حقائق تاريخية

بلال حمدان

. – ١ –
هل حقيقة أن الإنسان العربي بشتى طوائفه ومذاهبه حاكماً كان أو محكوماً فرداً او نظاماً لا يستطيع أن يفعل شيء لأنهاء المجاعة في غزة ؟؟؟؟
لا تستطيع أي قوة عربية لأي نظام عربي منفرداً او مجتمعين التأثير على كيان الاغتصاب لوقف الذبح اليومي بالنار وبالتعطيش والتجويع لفلسطيني غزة ؟؟
وماذا عن أهل اليمن … السودان … والمجاعة التي تفتك بهم ؟؟؟؟ .
هل وصل العجز الى هذه المرحلة أم هو التأمر ولو بالصمت ؟؟؟ .
ولنبقى في فلسطين فمنها البداية وفيها النهاية.
حقيقة لا تقبل الجدال أن كل الثورات التي انطلقت في فلسطين ولأجل فلسطين أجهضت عربيا منذ سنة 1917 وان الزعامة الوطني الفلسطينية أفشلت قتلا او أبعاداً بتأمر عربي من محمد جمجوم وعطا الزير وفؤاد حجازي حتى الحاج أمين الحسيني وياسر عرفات.
وحتى منتصف خمسينات القرن الماضي كانت الأنظمة العربية خاضعة مباشرة للاحتلال الأجنبي ولكن استمرار خيانة النظم العربية بعد الاستقلال يؤكد حقيقة أن الإستقلال شكلي وتأسيس الدول تم بتوافق يخدم أولا الاستعمار الأوروبي سابقا والامريكي لاحقا ومشروعه الخاص بإقامة وطن قومي لليهود في فلسطين وأن لاحقا تجاوزه المشروع الصهيوني الخاص بإقامة وطن قومي لليهود بين نهري الفرات والنيل.
وحدها حركة فتح والتي انطلقت على يد مجموعة من طليعة ثورية سنة 1965 كانت قد استوعبت المرحلة وأدركت بقناعة مطلقة التصاق النظام العربي بالقوى المعادية للأمة العربية عموما وفلسطين خصوصا فابتعدت عن القرار العربي وأصرت على استقلالية القرار الوطني الفلسطيني رغم قناعتها الراسخة وبمفاهيمها الأساسية ( ان فلسطين جزء لا يتجزأ من الوطن العربي وان الشعب الفلسطيني جزء أساسي من الامة العربية ) وشكلت حركة فتح جدار حماية للفصائل التي شاركتها الوطنية الفلسطينية مثل الجبهة الشعبية ( جورج حبش )
والجبهة الديمقراطية ( نايف حواتمة )
ولم تنجح باقي الفصائل في استقلالية قرارها للأسباب التالية:
1-انها في الأصل شكلت من رحم نظام عربي او حزبه الحاكم .
2-انها تتبع فكر نظام عربي وبالتالي سياسته وقراراته.
3-انها ربطت بقائها بدعم مالي ومعنوي وسياسي من نظام عربي.
ونعود لحقيقة ان النظام العربي رغم تناقضاته لكنه يجمعه ويوحده هدف القضاء على أي إطار ثوري فلسطيني وبعضها همه الأول القضاء على الوطنية الفلسطينية وقد أكدت سنوات الصراع الستين سنة منذ انطلاق الثورة الفلسطينية المعاصرة حقيقة أنهم لا يفرقون بين إطار فلسطيني وآخر على صعيد فكري او برامجي فاليسار كاليمين والعلماني او الشيوعي كالإسلامي كلهم أطر فلسطينية معادية
وتبقى حقيقة ان هذه النظم قد أنشئت على إتفاق سايكس وبيكو 1916 وإتفاق سان ريمو 1920 وكلاهما يقضيان بان لا وطن ولا هوية ولا شعب يحمل إسم فلسطين وما تزال هذه النظم ملتزمة باتفاقيات قيامها رغم تجدد رأس الهرم في كل الأنظمة.
وليس خافيا ان سقوط القيصرية في روسيا سمح للبلاشفة الثوار الروس أن يكشفوا كل هذه الاتفاقيات والا لظلت مخفية لعمر غير معلوم.
ونعم كان هناك أنظمة شذت عن هذه الاتفاقيات في نشأتها حيث جاءت بغفلة من الزمن الغربي ووقت إشتداد التنافس بين معسكرين الشرقي والغربي فظهرت بعض أنظمة ليس على الاتفاقيات الأوروبية ولكنها تساوقت مع جوهر ما يجمع النظام العربي وهو العداء للوطنية الفلسطينية وان كانت أسبابها تختلف فهمها السيطرة على القرار الفلسطيني لتمنح نظامها دور وظيفي في الإقليم يتساوق مع المحاور الدولية شرقية وغربية فخلقوا تيارات فكرية وفصائل سياسية وعسكرية لأضعاف الثورة بل وجعلها تقتتل داخليا.
وعموما جاء الربيع العربي ليعيد تنظيم أمر هذه النظم ويتم الحاقها بالتبعية المطلقة للغرب ومشاريعه التي أهمها إبقاء كيان الصهاينة طبيعيا وزعيما لمنطقة الشرق الأوسط وقائدا بالعصا والجزرة لامة العرب وقد نجح المعسكر الغربي بما سمي ثورات الربيع العربي بإعادة الأنظمة المارقة عن مشاريعها للحظيرة.
في شهر 11 تشرين الثاني من سنة 1977 افتتح (أنور السادات) طريق التطبيع والتحالف العلني مع الصهيونية لتكريس كيان الإحتلال على أرض فلسطين بشرعية عربية وصفق بحدة لكلمة مناحيم بيغن أمام الكنيست مذكرا من تناسى من امة العرب بوعد بلفور بذكراه ال 66 لأطلاق الوعد المشؤوم والذي أعتبر الالتزام بتحقيقه أول شروط قبول أي نظام عربي.
فتحقيق وعد بلفور هو الأساس الذي قامت عليه اتفاقيات كامب ديفيد ووادي عربة ولاحقا الاتفاقيات الإبراهيمية.
اما ما عرف باسم إعلان المبادئ أوسلو فهو خارطة طريق كان من الممكن ان يوصل لاتفاق كسابقاته ولاحقاته لولا الوعي الفلسطيني متمثلا بحركة فتح عموما وقائدها ياسر عرفات الذي رأى حقيقة ما يساق اليه فدفع حياته ثمنا لقراره بالرفض ودفعت كل حركة فتح وما زالت تدفع اثمانا باهظة لثباتها على وطنتيها الفلسطينية وحقوق شعبها المشروعة حيث تواجه حركة فتح ألف معركة ومن كل الجهات وتطعن كل لحظة بسلاح مختلف….. أقلها ايلاما سلاح النار والرصاص وأشدها بشاعة التخوين والتكفير.
(يريدوني اما أسيراً او طريدا او قتيلاً وانا أقول لهم شهيدا شهيدا شهيدا)
بهذه العبارة اختصر الشهيد ياسر عرفات كل الحكاية بين الاستعمار والزعامة الوطنية فكان شهيدا.
يتبع ….