قال الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب أن الفشل في إطلاق سراح الرهائن سيؤدي إلى رد قاسٍ قائلا : «إذا لم يتم إطلاق سراح الرهائن قبل 20 يناير 2025، وهو التاريخ الذي أعود فيه بفخر لمنصب رئيس الولايات المتحدة، فسيكون هناك جحيم يدفع ثمنه الشرق الأوسط” وحسم المرشح الجمهوري ترامب انتخابات الرئاسة الأمريكية 2024، بالفوز على منافسته الديمقراطية كامالا هاريس، بعد تمكنه من بلوغ حاجز الـ270 صوتاً من أصوات المجمع الانتخابي، وبعد معركة انتخابية شرسة وملاحقات قضائية لا تزال مستمرة،
وكان الرئيس الأمريكي الجمهوري الفائز دونالد ترامب أثار جدلا كبيرا بتصريح عن مساحة إسرائيل وقال ترامب في كلمته أمام الجالية اليهودية في حدث لإطلاق تحالف “أصوات يهودية من أجل ترامب” في أمريكا “هل هناك طريقة للحصول على المزيد من الأراضي لإسرائيل، لأنها “صغيرة” على الخريطة بالمقارنة مع الدول الأخرى في الشرق الأوسط؟”
وكان الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن أعلن أنسحابه من الترشح لانتخابات الرئاسه القادمه ،وإحلال نائبته كامالا هاريس مكانه كمرشحة للحزب الديمقراطي في الانتخابات الرئاسيه ، وبإنسحاب بايدن تنتهي مرحله من مراحل التمهيد والأعداد ل “صفقة القرن ” التي بدأت في عهد ترامب لتأتي المرحله الأهم وهي “التنفيذ” ،لذا كان متوقعا عودة ترامب مره أخرى الي البيت الأبيض لإستكمال ما بدأه مع صهره جاريد كوشنر.
وعلي الرغم من أن بايدن كان مؤيدا كبيرا لإسرائيل وما قدمه من خدمات جليه لأسرائيل لا تخفي علي أحد خاصة بعد حرب غزه، إلا أن حالته الصحيه وقدرته علي مواصلة فترته الرئاسيه الثانيه في حال فوزه في الانتخابات الرئاسيه أصبحت محل شك كثير من المراقبين واعضاء مجلسي النواب والشيوخ من الديمقراطيين، الذين طالبوه أكثر من مره بالأنسحاب خاصة بعد ظهوره الباهت في المناظره الاخيره بينه وبين ترامب، وقد بدا جليا انه في حاله يرثي وخرج انطباع لدي الكثيرين بأنه غير قادر علي مواصلة مشواره السياسي والانطباعات في السياسه كالحقائق حتي أن الصحفي الأمريكي توماس فريدمان القريب من دوائر صنع القرار ،كتب مقالا بعد المناظره أشفق فيه علي بايدن وقال فيه ” المناظره أبكتني وعلي بايدن حفظ كرامته والانسحاب” وقد رضخ بايدن أخيرا للضغوطات التي مورست علية وأعلن أنسحابة متأخرا من سباق الانتخابات الأمريكية مما قلل فرص فوز “كامالا هاريس” التي دخلت السباق متأخرا
كما أن بايدن كان يختلف في الاسلوب عن ترامب وان كان الهدف واحد ،فبايدن كان يريد العودة إلى إدارة الصراع وليس إلى حله وذلك عن طريق التنسيق الأمني وبقية الالتزامات مع إسرائيل واستئناف العلاقات مع السلطة، والمساعدات للفلسطينيين فضلا عن الغموض حول ما إذا كان سيعود بايدن إلى سياسة باراك أوباما بخصوص المنطقه العربيه والربيع العربي وإعادة دمج الإسلام السياسي في الحكم وهل كان سيعيد الاتفاق مع إيران وإن كان بشكل جديد، مما سيكون له ارتدادات كبيرة على المنطقة، وهذه السياسه لا تتماشى مع العقليه الإسرائيلية التي ترفض ذلك في الوقت الحالي، و تعتقد ان هذه المرحله قد انتهت وبالتالي انتهي معها دور بايدن لذا وجب عليه الانسحاب لتهيئة الاجواء لعودة ترامب
أذن فالمرحله القادمه هي مرحلة ترامب فهو لا يكتفي بتأييد إسرائيل سياسيا وعسكريا فحسب ،بل يؤيدها لأسباب عقائدية ودينية فاليمين الإسرائيلي المتطرف الذي يعمل على إقامة “إسرائيل الكبرى”، وطرح رؤيته التي تستهدف تصفية القضية الفلسطينيه تماما، وتهجير سكانها والتي بدأت بحرب غزه وتبني خطط مثل “الوطن البديل”للفلسطينيين عن طريق تهجيرهم، وخطة “الإمارات السبع” الإسرائيلية التي تقوم على فك وإعادة السلطة وتقسيم الأماكن التي تسيطر عليها السلطه، لكي تصبح فقاعات أو تجمعات عدة داخل الضفه يسهل التحكم بها مما جعل ترامب مناسبا لهذة المرحلة
فعليا انهت اسرائيل كامل خططتها ضد حماس وحزب اللة ولكن بقيت بعض اللمسات الاخيرة لتحقيق هدفها بإعادة ما تبقى من المخطوفين الاحياء وجثث الاموات وتقوية الدولة اللبنانية والجيش اللبناني وانهاء اليونيفيل والاستعاضة عنه بالجيش اللبناني او جهة محايدة هي اقرب للشركات الامنية الخاصة مع اقتطاع جزء من الحدود الشمالية اللبنانية لبناء منطقة عازلة،اما غزة فستكون على مرمى مرحلة جديدة ما بين التهجير والإعمار غير المرتبط بالفلسطينيين مع قوات متعددة الجنسيات تقودها أمريكا وسيصبح لدى امريكا قاعدة عسكرية جديدة في الشرق الاوسط اسمها “غزة” مع إقتطاع شمال غزة لتكون منطقة عازلة
،وبالنسبة للضفة الغربية فقد انتهت فيها القضية الفلسطينية لتتحول إلى قضية اقتصادية لتجمعات سكانية ناطقة بالعربية في” يهودا والسامرة” وهو المصطلح الذى تطلقت إسرائيل علي الضفه الغربية وسيضخ اموال واستثمارات فيها وستكون اوروبا وامريكا والسعودية حاضرة فيها والسيادة لإسرائيل مع وجود إدارة خدماتية لوجستية وربما يتبؤها فلسطينيون من حملة الهوية الاسرائيلية اي من القدس او عرب 48.
كما أن ترامب سوف يشجع إسرائيل على تهجير الفلسطينيين إلى سيناء والأردن والسودان وغيرها من الدول ،حتى تستكمل الحركة الصهيونية تحقيق هدفها في إقامة دولة يهودية نقية بأقلية فلسطينية مفككة ،مما يمنع استمرار وجود حوالي 7 مليون فلسطيني على أرض فلسطين بما يهدد إسرائيل اليهودية،كما سيدفع ترامب تطبيع إسرائيل مع الدول العربيه وخاصة السعوديه إلى منتهاه ،كما سيمضي في العقوبات والعداء ضد إيران، وقد يصل إلى شن حرب ضدها وهذا ما تريده أسرائيل في هذه المرحله ،وهو تكسير أذرع أيران في المنطقه بالقضاء علي حزب الله في لبنان والحوثيين في اليمن والمقاومة العراقية في العراق ثم قطع رأس الاخطبوط في طهران والقضاء عليه وقد يكون هذا هو الجحيم الذى توعد به ترامب منطقة الشرق الأوسط .
خلفيات الدعم الأميركي للكيان الإسرائيلي والتي عاد ترامب الي البيت الابيض لتطبيقها واضحة جدا وتصل الي حد التطابق الإستراتيجي في المخططات والمشاريع بينهما ويعرض المشروع الخطير الذي اقترحه المؤرخ الصهيوني الأميركي الشهير برنارد لويس ونشرته مجلة “إكسكيوتف بروجكت” التي تصدرها وزارة الدفاع الأميركية في يونيوسنة 2003، والذي اقترح فيه تقسيم الشرق الأوسط إلى أكثر من ثلاثين دويلة إثنية ومذهبية لحماية المصالح الأمريكيه وإسرائيل،والذي يعتبر المخطط الذي وعد ترامب بتنفيذه حال وصولة للسلطه حينما تسائل مستنكرا ” هل هناك طريقة للحصول على المزيد من الأراضي لإسرائيل لأنها “صغيرة” على الخريطة بالمقارنة مع الدول الأخرى في الشرق الأوسط؟”
ويتضمن المخطط تجزئة العراق إلى ثلاث دويلات، وإيران إلى أربع، وسوريا إلى ثلاث، والأردن إلى دويلتين، ولبنان إلى خمس دويلات، وتجزئة السعودية إلى دويلات عدة.والسعي الحثيث لتجزئة مصر إلى أربع دويلات: قبطية في الشمال وعاصمتها الإسكندرية، ونوبية عاصمتها أسوان في الجنوب، ومسلمة عاصمتها القاهرة، ورابعة تحت النفوذ الإسرائيلي.”
ويرى برنارد لويس أن كل الكيانات ستشلّها الخلافات الطائفية والمذهبية،ومن هنا جاءت فكرة القتال بين السنه والشيعه بتغذية الخلافبين السنه والشيعة وتأجيج الفتنه بينهما وما يحدث في سوريا الأن ليس ببعيد عن ذلك ففجأه ظهر جيش تحرير الشام وكان تسليحه أمريكي تركي اوروبي باعتباره جيش السنه وفي المقابل سيكون جيش بشار الاسد والذي تناصره إيران وروسيا وميليشيات الحشد الشعبي من العراق وحزب الله في لبنان وهو جيش شيعي ويحدث الصراع والصدام بين الجيشين السني والشيعي والمستفيد الأول هو إسرائيل لأنها بهذا ستبعد الأنظار عما يحدث في غزه ويبعد الضوء عنها رغم أنها هي اصل الصراع وبصمت وبعيدا عن الاعلام سيبدأ تهجير الفلسطينيين من غزه فيما يطلق عليها “الحرب الصامته “، كما سيكون هناك صراع على النفط والمياه والحدود والحكم بين كل هذه الكيانات ، وهذا ما سيضمن تفوّق إسرائيل في الخمسين عاما القادمة على الأقل.
مشروع برنارد لويس الصهيوني الأميركي يتضمن تقسيم الشرق الأوسط إلى أكثر من ثلاثين دويلة إثنية ومذهبية وطائفيه تقتتل فيما بعضها البعض لحماية المصالح الأميركية وإسرائيل، حيث سعت “إسرائيل” إلى تضخيم مشكلة الأقليات العرقية والدينية واستغلالها ضد أي مشروع وحدوي، وحضّها على التمرد والانفصال. وهذا ما نراه في لبنان وسوريا والعراق واليمن حيث أن الموقف الصهيوني من الأقليات في الوطن العربي مبني على أساس “شد الأطراف ثم بترها”، بمعنى مد جسور العلاقة مع الأقليات، ثم جذبها خارج النطاق الوطني، ثم تشجيعها على الانفصال
خطورة المشروع الصهيوني، أنه يتعدى فلسطين ليمسّ الأمن القومي للبلدان العربية كلها لذا فعلى العرب والمسلمين أن يتحمّلوا مسؤولياتهم في مواجهة هذا الكيان الغاصب لأن المشروع الصهيوني غير معني فقط بإنشاء دولة يهودية في فلسطين، وإنما معنى أيضاً بإضعاف العالم العربي وتمزيقه وتجزئته وإبقائه في دائرة التبعية والتخلف ،وهو يثبت أن نجاح المشروع الصهيوني في فلسطين واستمراره، مرتبط ببقاء ما حوله من بلاد عربية ضعيفة ممزقة مختلفة، وأن قوة العرب والمسلمين ووحدتهم وتقدمهم يعني إضعاف هذا الكيان الغاصب وزواله. وأن الكيان الإسرائيلي لا يمثل خطراً على الفلسطينيين وحدهم، وإنما يستهدف عناصر القوة والنهضة في الأمة العربية ،فهل هذا هو الجحيم الذى توعد به ترامب وينتظره الشرق الأوسط ؟؟