السياسي – أظهرت رسائل إلكترونية مسرّبة من أرشيف رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إيهود باراك أن المدان بارتكاب جرائم جنسية جيفري إبستين استخدم شبكته السياسية وثروته المالية للمساعدة في التوسط لاتفاق تعاون أمني بين حكومتي إسرائيل ومنغوليا.
ورغم أهمية هذه الرسائل التي تكشف جانبًا جديدًا من أنشطة إبستين، فإنها لم تحظَ باهتمام واسع من وسائل الإعلام التقليدية، رغم ما تتضمّنه من سياق إضافي مهمّ يوضح طبيعة عملياته وتأثيره.
ومن المعروف أن إبستين كان يتمتع بعلاقات شخصية وثيقة مع إسرائيل، شملت شخصيات سياسية بارزة مثل إيهود باراك وإيهود أولمرت، كما قدّم تبرعات لمنظمات إسرائيلية بينها جمعية “أصدقاء الجيش الإسرائيلي”. إلا أن الوثائق المسرّبة تُظهر لأول مرة أنه لعب دور الوسيط في إبرام اتفاق أمني بين إسرائيل ودول أخرى، من بينها منغوليا.
وسُرّبت الرسائل على يد مجموعة “حنظلة” التضامنية مع فلسطين، ونُشرت عبر منصة «ديسtributed Denial of Secrets» (DDoSecrets)، وهي منظمة غير ربحية معنية بتسريب الوثائق ومشاركة الملفات، وفقًا لتقرير نشره معتز حسين وراين غريم على منصة ” substack”.
ورغم أن الرسائل لا تتضمّن توقيعات رقمية تثبت صحتها، فإنها تحوي كمًا ضخمًا من الصور والوثائق الخاصة التي لم تُنشر سابقًا، وتشمل معلومات لم تكن معروفة للعامة في حينه.
وتغطي الرسائل الفترة بين عامي 2013 و2016، وتكشف عن تواصل شبه يومي بين إبستين وباراك، تناول قضايا سياسية واستراتيجية تجارية، إذ كان إبستين ينظم لقاءات لباراك مع شخصيات من النخبة السياسية والمالية.
ويُذكر أن إبستين أقرّ عام 2008 بذنبه في تهم تتعلق بـ”استغلال قاصر لأغراض الدعارة”، بينما نفى باراك معرفته بأي من جرائم الاتجار الجنسي التي ارتكبها إبستين.
وهذه المادة هي الأولى ضمن سلسلة تحقيقات تهدف إلى تسليط الضوء على دور إبستين في خدمة المصالح العسكرية والأمنية الإسرائيلية، وبالأخص مساهمته في تطور صناعة الحرب الإلكترونية الإسرائيلية.
فخلال العقدين الماضيين، برزت إسرائيل كلاعب محوري في مجال تقنيات المراقبة والهجمات السيبرانية، إذ وفّرت أدوات اختراق متطورة يمكن تسويقها بشكل جاهز لأجهزة الأمن والجيش حول العالم.
ومع انتشار تقنيات «الاختراق من دون نقر» (zero-click) وتزايد الأجهزة المتصلة بالإنترنت في المنازل والمكاتب والمصانع، توسعت قدرات أجهزة التجسس بشكل غير مسبوق.
وفي خلفية هذا الازدهار السيبراني، كان إبستين يستغل علاقاته السياسية والمالية لدعم باراك، وبالتالي الحكومة الإسرائيلية، في توسيع نفوذ شركات التجسس الإسرائيلية داخل دول أجنبية.
فقد دعم إبستين صناعة الاستخبارات الإسرائيلية عبر استثمارات في رؤوس الأموال المغامرة وتبرعات لمنظمات “غير حكومية” لعبت دورًا تمهيديًا لعقد صفقات أمنية رسمية.
وتفتح قصة اتفاق التعاون الأمني الموقع عام 2017 بين إسرائيل ومنغوليا نافذة على الحجم الحقيقي لشبكة إبستين ونفوذه.
يُشار إلى أن نشر هذه التحقيقات يواجه أحيانًا ضغوطًا وتهديدات قانونية، رغم أن المعلومات موثقة، وهو ما يجعل دعم القرّاء أساسيًا لاستمرار هذا النوع من العمل الصحافي الاستقصائي.
يُذكر أن جيفري إبستين، رجل أعمال أمريكي، اتُّهم بإدارة شبكة واسعة من الاستغلال الجنسي للقاصرات، بعضهن لم تتجاوز أعمارهن 14 عامًا، ووُجد ميتًا في السجن عام 2019 أثناء احتجازه.