قناة N12 – الجنرال يسرائيل زيف
الانطباع السائد هو أن الحكومة الإسرائيلية فقدت بوصلتها تماماً في الحرب على غزة، ولم تعد تجد طريقاً للخروج منها.
فبعد أن فشلت كل المناورات ومحاولات ملاحقة “المخربين” في تحقيق الحسم المنشود، على حساب مزيد ومزيد من القتلى، جاء الفشل الذريع في “حرب التجويع” التي باشرتها إسرائيل بغباء، والآن، تهرع مذعورةً لمحاولة إصلاح ما لا يمكن إصلاحه، بعد وقوع الضرر. إن استمرار الحرب، وتحوُّل مبرّرها من تحرير الأسرى إلى حرب تجويع، ومن حرب مبرَّرة إلى حرب ملعونة، يمحوان آخر ذريعة إسرائيلية لتمديد الحرب، وهي إعادة الأسرى. لا يمكن تبرير موت الأطفال جوعاً.
الفشل الاستراتيجي كبير لدرجة أنه نجح في توحيد العالم ضدنا بشكل غير مسبوق. صحيح أن الانتقادات لم تكن غائبة في السابق، لكنها الآن أصبحت حملة عالمية ضد إسرائيل، ومن المتوقع أن تبلغ ذروتها في جلسة الجمعية العامة للأمم المتحدة القادمة، والتي ستُطرح فيها قضية الاعتراف بالدولة الفلسطينية التي تدعمها 142 دولة. وبقيادة فرنسا وبريطانيا وألمانيا وإسبانيا، تتّحد أوروبا كلها من أجل دعم إقامة دولة فلسطينية وشجب المجاعة في غزة.
إن سياسة تقزيم القضية الفلسطينية، والتي انتهجها نتنياهو خلال العقد الأخير، تنفجر في وجوهنا الآن، وسلسلة الأخطاء التي ارتكبتها الحكومة في إدارة الحرب تمنح “حماس” فرصة لتحقيق نصر كبير على المستوى السياسي. هذا فضلاً عن أن حرب التجويع تلحِق ضرراً بالغاً بصورة الجيش، الذي استطاع التعافي من هجوم 7 أكتوبر، وحقق ضربات موجعة لكل الأعداء، بما في ذلك عملية بارعة في إيران. الآن، يمرّ الجيش بعملية تدمير لقيَمه، ويُنظر إليه كجيش غير أخلاقي. كذلك، فإن حرب التجويع تدفع بالمجتمع العربي في الداخل – الذي كانت سلوكياته نموذجية خلال الحرب – إلى الخروج، لأول مرة، إلى الشوارع في سخنين. ومن المرجّح أن تتوسع هذه الاحتجاجات لاحقاً.
من الواضح أن “حماس” تزداد قوةً في هذه الظروف، ولن تكون معنيةً بإبرام صفقة، فهي تستفيد من تغيّر الاتجاه والضغط الدولي المضاعف من أجل إنهاء الحرب، وحتى من دون أن تضطر إلى تقديم أيّ شيء، أو تحرير مخطوف واحد.
إن إدارة الحرب، بناءً على اعتبارات سياسية فقط، أدت إلى تورُّط كامل، وتقرّبها من نهايتها القسرية، مع خسارة جميع المكاسب التي تحققت بالدماء. فمحاولة الاستمرار في هذه الورطة نتيجة العجز عن اتخاذ قرارات عقلانية تقود إسرائيل إلى نتيجة واحدة فقط، وهي تعظيم الخسارة.
ما دامت الفرصة لا تزال قائمة، يجب على إسرائيل القفز إلى قطار المبادرة المصرية، تلك التي تتيح تأليف حكومة تكنوقراط في غزة، وتُمكّن إسرائيل من الخروج بكرامة. هذه هي الخطة التي تمنح أفضل فرصة لإعادة الأسرى. وعدم السير في هذه الخطة وإنهاء الحرب سيؤدي إلى الهزيمة