خبير عالمي يحذر من التشاؤم.. الذكاء الاصطناعي يسرع عملك ولا يسرق وظيفتك

السياسي -متابعات

إذا كنت تشعر بالقلق من أن الذكاء الاصطناعي قد يستولي على مكتبك غداً، فمطمئنك الأول هو “التاريخ”. هذا الخوف ليس وليد عصر الخوارزميات، بل هو هاجس إنساني قديم سكن عقل أرسطو عام 350 قبل الميلاد، وطارده “اللوديون” في إنجلترا القرن التاسع عشر حين حطموا آلات النسيج خوفاً على أرزاقهم.

التكنولوجيا ليست مقبرة للوظائف

في مقال تحليلي مثير، يدعو برايان مورغنسترن، نائب الرئيس للسياسات العامة في شركة “Riot Platforms”، إلى التوقف عن سماع “نبوءات المتشائمين”، مؤكداً أن التكنولوجيا، عبر العصور، لم تكن يوماً مقبرة للوظائف، بل كانت دائماً منصة لإطلاقها.

دروس من الماضي: الجرار والسيارة والحاسوب

يستعرض مورغنسترن شريط التاريخ ليثبت أن الأتمتة “صديقة” للنمو؛ فكما أزاح الجرار ملايين المزارعين، فإنه أطعم دولاً بأكملها وفتح الباب للتعليم الجماهيري. وكما استبدلت السيارات “سائقي الخيول”، فإنها خلقت إمبراطوريات للطرق السريعة والخدمات اللوجستية.

اليوم، يرى الخبير أن الذكاء الاصطناعي يسير على نفس النهج، فهو لن يستبدل الإنسان، بل سيتولى عنه “المهام الروتينية والمملة”، ليترك له المساحة للإبداع، والقيادة، والتقدير البشري الذي لا تملكه الآلة.

المحامي والطبيب والمبرمج.. أدوار جديدة لا بدائل

يضع مورغنسترن حداً للمبالغات الإعلامية بتوضيح الفارق بين “المهمة” و”الوظيفة”:

في القانون: قد يصيغ الذكاء الاصطناعي مسودة عقد، لكنه لن يتفاوض نيابة عنك أو يمثل موكلاً أمام القاضي.
في الطب: قد يقرأ الذكاء الاصطناعي صور الأشعة بدقة مذهلة، لكنه لن يمنح المريض المشورة الإنسانية أو يتخذ قرار التشخيص النهائي.
في البرمجة: ستكتب الآلة “الكود” الأساسي، لكن المبرمج سيظل المهندس الذي يصمم الأنظمة ويدير المعضلات المعقدة.
هذه الكفاءة ستؤدي ببساطة إلى انخفاض التكاليف، مما يجعل الخدمات القانونية والطبية والتقنية متاحة لشرائح أوسع من المجتمع، وهو ما يعني طلباً أكبر.. وبالتالي وظائف أكثر.

اقتصاد “المسميات الوظيفية الجديدة”

يشير المقال إلى بيانات مثيرة من “لينكدإن”، تؤكد أن 20% من المسميات الوظيفية الحالية لم تكن موجودة قبل سنوات قليلة. الذكاء الاصطناعي لا يكتفي بخلق أدوار جديدة، بل يرفع قيمة الوظائف الحالية عبر إضافة مهارات تقنية متطورة لأصحابها.

سباق التفوق: لماذا يعتبر “التشاؤم” خطراً أمنياً؟

يوجه مورغنسترن تحذيراً شديد اللهجة للمنظمين الذين يدعون لفرض قيود صارمة على هذه التقنية في مهدها، فبينما يتردد المتشائمون في أمريكا، تسابق الصين الزمن لتحقيق التفوق العالمي في هذا المجال.

ويختتم مورغنسترن رؤيته بتفاؤل واقعي: “الذكاء الاصطناعي لا يدمر العمل، بل يجدده ويحسنه”. فمن خلال أتمتة المهام المتكررة، سنربح أثمن مورد إنساني: “الوقت”، لنستثمره في الصحة والتعليم والثقافة والفنون؛ وهي المساحات التي سيظل الإنسان فيها “الملك” بلا منازع.