حماس قبضت ثمنا بخسا مقابل اقدم الاسرى الاسرائيليين

تيسير العبد

بانقضاء هذه الدفعة السابعة اليوم السبت من اتفاق الدوحة. تنتهي بين ثناياها بلا ثمن مرحلة من أهم مراحل المساومة والتفاوض بين حماس والاحتلال استمر عمرها أكثر من تسع سنوات بين الأخذ والشد حول صفقة أسرى. سبقت هذه الحرب. كانت حماس تتأمل فيها أن تخرج مقابل ما بين يديها من أسرى الاحتلال آلاف الأسرى الفلسطينيين كما حدث في صفقة شاليط. لكن نتنياهو دحرج المرحلة القديمة بأكملها بالمماطلة والتسويف والتسخيف حتى أنهى قضية أسراه السابقين اليوم بثمن يسير لا يذكر. وجعلها لحظة صغيرة في صفقة أكبر.

إنها مرحلة أسر الجنديين هدار جولدين وشاؤول أرون عام 2014. ومنغستو وهشام السيد. التي دفع شعبنا ثمنا لها الكثير من الشهدداء والجرحى والحصار والتضييق والمعاناة.

تم أسر هدار وشاؤول فيما يعرف بالجمعة السوداء بتاريخ 1 أغسطس 2014 في منطقة أبو الروس شرق مدينة رفح أسفرت المجزرة التي أعقبت أسر الجنديين. عن قتل جيش الاحتلال بشكل انتقامي وعنيف بسياسة (هنيبعل) أكثر من 140 فلسطينيًا بينهم نحو 75 طفلًا وجرح أكثر من 1000 آخرين مع تدمير المنازل. عمليات الإبادة طالت النساء والأطفال الهاربين من القصف العشوائي. وامتلأت الشوارع بالجثث والدماء.

حاولت حماس طوال تسع سنوات من المفاوضات مع حكومات نتنياهو المتعاقبة أن تعقد صفقة شبيهة بصفقة شاليط التي تحرر بها أكثر من ألف أسير فلسطيني. لكنها فشلت أمام تلاعب نتنياهو وعدم جديته. مما عمق الشعور عندها انها تحتاج إلى عدد أكبر من أسرى الاحتلال في غزة حتى تجبره على الإذعان لمطالبها.

فشل الحركة في عقد صفقة تبيض بها سجون الاحتلال أو تخرج عددا كبيرا من الأسرى في السنوات السابقة كان أحد الأسباب المهمة التي دفعت لتنفيذ هجوم 7 أكتوبر.

ربما لا أحد يذكر اليوم ثمن تلك التضحيات الكبيرة التي دفعت في الأربعة (هدار وشاؤول. والأسيرين منغستو وهشام السيد) منذ العام 2014 وأنهم كلفوا شعبنا ضريبة باهظة من الدماء والمعاناة. وأنهم كانوا رأس مال مرحلة منفصلة ومستقلة استغرق عمرها تسع سنوات من المساومة باءت جميعا بالفشل. وأنها اليوم تمرر كدفعة ثانوية صغيرة ضمن صفقة أكبر منها. في مقابل بخس وزهيد كأبخس الصفقات التي تعقد في تاريخ الصراع الفلسطيني.

4 جثث مع 6 أسرى إسرائيليين. مقابل 110 أسيرا.

والباقون من صفقة اليوم هم مختطفون اختطفهم الاحتلال في حرب إبادته لغزة. بعد السابع من أكتوبر. وهو يستطيع أن يعتقل كل يوم المئات مثلهم. ويعيدهم لنا كأسرى. بالإضافة إلى أسرى صفقة شاليط الذين أعاد اختطافهم وعددهم 47 أسيرا.

إن كان يحق لنا أن نحزن في هذا اليوم. فنحزن على مئات الشهدااء الذين قضوا من أجل أسرى احتلال يتم الإفراج عنهم بلا ثمن حقيقي أو تغيير نحو الأفضل لقضيتنا ووطننا ومواطنينا. بل أن الأمور ازدادت سوءا وألما.

نحزن على تضحياتنا التي ندفعها ثمن الباب الدوار لأسرانا الذي يلاعبنا الاحتلال به. وعلى خساراتنا الكبيرة التي نفقدها في المغامرة وقلة الوعي والحسابات وعدم القدرة على تحديد الأولويات الوطنية وترتيبها.

التسع سنوات الضائعة من محاولات التجريب التي جعلت لها هدفا أعلى هو عقد صفقة تحسن بها الحركة ظروفها الشعبية والسياسية. هي نصف عمر حكمها لغزة والبالغة 18 سنة.وهي النموذج المصغر الذي فشل. فأرادت الحركة إعادته بنموذج أكبر وأضخم بهجوم السابع من أكتوبر. لكن نتائج النموذج الجديد كانت أكثر فشلا وكارثية من النموذج المصغر الأول. في هذا اليوم يلتقي الفشلان الأكبر والأصغر في يوم لا يحتاج فيه الغزي بأكثر من خيمة ينصبها فوق بيته المدمر. ورغيف خبز بلا ذل وهوان. وشربة ماء نظيفة. وجرافة تخرج له جثث أطفاله وعائلته المتحللة من تحت الركام. بينما تحولنا كالأيتام على موائد اللئام يتكالب العالم على أرضنا وشعبنا كورثة وأوصياء علينا.

نقلا عن صفحة الدكتور تيسير العبد على الفيس بوك

تابعنا عبر: