جرائم شفافة

الدكتور محمد أمين عبوب.

-بكثير من الإعجاب- حدثتني أختي الكبرى -المتتبعة الوفية لبرامج الجريمة والتحقيقات- عن التقدم الكبير الذي وصلت إليه أجهزة الأمن والتحري في الدول الغربية في أوروبا وأمريكا بشكل خاص؛ حيث تمكنت هذه الأجهزة والوكالات من حل القضايا الحاصلة مؤخرا وتلك العالقة منذ عشرات السنوات باستخدام النتائج العلمية المتوصل إليها عبر تقنيات كالتعرف عبر الحمض النووي (DNA)؛ والتعرف عبر كاميرات المراقبة والتتبع والرصد الفضائي، بالإضافة إلى تطور طرق التحقيق والتحكم النفسي في المتهمين، حيث تحل القضايا الإجرامية من قتل واغتصاب واعتداءات بمختلف أنواعها في أوقات قياسية.

تسعى المجتمعات الغربية إلى أن تكون الأجهزة الأمنية قوية عبر كادر بشري مكون ووسائل تقنية متطورة للوصول السريع للمجرم ومعاقبته؛ وذلك للمكر الكبير الذي يتميز به المجرمون ما يجعل القضايا غامضة ومعقدة؛ على عكس ذلك ما يحدث في غزة لا هي قضية غامضة ولا معقدة، القضية بينة، إبادة جماعية يقترفها الكيان الصهيوني في حق العزل من أطفال ونساء وعجائز؛ مع ذلك عجزت الدول الغربية عن تحديد ما يحدث أو تسميته، فلا الولايات المتحدة سمت هذه الفضائع بالعدوان ولا الدول الأوروبية المتشدقة بقضايا حقوق الإنسان وحقوق الأقليات في الدول العربية، ولا تمكنت من تحديد التجاوزات المقترفة في حق مئات الآلاف من المدنيين ومدى اختراقها للمواثيق الحقوقية، كما تبين عجز المنظمات الإنسانية في إسعاف الضحايا والجوعى والمعطوبين، كما عجزت حتى المنظمات الأممية من إصدار قرارات تدين المجرم وتنصف الضحية، كل الجرائم التي تقترف لا تحتاج إلى تحليل حمض نووي أو تقنيات تعقب أو رصد مع ذلك لا أحد يراها بل لا أحد يبالي بها.

جرائم شفافة؛ لا يكاد يلاحظها أحد، تلك دماءٌ لبشر من الدرجة السابعة لا تنطبق عليهم إتفاقيات حقوق الإنسان فهي إتفاقيات أوجدت لتصون كرامة الإنسان الأبيض لتحافظ على إنسانيته (المعلولة)، أما الأمم والألوان الأخرى فهي من درجات دنيا، وكل تلك المنظمات التي لا عمل لها سوى إصدار تقارير عن حرية المثليين والجنوسيين بأنواعهم التي لم نعد نطيق عدها؛ وحقوق الأقليات التي أصبح البشر العاديون يحسون أنهم أقلية أمام تغولها، وكل تلك الأفكار المريضة التي لا تعمل إلا على سلب إنسانية الإنسان.

aboubamine@gmail.com