جبهة البوليساريو تؤكد استعدادها لتقاسم فاتورة السلام مع المغرب

السياسي – أعلنت جبهة البوليساريو استعدادها لتقاسم فاتورة السلام مع المغرب، من خلال تقديم مقترح موسع لحل قضية الصحراء الغربية، يهدف إلى “تمكين الشعب الصحراوي من ممارسة حقه في تقرير المصير، واستعادة السلم والاستقرار في المنطقة”.

ويأتي ذلك في ظل حديث متزايد عن سعي الإدارة الأمريكية للإلقاء بكامل ثقلها في هذا الملف، حيث صدرت إشارات من عدة مستشارين للرئيس الأمريكي دونالد ترمب تفيد برغبة الأخير في حل هذا النزاع الذي يمتد إلى نحو خمسين عاما، خلال الأشهر المقبلة.

وفي بيان رسمي، أوضحت الجبهة الشعبية التحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب (البوليساريو) أنها قدّمت إلى الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، نص مقترحها الموسع المعنون “مقترح جبهة البوليساريو من أجل حل سياسي مقبول من الطرفين يضمن تقرير مصير شعب الصحراء الغربية ويستعيد السلم والاستقرار الإقليميين”، وذلك في وقت يستعد فيه مجلس الأمن للنظر في ولاية بعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في الصحراء الغربية (المينورسو).

وأفاد البيان بأن هذه الخطوة تأتي كبادرة حسن نية واستجابة لقرارات مجلس الأمن، بما في ذلك القرار 2756 (2024)، الذي شدد مجدداً على أهمية توسيع الطرفين في مواقفهما من أجل التوصل إلى حل سياسي للنزاع.

وذكّر الأمين العام لجبهة البوليساريو، إبراهيم غالي، بأن الجبهة كانت قد قدمت مقترحها الأول إلى الأمين العام للأمم المتحدة في 10 أبريل 2007، والذي أحاط مجلس الأمن علماً به ضمن قراره 1754 (2007) والقرارات اللاحقة. وأوضح أن المقترح يسعى إلى تمكين الشعب الصحراوي من ممارسة حقه غير القابل للتصرف في تقرير المصير من خلال استفتاء تحت إشراف الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي، مع إبداء استعداد الدولة الصحراوية للتفاوض مع المملكة المغربية لإقامة علاقات استراتيجية وذات منفعة متبادلة بين البلدين.

وأكد إبراهيم غالي أن “جبهة البوليساريو، بتقديمها مقترحها الموسع، تظل مستعدة لتقاسم فاتورة السلام مع الطرف الآخر، إذا توفرت لديه الإرادة السياسية لفعل الشيء نفسه، بغية التوصل إلى حل عادل وسلمي ودائم يضمن للشعب الصحراوي تقرير مصيره ويعيد الاستقرار إلى المنطقة، بما يتماشى مع مقاصد ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة وأهداف ومبادئ القانون التأسيسي للاتحاد الأفريقي.”

وشدد على أن “التوصل إلى حل سلمي وعادل ودائم للنزاع في الصحراء الغربية ليس أمراً ملحاً فحسب، بل إنه ممكن أيضاً، إذا توفرت إرادة سياسية حقيقية للابتعاد عن الحلول المفروضة من جانب واحد، وإذا وُجدت الشجاعة السياسية وبعد النظر اللازمان للعمل المشترك نحو سلام شامل ومستدام، وبناء مستقبل قائم على الاحترام المتبادل وعلاقات حسن الجوار والتعاون”.

واختتم البيان بالتأكيد على “استعداد جبهة البوليساريو للدخول في مفاوضات مباشرة وجادة مع المملكة المغربية، بحسن نية ودون شروط مسبقة، تحت رعاية الأمم المتحدة، على أساس روح ومضمون المقترح الموسع، بهدف التوصل إلى حل عادل وسلمي ودائم يضمن تقرير مصير الشعب الصحراوي ويعيد السلم والاستقرار الإقليميين”.

واللافت في هذا البيان وجود رفض ضمني لخطة الحكم الذاتي المغربية التي باتت تؤيدها الولايات المتحدة وعدة دول أوروبية مؤثرة، وتأكيد جبهة البوليساريو على حق تقرير المصير وقيام الجمهورية الصحراوية في أراضي الصحراء الغربية، وهو خلاف جوهري بين طرفي النزاع المغرب وجبهة البوليساريو.

ومن جانبها، ترفض الجزائر مقترح الحكم الذاتي، وتؤكد أنها ستقبل بالحل الذي يرتضيه الصحراويون، مثلما ورد في خطاب الرئيس عبد المجيد تبون أمام قادة الجيش مؤخرا. وتقول الجزائر في أسباب رفضها للخطة التي يقترحها المغرب لتسوية النزاع في الصحراء الغربية، إن مضمون وأسس وأهداف ما يسمى بـ”الحكم الذاتي”، تشكل سابقة خطيرة تهدد أساس الشرعية الدولية وميثاق الأمم المتحدة”.

وتعتبر في وثيقة سبق أن سلمتها لمجلس الأمن سنة 2022، أن “منح أي مصداقية للقوة القائمة بالاحتلال ولما يسمى مقترح الحكم الذاتي سيعني، وللمرة الأولى منذ إنشاء الأمم المتحدة، إضفاء الشرعية من قبل المجتمع الدولي على احتلال وضم إقليم والسيطرة على شعبه بالقوة”. وأبرزت أن فكرة إعطاء هذا المقترح أي اعتبار “قد ترقى إلى محاولة مسايرة خطة رجعية تتعارض مع عقيدة تصفية الاستعمار الراسخة والمعروفة لدى الأمم المتحدة”.

وبحسب تقرير لصحيفة “إل كونفيدونسيال” الإلكترونية الإسبانية فإن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يريد التوصل إلى اتفاق بين الجزائر والمغرب و”فرض السلام على الرباط وجبهة “البوليساريو” بتطبيق خطة “الحكم الذاتي” المغربية، و”دفن حق تقرير المصير للصحراء الغربية”، وهو ما قد يزيد من تعقيد الوضع في ظل رفض الصحراويين لأي حل خارج تقرير المصير.