حماس تُقامر بمستقبل قطاع غزة حتى الرمق الأخير والقيادة السياسية الإسرائيلية تُطلق يد الجيش في قطاع غزة والشعب الفلسطيني هو الخاسر الأكبر في هذه الحرب… لم يكن لدي أدنى شك أن إعلان إسرائيل لعملية «السيوف الحديدية» يعني أن قطاع غزة، بكل ما فيه، سيتحول إلى أثراً بعد عين، حتى مَن سَيُكتب لهم النجاة سيكونون في حاجة ماسَّة إلى أسس الحياة اليومية. هذا ما تهديه حركة «حما.س» الأصولية للفلسطينيين؛ أن تقتل من الإسرائيليين ألفاً لتردَّ عليهم بقتل مائة ألف، وأن تستهدف عشرين مبنى لتقصف إسرائيل جميع مباني غزة وشوارعها وبيوتها….
كنتُ أعلم أن حركة «حماس» أيقظت المارد الإسرائيلي، وكان لدي إحساس بأن هذه الحرب ستستمر تداعياتها لسنواتٍ طويلة، ولن تسجل أي مكاسب على الأرض، والخاسر الأكبر هو الشعب الفلسطيني، حيث دأبت حركة حما.س منذ نشأتها على تعطيل كل بادرة دولية لكسر جمود عملية السلام، وما إن يُهِم المجتمع الدولي بالاقتراب من التفاهم، حتى تستفز الحركة الغول الإسرائيلي وتعانده ليقوم بالرد الساحق …ولكن المعضلة الآن أن السهم ابتعد كثيرا عن القوس وان إسرائيل ابتعدت في طموحاتها مُستغلة تهور حما.س بوضع مخطط التهجير على الطاولة، وتمادي المستوطنون في جرائمهم ضد سكان الضفة الغربية التي أصبحت قاب قوسين أو أدنى من خطة الضم.. وبالرغم من حجم المأساة لا زالت تسعى حما.س للحصول على صفقة تمنحها وقف دائم لإطلاق النار و الإبقاء على سلطتها في غزة ولم تدرك بعد أن هذا المطلب تجاوز حد المستحيل لأن إسرائيل تُصر على تحقيق كامل أهدافها للحرب وهي تحرير الأسرى واسقاط حكومة حما.س وإعادة هيبة الردع كما أن المجتمع الدولي بِرُمته والفلسطينيون أنفسهم يرفضون بقاء سلطة حركة حما.س في القطاع وتم ربط عملية اعادة الإعمار بتغير وجه الوضع القائم في قطاع غزة وصولا لإعادة ترميم مسار التسوية والبحث عن حلول بديلة للحلول المستعصية ولقد بات انسحاب حما.س من المشهد السياسي ضرورة قُصوى وواجب وطني مقدس…