تور وينسلاند، صاحب التقارير (جميعها بلا استثناء) سيئة السمعة امام مجلس الامن، المتبني للرواية الإسرائيلية غالباً، والذي يبيعنا الجمل المُعتادة والمُعادة تلك المتعلقة بالاستيطان وحل الدولتين، المنسق الخاص للأمم المتحدة لعملية السلام في الشرق الأوسط، قام بتحرك مريب جداُ.
فزيارته لنابلس ومخيم جنين قبل السابع من اكتوبروالتي وصفها بالبناءة وحديثة مع شخصيات محورية في مخيم جنين، ونقاش الوضع الأمني المتدهور وكيفيه إعادة الامل للحل السياسي، واهمية استعادة الهدوء والتركيز على خطوات دائمة لتحسن الأوضاع ،كل ذلك جاء في تغريدة تويتروالهدف من الزيارات هو التاسيس لمرحلة جديدة تقودها الأمم المتحدة لجهة اضعاف القيادة السياسية الفلسطينية من خلال الحوار والوساطة المباشرة بين المجموعات الفلسطينية المسلحة او من يقودهم من السياسيين، والسلطات المحلية، ولاحقا العشائر وغيرها من مكونات المجتمع الفلسطيني من جهة؛ وبين الجيش الاسرائيل وليس الحكومة الإسرائيلية من جهة أخرى، بهدف استعادة الهدوء وتحسين الأوضاع وبالتأكيد يقصد بها الأوضاع المعيشية.
هذه تتماشى تماما مع الفكر الإسرائيلي الحديث، فمن حل الصراع لإدارة الصراع الى تقليص الصراع “نظرية ميخا غودمان” وتحسين الحياة المعيشية للسكان، انها أيضا نفس الأفكار التي طرحتها الى حد ما “صفقة القرن” ونفس الأفكار التي تتبناها الإدارة الامريكية الحالية.
تتغير الحقائق امامنا بقوة وبتسارع وبشده وهذا الشخص يجب ان يتم متابعة كل كلمه في تقاريره المقدمة امام مجلس الامن وعلينا ان نكون أقوياء في انتقادها علناً وفي مجلس الامن، وارسال رسائل للأمين العام بهذا الخصوص، وهي آلية معمول بها في الأمم المتحدة، وسبق ان استخدمناها في نقد تقارير الاسكوا من اجل تحسين صيغ التقارير الصادرة عنها؛ وقد تحسنت كثيرا بالفعل.
في تقريره القادم امام مجلس الامن قد يُعرج ولو تلميحاً على محاولته هذه؛ كبالون اختبار لردة فعلنا، وكذلك لضمان الترحيب الدولي ومباركه هذه الخطوة؛ ليتجرا بعدها ويتحول لوسيط رسمي بين المسلحين الفلسطينيين والجيش الإسرائيلي، في هذه الحال وفي البدايات سيقدم الإسرائيليين الكثير من التنازلات الميدانية المؤقته والتكتيكيه لتثبيت النموذج، أي تثبيت المهمة الجديدة للمبعوث الاممي، ومن ثم سيقومون بإشغاله باستمرار بالمراوحة والتوسط بين الطرفين shuttle diplomacy ليصبح له ولمساعديه لاحقا مقر شبه دائم في نابلس والمناطق الساخنة وهكذا ستصبح تقاريره الدورية المتعلقة بالقرار 2334 عن الإنجازات التي حققتها الأمم المتحدة بين الجيش الإسرائيلي والمجموعات المسلحة الفلسطينية. الى جانب ذلك فبدلا من التحاور مع القيادة السياسية الفلسطينية سيصبح من الطبيعي التحاور مع القيادات والفاعلين الميدانيين.
Wording have a meaning ، اكثر الكلمات التي لا تمل كل مكونات الأمم المتحدة من ترديدها. يستخدم وينسلاند سواء في تقاريره او على حسابه في تويتر، كلمات لا تصف الحالة التي نعيشها، فبقدر المستطاع يبتعد عن استخدام الاحتلال، ولا يستخدم بالمطلق كلمه قوات الاحتلال بل يستخدم قوات الامن الإسرائيلية ISF. يتلاعب ايضا بالأرقام ففي اكتوبر 2022 اصدر بيانا قال فيه ان هناك ما لا يقل عن مائة فلسطيني قد قتلوا منذ بداية العام، بينما هوه متأكد تماما ان مجموع من استشهدوا حتى تاريخه اكثر من 160 فلسطيني سيما انهم يحصون بشكل مهني عدد الشهداء، ربط في نفس البيان وفي نفس الفقرة ايضاُ بين (مقتل 100 فلسطيني) وبين العمليات التي حصلت داخل إسرائيل وقتل على اثرها 16 شخص وسماها موجة من العمليات الإرهابية ارتكبها فلسطينيين و”عرب إسرائيل”.
أيضا وفي بيانه المُشار اليه قال في الجملة الختامية ان (هشاشة الوضع تؤكد الحاجة الملحة لتغير الديناميكية على الأرض – The fragility of the situation underscore the urgency of changing the dynamic on the ground )، والسؤال الملح هل زيارته لنابلس وجنين باكورة تغيير الديناميكية التي يتحدث عنها.
إضافة لأهمية مخاطبة الامين العام لضحد تقارير مبعوثه ، فانه من الاهمية بمكان استدعائه وابلاغة بان عدم مصداقية تقاريره قد يحوله الى شخصية غير مرغوب بها وهناك سابقة عندما انحاز تيري رود لارسن الى للرواية الإسرائيلية في مجلس الامن تحرك الفلسطينيون وانزوا تخفيض انحيازة لاسرائيل.
لسنا ضعفاء الى هذا الحد. انا اتابع تقاريره وتحركاته جميعها وارى فيه شخص خطير جداً. علينا ان لا نعتاد على ما يحاولون تعويدنا عليه، وعلينا ان نتذكر ان الأمم المتحدة ونتيجة لصمتنا أدخلت مصطلح Temple mount أي جبل الهيكل كمرادف للمسجد الأقصى وذلك من سنوات قليله فقط، واليوم لا نستطيع بكل ما اوتينا من قوه ان نعود للاسم الحقيقي الوحيد وهو المسجد الأقصى، لقد أصبحت حقيقة استطاعوا خلقها من العدم، لتتحول بعدها الى حكم الواقع de facto والان هي واقع قانوني de jure.
هذه على عجالة وهناك الكثير الكثير مما يمكن قوله في هذا السياق.فعلى الرغم من الاولويات المتصلة بالعدوان والابادة هناك ضرورة لان لا يكون بديل الحلرب نموذج تور وينسلاند.