حشد: غزة بين شبح الإبادة الجماعية والتجويع المنهجي وتوطؤ دولي

الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني “حشد” تتابع ببالغ القلق والأسى التصعيد غير المسبوق للانتهاكات المنهجية والوحشية التي ترتكبها قوات الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة بحق السكان المدنيين العزل. وتشجب الهيئة بأشد العبارات المجازر الوحشية المرتكبة بحق أكثر من مليوني فلسطيني يُذبحون ويُقتلون أمام أنظار العالم، في انتهاك صارخ ومتمادٍ لقواعد القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان.

إن ما يجري في قطاع غزة منذ أكثر من 20 شهرًا، وتحديدًا منذ استئناف حرب الإبادة الجماعية بتاريخ 18 مارس 2025، يشكل جريمة مكتملة الأركان بموجب نظام روما الأساسي لعام 1998، واتفاقيات جنيف الأربع. وتكشف هذه الجرائم تواطؤًا دوليًا فجًا، يتصدره الدعم العسكري والسياسي غير المشروط من الولايات المتحدة الأمريكية، التي تواصل عرقلة جهود وقف إطلاق النار عبر استخدام حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن، كما حدث في 4 يونيو الجاري.

ووفق بيانات وزارة الصحة في قطاع غزة، فقد ارتفع عدد الشهداء منذ 7 أكتوبر 2023 إلى (54,981) شهيدًا، إضافة إلى (126,920) مصابًا، معظمهم من النساء والأطفال. ومنذ استئناف الحرب الأخيرة في 18 مارس، استُشهد (4,701) فلسطيني وأُصيب (14,879) آخرون، فيما بلغ عدد الشهداء خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية فقط (54) شهيدًا و(388) مصابًا.

ويأتي ذلك وسط أوضاع كارثية؛ يمكن رصدها على النحو التالي:

مواصلة وإصرار سلطات الاحتلال استخدام التجويع والتعطيش كسلاح حرب منهجي، حيث تُمنع دخول أكثر من (55,000) شاحنة مساعدات إنسانية، وتُقوض أعمال المنظمات الدولية كالأمم المتحدة ومنظمة الصحة العالمية. بل وتُسهّل قوات الاحتلال سرقة المساعدات من خلال استهداف عناصر الشرطة المرافقة لها، مما أسفر عن استشهاد (754) عنصرًا من الشرطة الميدانية. نتيجة لذلك، تفشت المجاعة وبلغت نسبتها (100%)، وبات ملايين الفلسطينيين يواجهون خطر الموت جوعًا وعطشًا، خاصة الأطفال وكبار السن، في كارثة إنسانية غير مسبوقة.
استمرار ارتكاب الاحتلال الإسرائيلي مجازر دموية متكررة في محيط محور “نتساريم” جنوب قطاع غزة، حيث استُشهد اليوم ٧ مواطنين واصيب أكثر من 100 اخرين فيما يوم امس الثلاثاء 10 يونيو 2025 ما لا يقل عن (17) مواطنًا وأصيب (224) آخرون أثناء محاولتهم الحصول على مساعدات غذائية، بعد أن تحولت مراكز التوزيع إلى أفخاخ موت. وقد سبق ذلك مجازر مشابهة في 8 و9 يونيو أسفرت عن استشهاد أكثر من (34) مدنيًا وإصابة ما يزيد عن (240) آخرين.وخلال أسبوعين فقط منذ افتتاح مراكز توزيع المساعدات في 27 مايو، قُتل أكثر من (١٥٠) مواطنًا وأُصيب نحو (1000)، ولا يزال (9) في عداد المفقودين، في استهداف مباشر لتلك المراكز.
استمرار الاحتلال في تنفيذ مخطط التهجير القسري من خلال إصدار أوامر إخلاء في شمال وجنوب القطاع، تشمل خانيونس، الشجاعية، وجباليا. وأُجبر السكان على النزوح تحت القصف والجوع والدمار، نحو ثلاث “فقاعات إنسانية” محرومة من أبسط مقومات الحياة. ويُقدّر أن الاحتلال يسيطر حاليًا على نحو (80%) من مساحة القطاع، في انتهاك واضح لمبادئ القانون الدولي الإنساني.
مواصلة قوات الاحتلال سياسة الأرض المحروقة، عبر التدمير الشامل للبنية التحتية: المياه، الكهرباء، الاتصالات، والمرافق الصحية، ما أسفر عن انهيار النظام البيئي والصحي في القطاع. وتسبّب منع إدخال الوقود والمعدات في شلل خدمات المياه والصرف الصحي، وارتفاع نسبة الدمار العام إلى (88%).
استهداف الطواقم الطبية والإنسانية والصحفية والتي أسفرت عن استشهاد ثلاث مسعفين اثناء اداءهم لمهامهم الانسانية بما يرفع عدد الشهداء من الاطقم الطبية والمسعفين الى (1460) من الكوادر الطبية، و١١٨ من العاملين في الدفاع المدني،  عدا عن تدمير (144) سيارة إسعاف، وإخراج (38) مستشفى عن الخدمة. كما تُدين استشهاد (227) صحفيًا منذ بدء الحرب، كان آخرهم الصحفي مؤمن محمد أبو العوف.
مواصلة جرائم الاحتلال الإسرائيلي  في الضفة الغربية ومدينة القدس والتي كان اخرها اقتحام قوات الاحتلال الإسرائيلي مدينة نابلس ما تسبب في استشهاد ٢ من  المواطنين واصابة العشرات،  من جهة اخري وعلي اثر العقوبات التي فرضت علي بن غفير وسموتريش من قبل بعض الدول، اصدرت إسرائيل قرارات جديدة تهدد المنظومة المصرفية الفلسطينية والتي أعلن عنها وزير المالية الإسرائيلي “سموتريتش” والمتعلقة بإنهاء العمل بالترتيبات المالية مع البنوك الفلسطينية، ومنع البنوك الإسرائيلية من التعامل معها، ما يُنذر بانهيار شامل للنظام المالي الفلسطيني وحرمان آلاف الموظفين والعمال من رواتبهم، وتعميق الأزمة الاقتصادية والإنسانية في الضفة الغربية وقطاع غزة، ويشكل ذلك عقابًا جماعيًا جديدًا يتنافى مع القانون الدولي ويهدد بانفجار اجتماعي واقتصادي.
الهيئة الدولية “حشد” اذ تؤكد على أن صمت المجتمع الدولي، وتقاعسه عن مساءلة الاحتلال، يمثل تواطؤًا مفضوحًا، يقوّض العدالة الدولية، ويمنح الاحتلال غطاءً لمواصلة جرائمه، واذ تدعو المجتمع الدولي  للتحرك الجاد لوقف الإبادة الجماعية وقف المجاعة الكارثية، والغاء الالية الأمريكية-الإسرائيلية الفاشلة لتوزبع المساعدات وضمان حرية عمل مؤسسات الامم المتحدة وباقي المنظمات الدولية الإنسانية فإنها تسجل وتطالب بما يلي:

دعوة مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة بصيغة متحدين من اجل السلام لإصدار قرار ملزم بوقف شامل وفوري لإطلاق النار في قطاع غزة، دون شروط ، وتشكيل تحالف دولي إنساني لضمان حماية المدنيين والمنشأت المدنية في قطاع غزة.
تسريع التحقيقات في جرائم الابادة المرتكبة من قبل الاحتلال الإسرائيلي، ومحاسبة المسؤولين عنها أمام المحكمة الجنائية الدولية باستخدام مبدأ الولاية القضائية الدولية .
رفع الحصار فورًا عن قطاع غزة، والسماح بدخول المساعدات الإنسانية، والمستلزمات الطبية، وضمان توزيعها الآمن والكافي ومن خلال اليات الامم المتحدة .
فرض المقاطعة والعقوبات علي دولة الاحتلال الإسرائيلي والعمل علي توفير الحماية الدولية للمدنيين الفلسطينيين، بما يشمل مناطق اللجوء ومراكز توزيع المساعدات، وفقًا لاتفاقيات جنيف.
الضغط على حكومة الاحتلال الإسرائيلي للتراجع الفوري عن قراراتها المالية التعسفية بحق البنوك الفلسطينية، والتي تُمثل عقابًا جماعيًا جديدًا.
دعوة الشعوب الحرة ومؤسسات حقوق الإنسان والمجتمع المدني الدولي إلى التحرك العاجل من أجل وقف جرائم الإبادة الجماعية وباقي الجرائم الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة.