حماس تتهم ويتكوف بالتراجع عما اتفق عليه بالمفاوضات

السياسي – انتقد مصدر فلسطيني مقرّب من المحادثات، مبعوث ترامب، ويتكوف، قائلاً إنه دفع بصفقة “لا تتسم بالوضوح أو توفر الضمانات”. وعلّق المصدر بأن هذا يعكس “نية سيئة”، محذراً من أن ذلك قد يؤدي إلى انهيار المفاوضات الهشة.
وتحدث المصدر إلى الموقع، بشرط عدم الكشف عن هويته، قائلاً: “إصرار ويتكوف على الإفراج عن الأسرى في اليوم الأول يكشف عن سوء نية. وبناء على التجارب السابقة، فالإسرائيليون سيعودون إلى حرب شاملة ويخربون الاتفاق”.
وتساءل: “ما هي الضمانات المتوفرة للفلسطينيين لوقف الحرب؟ لم يُظهر ويتكوف، ولا الإسرائيليون، أي نية أو مسار جاد لذلك”.
وأضاف أن “اهتمام ويتكوف الأساسي هو الإفراج عن الأسرى الإسرائيليين، لكنه أظهر قلة اكتراث بمقتل آلاف الفلسطينيين المستمر، ومعظمهم من الأطفال والنساء، ولا بالمعاناة الواسعة من المجاعة التي يواجهها مليونا فلسطيني في غزة”.
وقال المصدر إن “حماس تشعر بأن ويتكوف خانها مرتين: الأولى عندما خرقت إسرائيل الاتفاق في 2 آذار/مارس، وفرضت حصاراً على غزة، ثم استأنفت الحرب في 18 آذار/مارس بدعم كامل من ويتكوف والإدارة الأمريكية. والثانية، عندما أفرجت “حماس” عن الجندي الأمريكي- الإسرائيلي إيدان ألكسندر بتوقّع تلقي دعم إنساني ونهج جديد في المفاوضات، وهو ما لم يحدث”.
وقد طالب رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، خلال مفاوضات وقف إطلاق النار، بالإفراج عن جميع الأسرى العشرة الأحياء والجثث الثمانية عشر في اليوم الأول، وهو شرط رفضه المفاوضون الفلسطينيون، خوفاً من أن تستأنف إسرائيل هجومها العسكري فوراً بعد ذلك.
وتطالب حركة “حماس” بانسحاب القوات الإسرائيلية إلى المواقع التي كانت تحتلها قبل 2 مارس/آذار 2025، وهي خطوة لا ترقى إلى الانسحاب الكامل من قطاع غزة، لكن المصدر الفلسطيني قال إن ويتكوف لم يحدد بالضبط أين سيعاد تموضع القوات.
وقال المصدر الفلسطيني: “الانسحاب إلى أين؟ ويتكوف أيضاً غير واضح تماماً في هذا الشأن”. كما أعرب عن إحباطه من نقص الشفافية في آلية توزيع المساعدات المقترحة، مضيفاً: “ويتكوف غير واضح بشأن آلية توزيع المساعدات”.
وبشكل عام، قال المصدر إن المسار الحالي لا يقدّم إطاراً فعلياً لوقف الحرب، متسائلاً: “ما هي الضمانات للفلسطينيين بأن الحرب ستتوقف؟ لم يُظهر ويتكوف أو الإسرائيليون أي نية باتجاه وقف الحرب”.
وبحسب المصدر، فقد توصلت “حماس”، في وقت سابق من عملية التفاوض، إلى تفاهم مع بشارة بحبح، الوسيط الفلسطيني الأمريكي العامل في إدارة ترامب. وكان لديهما اتفاق قائم، ووقع عليه ويتكوف في البداية، لكنه تراجع عن موقفه بعد لقائه مع نتنياهو ورون ديرمر، الوزير في الحكومة الإسرائيلية.
وقال المصدر: “تفاوض بحبح مع حماس وتوصل إلى صفقة معهم، ووافق عليها ويتكوف. ثم التقى ويتكوف مع نتنياهو وديرمر، اللذين رفضا الصفقة، وهو ما قاده للتراجع عنها”.
وتعكس هذه التصريحات تنامي انعدام الثقة الفلسطينية في عملية التفاوض، مع تزايد تشكك “حماس” في إمكانية التوصل إلى نهاية موثوقة وقابلة لوقف الحرب.
وكشف موقع “أكسيوس” أن اقتراح ويتكوف لوقف إطلاق النار “كان بالتنسيق الكامل مع إسرائيل، وجاء نتيجة لقائه مع رون ديرمر، المقرّب من نتنياهو، في البيت الأبيض يوم الثلاثاء”. كما أفاد الموقع بأن “حماس” ضغطت من أجل صياغة بند ينص على أنه، في حال عدم التوصل إلى اتفاق دائم لوقف إطلاق النار خلال 60 يوماً، يتم تمديد الهدنة المؤقتة تلقائياً إلى أجل غير مسمى.
وفي وقت سابق من الأسبوع الماضي، أفاد تقرير نشره موقع “دروب سايت” أن المقترح الأخير لويتكوف لوقف إطلاق النار وُضع بالتعاون مع نتنياهو، ولا يتضمن صراحةً أي التزام بإنهاء حرب إسرائيل على غزة.
وكان المفاوضون الفلسطينيون قد وافقوا، إلى حد كبير، على بنود اتفاق وقف إطلاق النار الموقّع في 17 كانون الثاني/يناير، والذي انتهكته إسرائيل في 18 آذار/مارس، حين استأنفت حملتها العسكرية.
وفي الوثيقة المنقحة التي قدمتها “حماس”، ستبدأ مفاوضات وقف إطلاق نار دائم فور دخول الهدنة المؤقتة حيز التنفيذ. ويتضمن بند رئيسي طرحته حماس تشكيل “لجنة مستقلة من التكنوقراط” لإدارة شؤون غزة بعد التوصل إلى وقف دائم، وهي خطوة من شأنها أن تؤدي إلى تخلي الحركة عن الحكم المباشر في القطاع.
إلا أن التقارير تشير إلى سعي ويتكوف ونتنياهو لإزالة البنود التي من شأنها أن تسمح لـ “حماس” بتسليم السيطرة الإدارية على غزة، وهو ما قد يشير إلى احتمال استئناف الحرب بعد مرور 60 يوماً.

وقد رفض ويتكوف تعديلات “حماس”، يوم السبت، واصفاً إياها بأنها “غير مقبولة على الإطلاق، ولا تؤدي إلا إلى إعادتنا إلى الوراء”.
وطالب الحركة بقبول الإطار الحالي لمحادثات التقارب المقرر أن تبدأ الأسبوع المقبل. وفي وقت سابق من يوم السبت، رحبت “حماس” بمقترح ويتكوف، لكنها قالت إنه يتطلب تعديلات رئيسية.
وقال مسؤول في “حماس” لقناة “الجزيرة” إن الحركة كانت قد وافقت بالفعل على نسخة سابقة قبل أسبوع، فقط ليعود ويتكوف بخطة معدلة حذفت، وفقاً لـ “حماس”، عناصر مهمة. وقال باسم نعيم، المسؤول البارز في حماس: “لا يمكننا قبول مثل هذا الاقتراح كأساس للمفاوضات”، مشيراً إلى غياب الضمانات لوقف إطلاق النار لمدة 60 يوماً، والمساعدات الإنسانية، والانسحاب الإسرائيلي الكامل.
في ردها الرسمي، طالبت “حماس” أيضاً باتخاذ إجراءات إنسانية عاجلة وتدابير لإعادة الإعمار. وتشمل هذه الإجراءات وصول المساعدات فوراً بتنسيق من الأمم المتحدة ومنظمات، مثل الهلال الأحمر، وفقاً لاتفاقية وُقّعت في 19 كانون الثاني/يناير 2025، عند توقيع أول اتفاق لوقف إطلاق النار. وخلال مرحلة التفاوض، سيتم وضع الخطط النهائية لإعادة بناء المنازل والمرافق العامة والبنية التحتية الحيوية، إلى جانب تقديم المساعدات للمتضررين من الحرب.
ودعت الحركة إلى إعادة تأهيل كامل لقطاعات الكهرباء والمياه والصرف الصحي والاتصالات والطرق، إلى جانب استئناف الخدمات في المستشفيات والمراكز الصحية والمدارس والمخابز. كما حثت “حماس” على حرية التنقل عبر معبر رفح مع مصر، واستئناف حركة التجارة.
ويتضمن اقتراحها لوقف إطلاق نار دائم “وقفاً للأعمال العدائية لمدة تتراوح بين خمس وسبع سنوات”، بضمانة من الولايات المتحدة ومصر وقطر. وخلال المفاوضات الجارية، ستظل واشنطن ملتزمة بالحفاظ على الهدنة وتسهيل إيصال المساعدات، بهدف اختتام المحادثات في غضون 60 يوماً.
وأضافت “حماس” أنه خلال الهدنة ستُمنع الطائرات العسكرية والاستطلاعية الإسرائيلية من الطيران لمدة 10 ساعات يومياً، ولمدة 12 ساعة في أيام تبادل الأسرى. وأكد المقترح على أهمية التزام الرئيس الأمريكي بضمان احترام الطرفين لوقف إطلاق النار.
ووفقاً للوثيقة، يؤكد الرئيس على أن تفضي المفاوضات إلى حل دائم للنزاع، وذلك في حال تم التوافق خلال مرحلة الاتفاق المؤقت على اتفاق بين الطرفين.
وفي ما يتعلق بقضية الأسرى الإسرائيليين، أوضحت “حماس” أنها ستفرج عن 10 أسرى إسرائيليين أحياء و18 جثة، مقابل عدد من الأسرى والجثث الفلسطينية، يحدد بالاتفاق المتبادل. وتنص الوثيقة على أن التبادل سيتم “بشكل متزامن، ووفقاً لآلية متفق عليها”.
كما تعهدت “حماس” بضمان “صحة وسلامة وأمن” المعتقلين الإسرائيليين فور بدء وقف إطلاق النار. وفي المقابل، يُتوقع من إسرائيل ضمان معاملة مماثلة للفلسطينيين المعتقلين في سجونها ومراكز احتجازها، “وفقاً للقوانين الدولية”.