلا من أن يتم تصنيف المقاومة الفلسطينية…؟ نقلت موسوعة المعلومات بيانات ومعلومات عن مقابر الأرقام، فهي مقابر سرية عبارة عن مدافن بسيطة، محاطة بالحجارة بدون شواهد، ومثبت فوق القبر لوحة معدنية تحمل رقمًا معينًا، ولهذا سميت بمقابر الأرقام لأنها تتخذ الأرقام بديلاً لأسماء الشهداء. ولكل رقم ملف خاص تحتفظ به الجهة الأمنية المسؤولة، ويشمل المعلومات والبيانات الخاصة بكل شهيد.
وقد كشفت مصادر صحفيّة إسرائيلية وأجنبية في السنوات الأخيرة معلومات عن أربع مقابر أرقام ونبذة عن أعداد الجثامين التي دفنت بها، وهي:
1.مقبرة الأرقام المجاورة لجسر «بنات يعقوب»، وتقع في منطقة عسكرية عند ملتقى الحدود الإسرائيلية – السورية – اللبنانية، وتفيد بعض المصادر عن وجود ما يقرب من 500 قبر فيها لشهداء فلسطينيين ولبنانيين، غالبيتهم ممن سقطوا في حرب 1982، وما بعد ذلك.
2.مقبرة الأرقام الواقعة في المنطقة العسكرية المغلقة بين مدينة أريحا وجسر داميه في غور الأردن، وهي محاطة بجدار، فيه بوابة حديدية معلق فوقها لافتة كبيرة كتب عليها بالعبرية «مقبرة لضحايا العدو»، ويوجد فيها أكثر من مائة قبر، وتحمل هذه القبور أرقاماً من ( 5003 – 5107).. (ولا يعرف إن كانت هذه الأرقام تسلسليه لقبور في مقابر أخرى أم كما تدعي إسرائيل بأنها مجرد إشارات ورموز إدارية، لا تعكس العدد الحقيقي للجثث المحتجزة في مقابر أخرى).
3.مقبرة «ريفيديم»، وتقع في غور الأردن.
4.مقبرة «شحيطة»، وتقع في قرية وادي الحمام، شمال مدينة طبريا، الواقعة بين جبل أربيل وبحيرة طبريا. غالبية الجثامين فيها لشهداء معارك منطقة الأغوار بين عامي 1965 –1975. وفي الجهة الشمالية من هذه المقبرة ينتشر نحو 30 من الأضرحة في صفين طويلين، فيما ينتشرفي وسطها نحو 20 ضريحًا، ومما يثير المشاعر كون هذه المقابر عبارة عن مدافن رملية قليلة العمق، ما يعرضها للانجراف، فتظهر الجثامين منها، لتصبح عرضة لنهش الكلاب الضالة.
تستخدم قوات الاحتلال الإسرائيلي سياسة الباب الدوار كما تفعل مع الأحياء بالضبط، تفرج عن جثمان ثم تعود لتأسر جثمانًا آخر في عملية مستمرة تكاد لا تنتهي في ظل صمت المجتمع الدولي ومؤسسات حقوق الإنسان على تلك الجرائم التي تخالف أبسط قواعد القانون الدولي والأعراف والقيم السماوية والأخلاقية.
ويبقى السؤال المطروح في ظل ما تمارسه إسرائيل حالياً في قطاع غزة من إبادة جماعية: كم عدد مقابر الأرقام حالياً، وكم تحتضن من الجثامين…؟ إن إسرائيل تستحق بجدارة الحصول على جائزة نوبل للإرهاب، فمقابر الأرقام هي أحد أشكال الإرهاب المتعددة التي تمارسها الدولة العبرية ضد الفلسطينيين، بينما يقوم العالم ضمن ازدواجية معايير منحازة لصالح الاحتلال بالصمت على تلك الجرائم، بل تذهب إلى تصنيف الضحية وهي فصائل المقاومة الفلسطينية، بالإرهاب.