حشد ترسل مذكرة إحاطة شاملة للهيئات الدولية حول عامين من حرب الإبادة الجماعية على غزة

ارسلت الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني (حشد) مذكرة إحاطة رسمية إلى عدد واسع من الهيئات الدولية والإقليمية، شملت كلًّا من المقرر الخاص المعني بالأراضي الفلسطينية المحتلة، ومجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة (UNHRC)، ومحكمة الجنايات الدولية (ICC)، وبرنامج الأغذية العالمي (WFP)، ومكتب منسق الشؤون الإنسانية (OCHA)، وهيئة الأمم المتحدة للمرأة (UN Women)، ومنظمة الصحة العالمية (WHO)، وجامعة الدول العربية، ومنظمة التعاون الإسلامي، والاتحاد الأوروبي، والاتحاد الأفريقي، حملت عنوان:
“عامان من حرب الإبادة الجماعية على غزة”.

وأكدت الهيئة في مذكرتها أن الاحتلال الإسرائيلي ارتكب خلال العامين الماضيين جرائم إبادة جماعية وجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، في انتهاك صارخ لأحكام القانون الدولي الإنساني ومواثيق حقوق الإنسان، ما أدى إلى مقتل أكثر من 65 ألف فلسطيني، معظمهم من المدنيين، وإصابة ما يزيد عن 160 ألفًا، وفقدان قرابة 9,700 شخص تحت الأنقاض أو في مناطق يتعذر الوصول إليها.
كما أشارت الإحاطة إلى أنّ نحو 2.3 مليون شخص بحاجة ماسة إلى المساعدات الإنسانية، بينهم 1.1 مليون طفل، بينما نزح أكثر من 1.9 مليون مواطن قسريًا من منازلهم، وفقد 1.46 مليون طفل حقهم في التعليم بسبب الدمار الكامل للبنية التعليمية.

أنماط جرائم الحرب والانتهاكات الموثقة

أولاً: القتل العمد والإبادة الجماعية

ذكرت الإحاطة أن سلطات الاحتلال استهدفت المدنيين بصورة مباشرة وممنهجة، حيث تجاوز عدد المجازر الموثقة 3,800 مجزرة منذ السابع من أكتوبر 2023، وأبيدت آلاف العائلات الفلسطينية بالكامل.
وأوضحت الهيئة أن النساء والأطفال يشكلون 60% من مجموع الضحايا، مؤكدة أن الاحتلال مارس استهدافًا متعمدًا للنساء والفتيات عبر سياسات ممنهجة تضمنت الحرمان من الغذاء والرعاية الصحية، والعنف الجنسي، والاعتقال، والتعذيب.

استهداف الصحفيين

تحوّلت مهنة الصحافة – بحسب الإحاطة – إلى الأخطر عالميًا، حيث قُتل 254 صحفيًا وإعلاميًا فلسطينيًا نتيجة القصف المباشر أو أثناء أداء عملهم، وتعرضت مقرات ومكاتب إعلامية للقصف والتدمير، مما أدى إلى شلل شبه كامل في المشهد الإعلامي بغزة.

استهداف المدافعين عن حقوق الإنسان

أشارت الهيئة إلى أنّ المحامين ونشطاء حقوق الإنسان في غزة تعرضوا للاعتقال والاحتجاز التعسفي والتعذيب، كما جرى تدمير مكاتب مؤسسات حقوق الإنسان وحرمان الضحايا من الوصول إلى العدالة أو تقديم الشكاوى القانونية.

استهداف التعليم والأكاديميين

أدى القصف الإسرائيلي إلى مقتل 12,800 طالب ومعلم وتدمير مئات المدارس والجامعات، وتحويل بعضها إلى ملاجئ أو مستشفيات ميدانية قبل أن يتم استهدافها مجددًا.

استهداف الأشخاص ذوي الإعاقة

وثّقت الإحاطة أنّ الحرب خلفت آلاف الإصابات التي تسببت بإعاقات دائمة، في ظل فقدان المراكز المتخصصة والأجهزة الطبية المساعدة، ما جعل هذه الفئة أكثر الفئات تضررًا إنسانيًا وصحيًا.

ثانيًا: الإبادة المكانية والتدمير الممنهج للبنية التحتية

أبرزت الإحاطة أن الاحتلال نفّذ إبادة مكانية غير مسبوقة، حيث تم تدمير 370 ألف وحدة سكنية، بينها 150 ألف وحدة دمرت كليًا، وأزيلت 86 برجًا سكنيًا بالكامل.
كما دُمّر أكثر من 80% من مدن ومخيمات غزة، و83% من المدارس، و42 مستشفى و122 مركزًا صحيًا، فيما خرجت 38 مستشفى عن الخدمة بشكل كامل.
وأضافت أن الاحتلال دمّر كذلك 85% من المباني الحكومية و93 مركز شرطة و8 مقار للنيابات و6 محاكم، مما أدى إلى انهيار منظومة العدالة.

وشملت الهجمات أيضًا 27 مقرًا لمنظمات دولية وأكثر من 80 جمعية أهلية فلسطينية، إلى جانب مكاتب وكالة الأونروا التي استُهدفت في أكثر من 25 موقعًا.

أما على الصعيد الاقتصادي، فقد بلغت الخسائر أكثر من 19 مليار دولار خلال عامين، وتم تدمير 70% من الأراضي الزراعية، و80% من الطرق الرئيسية، و92% من شبكة الكهرباء، و90% من أنظمة الصرف الصحي، ما جعل غزة منطقة غير صالحة للحياة.
كما دُمّرت 98 موقعًا أثريًا و42 مركزًا ثقافيًا و36 منشأة رياضية، واستُهدفت 73 خيمة إيواء للنازحين، ما أسفر عن مقتل أكثر من 1,100 مدني كانوا يبحثون عن مأوى.

ثالثًا: التهجير القسري والتجويع كسلاح حرب

بيّنت الهيئة أن الاحتلال نفّذ عمليات تهجير قسري جماعي طالت أكثر من 1.8 مليون فلسطيني، في انتهاك صارخ للقانون الدولي.
كما استخدم التجويع كسلاح حرب عبر فرض حصار خانق ومنع دخول المساعدات الغذائية، ما تسبب في مجاعة مؤكدة طالت 600 ألف شخص، وأدت إلى وفاة 475 مدنيًا، بينهم 178 طفلًا جراء سوء التغذية.
وأكدت الهيئة أن استهداف المدنيين أثناء انتظارهم للمساعدات الغذائية يمثل جريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية.

رابعًا: انهيار الخدمات الأساسية والمنظومة الصحية

ذكرت الهيئة أن 94% من مستشفيات غزة قد تضررت أو دُمرت، ولم يتبقّ سوى 19 مستشفى تعمل في ظروف كارثية، مع نقص حاد في الأسرة والإمدادات الطبية.
كما تعرّض التعليم لانهيار شامل بعد تدمير 90% من المؤسسات التعليمية، ما حرم أكثر من 750 ألف طالب من التعليم.

خامسًا: استهداف المؤسسات الإنسانية والدولية

أشارت الإحاطة إلى مقتل 181 عاملًا إنسانيًا خلال عام 2024 وحده، واستهداف قوافل ومخازن الإغاثة، وتقييد عمل وكالة الأونروا، ومنع إدخال المساعدات، وتدمير مقرات الجمعيات الأهلية، مما أدى إلى شلل شبه كامل في الاستجابة الإنسانية.
كما نددت الهيئة بتجريم العمل الإنساني ووصم المؤسسات المحلية والدولية بـ”الإرهاب” لتبرير استهدافها أو حرمانها من التمويل.

جرائم إبادة وجرائم حرب وفق القانون الدولي

أكدت الهيئة أن الأفعال الإسرائيلية تندرج بوضوح ضمن جرائم الإبادة الجماعية وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية وفق نظام روما الأساسي واتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية لعام 1948، مشيرة إلى أن السياسات الإسرائيلية تهدف إلى تدمير جماعة وطنية على أساس قومي.
كما أدانت استمرار تزويد إسرائيل بالأسلحة من دول غربية وشركات كبرى مثل “بوينغ” و”لوكهيد مارتن” و”إلبيت سيستمز”، معتبرة ذلك تواطؤًا مباشرًا في الجريمة.

مطالب الهيئة الدولية حشد

في ختام الإحاطة، دعت الهيئة المجتمع الدولي إلى تحرك عاجل وفوري، وطالبت بما يلي:

  1. الوقف الفوري وغير المشروط لحرب الإبادة الجماعية على غزة.

  2. ضمان تدفق المساعدات الإنسانية دون عوائق وتوفير الحماية للعاملين الإغاثيين.

  3. دعم التحقيقات الدولية ومحاسبة قادة الاحتلال أمام المحكمة الجنائية الدولية.

  4. فرض العقوبات على إسرائيل والشركات المتورطة في تزويدها بالأسلحة.

  5. دعم الدعوى المقامة أمام محكمة العدل الدولية وتنفيذ التدابير المؤقتة.

  6. توفير حماية دولية للشعب الفلسطيني عبر بعثة أممية.

  7. إلزام إسرائيل باحترام القانون الدولي واتفاقيات جنيف.

  8. إنهاء الاحتلال وضمان حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره.

واختتمت الهيئة مذكرتها بالتأكيد أن أي تأخير في التحرك الدولي يعني استمرار المأساة الإنسانية وتفاقم خطر انهيار الأمن والسلم الدوليين، مشددة على أن صمت العالم تجاه هذه الإبادة يمثل تواطؤًا في الجريمة.