حماس… رأس الحربة الإسرائيلية في مؤامرة إسقاط مصر وكسر جيشها: قراءة سياسية واستخباراتية في مخطط قديم بثوب جديد

بن معمر الحاج عيسى

ليست هذه أول مرة يحاول فيها العدو أن يضرب مصر من الداخل عبر وكلائه، فالتاريخ حافل بالشواهد على أن أخطر الحروب التي استهدفت القاهرة لم تكن دوماً في ميادين القتال، بل كثير منها جرى في الظل، على هيئة عمليات اختراق أيديولوجي وتمويل خارجي وتحريك بيادق على رقعة الشطرنج السياسية، واليوم تعود حماس لتقف في الصف ذاته الذي وقف فيه الإخوان وأذرعهم، ولكن تحت راية المقاومة المزعومة التي تحولت إلى ستار دخاني يخفي مهمة بالغة القذارة، المهمة التي أوكلها الاحتلال الإسرائيلي بعد أن فشل في زعزعة استقرار مصر وجيشها بالمواجهة المباشرة، فمنذ الإطاحة بمحمد مرسي عام 2013، وسقوط المشروع الإخواني في مصر، أدركت تل أبيب وحلفاؤها أن “المدخل المصري” للمخطط الإقليمي أغلق إلى أجل غير مسمى، وأن الجيش المصري استعاد زمام المبادرة وأعاد رسم معادلة الردع في المنطقة، وهنا بدأت الخطة البديلة، وهي تحويل غزة إلى منصة فوضى وتوتير على حدود مصر، مع استخدام حماس كقوة تحريض ضد النظام المصري، مستغلة الخلفية الإخوانية المشتركة والأرضية العقائدية التي طالما شكلت جسرًا للتنسيق مع الجماعات المتطرفة في سيناء خلال السنوات الماضية، وتكشف التقارير الاستخباراتية أن التعاون بين بعض عناصر حماس وتنظيمات مثل “أنصار بيت المقدس” في شمال سيناء لم يكن مجرد صدفة، بل جزء من شبكة معقدة تبادل فيها الطرفان الدعم اللوجستي والمعلوماتي، بل وعمليات تهريب السلاح عبر الأنفاق قبل أن يدمرها الجيش المصري بشكل شبه كامل في حملاته الأمنية ما بين 2014 و2018، وهو ما حرم حماس من شريانها الحيوي مع سيناء وأضعف قدرتها على التأثير المباشر، غير أن الاحتلال لم يستسلم، فاستثمر في إعادة تأهيل حماس سياسيًا وإعلاميًا، ليجعل منها رأس الحربة الجديد في مشروع أوسع يستهدف إسقاط النظام المصري من خلال خلق حالة غضب شعبية مصطنعة، وتحريك خطاب عدائي ضد القيادة المصرية في الداخل والخارج، وفي هذا السياق، يصبح ما سُمّي بـ”طوفان الأقصى” حلقة في مسلسل طويل، ليس هدفه النهائي القدس كما يدّعي مروّجوه، بل خلق بيئة إقليمية مرتبكة تتيح إعادة إحياء الحلم الإخواني في القاهرة عبر بوابة الفوضى، وتاريخ مصر مع هذه المخططات يشهد أن جيشها كان دوماً في طليعة المواجهة، فقد أحبط عام 1954 مؤامرة الإخوان الكبرى على النظام وقت عبد الناصر، وأفشل في الثمانينيات والتسعينيات تمدد الجماعات المسلحة التي حاولت جر البلاد إلى حرب أهلية، واليوم، مع قيادة الرئيس السيسي، يعيد الجيش المصري ذات المعادلة: ضربات استباقية في سيناء، إحكام السيطرة على الحدود، تفكيك الخلايا النائمة، وقطع شرايين التمويل والتهريب، هذه الإجراءات ليست وليدة اللحظة، بل هي نتاج قراءة استخباراتية عميقة تدرك أن أي فراغ أمني أو سياسي ستسعى تل أبيب ووكلاؤها لملئه فورًا، وهكذا، فإن حماس اليوم ليست سوى تكرار مفضوح لسيناريو الإخوان قبل عقد، ولكن بتمويل إسرائيلي مباشر، وبتكتيكات جديدة تعتمد على حرب الشائعات والتحريض الإعلامي بدل المواجهة العسكرية المفتوحة، إلا أن ما لا تدركه حماس وأسيادها أن مصر ليست كما كانت قبل 2013، وأن منظومتها الأمنية والاستخباراتية قادرة على رصد وتفكيك أي تهديد قبل أن يبلغ مرحلة الخطر، فالتاريخ القريب والبعيد يقول إن من حاول كسر مصر ارتد عليه السهم، وأن من تآمر على جيشها انتهى إلى مزبلة النسيان، وحماس التي اختارت أن تتحول إلى خنجر مأجور في خاصرة الأمة العربية، ستكتشف قريباً أن هذه المهمة ستكون آخر أوراقها قبل سقوطها النهائي.