منذ عامين ونحن نرى حركة حماس في أصعب محطاتها وحالاتها، فيما تضيق خياراتها تباعا، والخط البياني لسياستها في هبوط مستمر، ويشير بكل سطوع إلى مزيد من الاختناق للحركة التي بدأت تعاند إرادة عناصرها في الميدان سواء في رفح خلف الخط الأصفر أو بقية مناطق القطاع، الذين دفعوا من لحمهم الحي نتاج الحرب الأكبر والأصعب، والذين لا يتوقعون أن تسلّم الحركة بكل شيء وبهذه السرعة، وهم يدركون أن لا أحدا سيفرض عليهم القرار، رغم “السمع والطاعة” الذي يعد من صميم ايديولوجيتهم وأفكارهم، وأن قرار الحركة القبول بخطة ترامب لن يغير موازين واقع الأمر الذي يسير ميدانيا منذ عامين بأيدي العناصر الميدانية وليس قادة حماس في تركيا وقطر، وهذا يتعارض مع التكوين السياسي للحركة، ويهدد بشرخ كبير داخل مكونات حركة المقاومة.
لقد وضعت حماس التي تشكلت عام 1987 وجعلت المقاومة جزءا من تسميتها “حركة المقاومة” وكان تعبيرها الأبرز في الانتفاضة الأولى هو الصدام مع إسرائيل، وأن لديها الحل بالعمل المسلح وهي قادرة على تحرير فلسطين كل فلسطين وطرد اليهود، نفسها في سقف أعلى كثيرا من ممكنات الواقع.
إذن، ماذا ستقول الآن الحركة لعناصرها في مناطق القطاع وخصوصا رفح -الذين انقطع بهم الاتصال- وفق زعمها، إذا ما سلمت سلاحها وفق خطة ترامب؟ كيف سيكون حكم التاريخ عليها؟ هي الأمور كذلك رغم مكابرة ومعاندة بعض قادة الحركة الذين يخرجون على شاشات التلفاز يؤكدون أنهم لن يتنازلوا عن “فشكة” من السلاح، رغم موافقة الحركة فعليا على خطة ترامب.
إذن المتوقع هو رفض أبناء وعناصر حماس في القطاع المدمر تسليم سلاحهم، وبالتالي نقع في الفخ واللغم الأشد قسوة في الخطة الامريكية، فلن يهون على عناصر الحركة وخصوصا العسكريين والذين يمكن أن نطلق عليهم “المتشددين” تسليم سلاحهم بعدما نشأت أفكارهم على المقاومة وتحرير فلسطين بالسلاح، وسيكفرون بقادتهم وخصوصا المتواجدون بالخارج، ولن يكون لهم سلطة عليهم.
كالعادة فإن حماس ستقع في الكمين، فكل خياراتها صعبة، فإما أن تقوم عناصرها في رفح المقدرون بـ200 عنصر بعمليات ضد الجيش الإسرائيلي، خصوصا اذا بقي نتنياهو يرفض خروجهم الى داخل الخط الأصفر، وبالتالي ستكون معادلتهم “عليا وعلى أعدائي”، مما ينتج عنه فض التهدئة وشن عملية عسكرية جديدة على قطاع غزة، أو أن يرفض عناصرها في باقي مناطق قطاع غزة لذات السبب وبالتالي النتيجة واحدة وهي تخريب الاتفاق في أي لحظة، والسبب واضح هو تعنت حماس في تنفيذ المرحلة الثانية من الاتفاق، أو بالأحرى عدم سيطرتها على عناصرها لتنفيذ هذا الاتفاق.








