لست ممن يتشفّون ولا يتاجرون بالجثث كائنا من كان الميت. لكن الفضيحة التي حصلت في تشييع الأمين العام السابق لحزب الله حسن نصر الله تستدعي التوقف خلالها عند جملة مشاهدات.
أولا: حرص القاتل أي إسرائيل على مواكبة التشييع من الجو بتحليق مكثف للمقاتلات الحربية فوق مدينة كميل شمعون الرياضية في بيروت ما أشاع جوا من الذعر بين المشاركين. وإمعانا في الإذلال وزع الإسرائيليون مشاهد جديدة لعملية اغتيال نصر الله حرصوا على بثها أثناء الجنازة.
ثانيا: ينتابني الفضول لمعرفة من كتب كلمة الأمين العام الحالي لحزب الله نعيم قاسم. كان ضائعا يقول الفكرة ونقيضها.
مثلا :
نحن أبناء الخميني وخامنئي ثم …نحن أبناء لبنان.
قلت نحن أبناء لبنان ونفاجأ بأن من تلا القرآن الكريم شيخان إيرانيان. لا أعتقد لبنان يخلو من الشيوخ.
ألقى كلمة من مكان سري عبر الفيديو حفاظا على حياته وسلامته قال فيها ويا للعجب “لن نتخلى عن المقاومة لو هدموا البيوت على رؤوسنا” . طيب يا شيخ نعيم لماذا خفت أن تحضر التشييع؟ أم البيوت طالما تهدم على رأس غيرك فلا مشكل.
قلت يا شيخ نعيم لن نتخلى عن المقاومة ثم قلت فوضنا الدولة. ثم قلت المقاومة لا تعني أن نطلق النار كل يوم .وقلت نثق بالجيش في الحفاظ على السيادة . عذرا مش فاهم.
أيضا لدي سؤال. قلت نحن أبناء لبنان وهذه الدولة وتحت سقف اتفاق الطائف الذي أنهى الحرب اللبنانية. طيب ماشي أين أصبحت ولاية الفقيه التي لا تعترف أصلا بدولة لبنان وكيانه كما هو.
طالبت يا شيخ نعيم الدولة بإعادة إعمار ما تهدم. هل سألتم الدولة قبل اتخاذ قرار الحرب رأيها. الآن صارت الدولة بنظركم مهمة وموجودة وتعترفون بها؟ أم تريدون الدولة فقط لتنظيف القذارة؟
كان حسن نصر الله اختلفت أو اتفقت معه يتمتع بكاريزما جماهيرية. أذلّوه في تشييعه.
الحضور الخارجي اقتصر على إيران.
الحضور الجماهيري كما تردد ٢٠٠ ألف أي نحو ١٣ بالمئة من الناخبين الشيعة هذا مع الطائرات التي أتت من الخارج والمخيمات الفلسطينية في لبنان. كان الأولى بهم تشييعه بدون هذه البهرجة وبدون هذه التعبئة التي على ما يبدو فشلت. وبدون حفلة الاستفزاز التي سبقت التشييع بأيام.
حسن نصر الله لو سار في خيار لبنان ومحيطه العربي الذي هو امتداده الطبيعي لكانت الملايين حضروا التشييع من كل الأقطار العربية. فلا يمكننا الإنكار ما تمتع به الراحل سابقا من تأييد لدى الملايين من العرب. فانتهى به الأمر شبه وحيد مع رئيس البرلمان الإيراني قاليباف الذي كان وجه السحارة في الحضور.
مفارقة كبيرة وأرجو ألا يفهم كلامي تشفيا. نصر الله شيع في المدينة الرياضية التي أعاد رفيق الحريري بناءها بعد الحرب لتتهم لاحقا المحكمة الدولية اثنين من حزب الله بقتله.
بالحقيقة الرئيس اللبناني جوزيف عون وفي يوم تشييع نصر الله لخص الوضع بجملة واحدة أسمعها للوفد الإيراني الذي زاره: ” لبنان تعب من حروب الآخرين”
يعني بالعامية والسوقية اللبنانية … حلّو عنّا
