السياسي – بثت القناة الرابعة البريطانية تحقيقا من داخل إحدى المدارس الدينية اليهودية، حيث وثق كمّا كبيرا من الأفكار والدروس الدينية التي تغذي التطرف بين عناصر جيش الاحتلال الإسرائيلي قبل إرسالهم إلى المناطق والمدن الفلسطينية.
وركز التحقيق على أكاديمية بني دافيد، وهي الأكاديمية التي يتلقى فيها الشبان دروسا دينية قبل التحاقهم بالجيش.
ويبدأ الوثائقي بمشهد للضابط الإسرائيلي ييل رائيل في غزة وهو يقول: “عدنا إلى غزة، وسنحصل على المزيد قريبا، وسنصل قريبا إلى دمشق وبيروت”، ليشير الوثائقي إلى أنه “في قلب الجيش الإسرائيلي يتمركز متشددون يتبعون أيديولوجية متطرفة”. ورائيل خرج من هذه الأكاديمية وهو مسؤول شؤون الخريجين فيها.
كما يظهر ضابط آخر، الذي درس سابقا في الأكاديمية، يلقي كلمة في مجموعة من الجنود في غزة ويتحدث إليهم بقصص دينية؛ من قبيل الحرب بين النبي جوشوا والعماليق. ويقول: “لن ننسى للحظة أو نسامح العماليق على ما فعلوه بنا في 7 أكتوبر. أيها الجنود، الليلة سنقتحم غزة. غزة هي عضو حيوي من جسد دولة إسرائيل وتم سلخها عنها”.
ويقول التحقيق إن الأكاديمية مسؤولة بشكل خاص عن انتشار الأيديولوجيا الدينية المتطرفة في صفوف جيش الاحتلال الإسرائيلي.
وينقل التحقيق عن المحامي الإسرائيلي نيهوريا أن “هؤلاء يؤمنون بأن لديهم مهمة إلهية لتخليص العالم واحتلال جميع الأراضي الموعودة”، بما فيها الضفة الغربية وغزة وأجزاء من لبنان وسوريا، “وتحويل هذه المدن إلى مدن إسرائيلية”، استنادا إلى التوراة. وقال إن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو يعتمد على هؤلاء للبقاء في الحكم.
وتمكن التحقيق من دخول الأكاديمية التي أقيمت في مستوطنة يهودية في الضفة الغربية المحتلة، والتقى مع مسؤولي المدرسة إضافة إلى عدد من طلابها، مشيرا إلى نحو أربعة آلاف من طلابها خدموا في صفوف جيش الاحتلال في غزة، كما سبق أن درس في هذه المدرسة عدد من كبار قادة الجيش، بينهم السكرتير العسكري لنتنياهو، والقائد العسكري في الضفة الغربية. كما التحق عدد من طلاب المدرس بالدوائر الحكومية والإعلام.
كما حلل التحقيق مئات الساعات من الدروس التي يتلقاها الطلاب، وهي منشورة عبر الإنترنت، وتحتوي خصوصا على قصص دينية يهودية. وفي أحد الدروس يتحدث المدرّس عن قتل الجميع بمن فيهم “الرجال والنساء والأطفال والرضّع” في الحرب. ويظهر من خلال هذه الدروس المسجلة حجم الخطاب العنصري تجاه الفلسطينيين والعرب.
ورغم أن الأكاديمية واجهت انتقادات من داخل إسرائيل، إلا أنها تحظى بتمويل حكومي، وتمثل نموذجا بالنسبة لعدد من المؤسسات الأخرى. وسبق أن حصل أحد مؤسسيها، وهو الحاخام إيلي سيدان على أهم جائزة في إسرائيل، من قِبل نتنياهو عام 2016.
وفي وقت سابق من هذا العام حمّل سيدان جميع سكان غزة مسؤولية هجوم 7 أكتوبر، وقال: “هذه الحرب يجب أن تنتهي بالنصر الكامل. كلهم مسؤولون عما حدث، وكل ما حدث قبل ذلك. لن يبقى غزيّون في غزة”.
وبشكل مشابه، تحدث الحاخام ليفينسفين، وهو مؤسس مشارك آخر في الأكاديمية، مروّجا لفكرة إجبار الغزيين على الهجرة إلى خارج قطاع وتوزيعهم على الدول العربية.
وينقل التحقيق عن لويس الذي خدم سابقا في جيش الاحتلال في الضفة الغربية إلى جانب عسكريين تلقوا دروسا في الأكاديمية، أنه صُدم من الأفكار المتطرفة التي يحملها هؤلاء، مشيرا إلى أنهم يكررون “التبريرات التقليدية بأن هذه الأرض لنا، وأن الفلسطينيين ليسوا موجودين، وأنهم مهاجرون عرب ولا علاقة لهم بهذه الأرض”.
وأضاف: “يمكنني أرى هذه العملية من منح الشرعية والتطبيع مع مثل هذا الخطاب”، مشيرا إلى أن ما تلقنه الأكاديمية للجنود قبل التحاقهم بالخدمة يؤثر بالتأكيد على عقول الشبان الذين أصبحوا الآن يحملون السلاح.
من جانبه، وردا على الخطاب بأنه ليس هناك أحد بريء من الفلسطينيين والأرض لليهود، وأنها حرب ضد العماليق؛ ألا يشجع هذا الجنود على أن يروا كل الفلسطينيين كأعداء ويدفعهم لارتكاب جرائم حرب؟ زعم المدير التنفيذي للأكاديمية ليئور شتول، بأن “هذا كان في وقت آخر ولا يعني اليوم، وعليك أن تلاحظ الفرق بين العالم الروحي والعالم المادي”، وأن الحرب في غزة تستهدف المقاتلين فقط حسب زعمه.







