إعلان الرئيس محمود عباس التوجه مع القيادة الفلسطينية لغزة أمام البرلمان التركي يوم الخميس 15 آب/ أغسطس الحالي، كما ذكرت سابقا ليس للشو الإعلامي، ولا لرفع العتب عن الذات الشخصية والمسؤولية الوطنية، انما هي خطوة جدية وضرورية، وتعكس الإصرار على تكريسها على الأرض لتحقيق جملة من الأهداف الوطنية في هذا الوقت الحساس والاستثنائي من تاريخ القضية الوطنية والصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وبعد مضي 318 يوما من الإبادة الجماعية على الشعب في قطاع غزة: أولا التأكيد على ان منظمة التحرير الفلسطينية، الممثل الشرعي والوحيد، وحكومتها الشرعية، هما أصحاب الولاية السياسية والقانونية عن أراضي دولة فلسطين في الضفة بما فيها القدس العاصمة الأبدية وقطاع غزة؛ ثانيا لكسر حدة الاستعصاء في استعادة الوحدة الوطنية، ودفع العربة الوطنية قدما للأمام لحماية الحقوق والمصالح الوطنية العليا للشعب؛ ثالثا التأكيد على ان القطاع جزء أساسي من الوحدة الجغرافية والسياسية والإدارية من الوطن والشعب الفلسطيني؛ رابعا وفي ذات الوقت للتأكيد على ان مستقبل القطاع كجزء من الدولة الفلسطينية تقرره القيادة الفلسطينية دون سواها من القوى الإقليمية والدولية؛ خامسا للرد ودحض المواقف الإسرائيلية الرافضة لوحدة الأرض والشعب الفلسطيني، ورفضا لأي اجسام بديلة عن الشرعية الوطنية، بغض النظر عن عناوينها وخلفياتها؛ سادسا لوقف الإبادة الجماعية على الشعب الفلسطيني، المستمرة منذ 11 شهرا حتى الآن؛ سابعا لتهيئة الظروف المناسبة للشروع بالعملية السياسية من خلال عقد المؤتمر الدولي للسلام فورا وبرزنامة زمنية محددة.
ولهذا شرعت القيادة الفلسطينية مباشرة أولا بإرسال رسائل لجامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي وللأمين العام للأمم المتحدة والاقطاب الدولية الخمس والاتحاد الأوروبي، اكدت فيها على التوجه للجناح الثاني من الوطن، والحاجة لتأمين الوصول للقطاع؛ ثانيا وجهت رسالة لدولة إسرائيل للتنسيق للزيارة. لا سيما وان الشعب الفلسطيني ما زال يخضع للاحتلال الإسرائيلي؛ ثالثا طالبت الولايات المتحدة الأميركية والقوى الدولية النافذة بالضغط على إسرائيل لإلزامها بالتنسيق لوصول الوفد بقيادة الرئيس أبو مازن للقطاع؛ رابعا عقد اجتماع اليوم الثلاثاء 20 آب/ أغسطس للجنة التنفيذية لمنظمة التحرير لوضع اللمسات الضرورية لإنجاح الأهداف الوطنية المرجوة من وجود القيادة في قطاع غزة.
وبالضرورة المفترض من اللجنة التنفيذية للمنظمة بالتشاور مع رئيس المجلس الوطني لعقد دورة للمجلس المركزي في أقرب الآجال بهدف تبني الخطوة الشجاعة التي أعلنها الرئيس عباس في التوجه للقطاع، ولرسم وصياغة الرؤية السياسية والتنظيمية لمواجهة تحديات المرحلة الحالية والمقبلة. وأرى من الضروري دعوة حركتي حماس والجهاد الإسلامي للمشاركة في دورة المجلس المركزي، ودفع عربة الوحدة الوطنية خطوة عملية للأمام.
ومن المؤكد ان حكومة الائتلاف الإسرائيلي الحاكم لن توافق على التنسيق لوصول الوفد الى القطاع، انسجاما مع برنامجها ورؤيتها الرافضة للتواصل بين جناحي الوطن، وطي صفحة الانقلاب، الذي مضى عليه 17 عاما خلت.
لا بد من الاستعانة بالأشقاء والأصدقاء والاقطاب الدولية وخاصة الإدارة الأميركية لتجسيد الخطوة، إذا كانت صادقة في تبنيها خيار حل الدولتين، وأيضا باللجوء الى مجلس الامن الدولي والجمعية العامة والمحاكم الدولية لفرض عقوبات على دولة إسرائيل الاستعمارية، لدفعها للالتزام بوصول الوفد القيادي الفلسطيني مع الأمين العام للأمم المتحدة، غوتيريش والزعماء العرب الذين يوافقون على المشاركة مع الرئيس أبو مازن في توجهه لقطاع غزة، وغيرهم من رؤساء الدول الإسلامية.
بالنتيجة التوجه الى القطاع يعتبر خطوة مهمة ونوعية، وهي جزء أساس من المسؤوليات الوطنية لترميم الجسور بين الكل الفلسطيني، ولوقف الإبادة الجماعية التي أدمت قلوب أبناء الشعب الفلسطيني، ولقطع الطريق على الأهداف الإسرائيلية المعادية لوحدة الأرض والشعب والمشروع الوطني، ولتكريس النظام السياسي الفلسطيني، صاحب الولاية الشرعية على أراضي دولة فلسطين المحتلة.