خلفية اعلان دستوري جديد

عمر حلمي الغول

في إطار عملية الإصلاح المتواترة في منظمة التحرير والدولة الفلسطينية، وحرصا من الرئيس محمود عباس على تصويب العمل، وتطوير الأداء الداخلي، وترتيب شؤون البيت الفلسطيني بما ينسجم مع المتطلبات القانونية والدستورية الناظمة للمؤسسات في البناء الفوقي، وتفاديا لأية ارباكات أو التباسات، وصونا لحماية المصالح الوطنية، وضمان سيرورة المسيرة الوطنية سلميا، ودرءً لأية مخاطر لاحقا، أصدر اعلانا دستوريا جديدا أمس الاحد 26 تشرين اول / أكتوبر الحالي (2025)، ينص على الآتي: بشأن “شغور مركز رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية” قضى الإعلان بأنه ” إذا شغر مركز رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية، في حالة عدم وجود المجلس التشريعي، يتولى نائب رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير نائب رئيس دولة فلسطين، مهام رئاسة السلطة الوطنية مؤقتا، لمدة لا تزيد على 90 يوما”. وأوضح أنه “خلال تلك المدة تجري انتخابات حرة ومباشرة لانتخاب رئيس جديد وفقا لقانون الانتخابات الفلسطيني، وفي حال تعذر اجراؤها خلال تلك المدة لقوة قاهرة تمدد بقرار من المجلس المركزي الفلسطيني لفترة أخرى، ولمرة واحدة فقط.”
ووفق وكالة الانباء والمعلومات الفلسطينية (وفا)، فإنه “بموجب الإعلان الدستوري الجديد، يلغى الإعلان الدستوري رقم (1) لسنة 2024، حفاظا على المصلحة الوطنية لشعبنا الفلسطيني.” وقال عباس في الإعلان الدستوري الجديد “أصدرنا الإعلان الدستوري تأكيدا على مبدأ الفصل بين السلطات والتداول السلمي للسلطة عبر الانتخابات الحرة والنزيهة.”
وكما هو مبين، فإن الرئيس أبو مازن كان أصدر في 27 تشرين ثاني / نوفمبر 2024 اعلانا دستوريا سابقا تحت الرقم (1) لسنة 2024، كلف فيه روحي فتوح رئيس المجلس الوطني بتولي الرئاسة في حال شغور موقع رئيس البلاد لمدة 90 يوما لإجراء انتخابات رئيس السلطة، وفي حال عدم التمكن من اجرائها، تمدد لمدة 90 يوما إضافية ولمرة واحدة فقط.
ولكن بعد اتخاذ المجلس المركزي الفلسطيني في دورته ال32 المنعقدة في رام الله يومي 23 و24 أيار / مايو 2025 قرارا بتعيين نائبا لرئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير رئيس دولة فلسطين، وله أن يكلفه بمهام، وأن يعفيه من منصبه، وأن يقبل استقالته. الذي صوت لصالح القرار 170 عضوا من الأعضاء الحاضرين في القاعة والمشاركين عبر تقنية “الزووم”، فيما صوت عضو واحد بالرفض، وامتنع آخر عن التصويت.
هذا القرار للمجلس المركزي أحدث نوعا من الارباك، وازدواجية بين الإعلان الدستوري ذات الصلة والقرار بتعين نائبا للرئيس، مما تطلب تصويبا لأي التباس، وازالة أي تداخل في المهام، خشية ان حدوث إشكالية بين الإعلان والقرار، مما تطلب المعالجة الباكرة الضرورية له، تفاديا لما ذكر. وصونا للمصالح الوطنية، وحفاظا على التداول السلمي للسلطة.
وطرح سؤال وجيه، ماذا إذا حالت ظروف قاهرة بعد 6 شهور دون اجراء الانتخابات الرئاسية، ما العمل في هذه الحالة، هل تبقى البلاد والشعب يراوحون في دوامة شغور الموقع الرئاسي، أم هناك ضرورة للخروج من دائرة الفراغ؟ وما هي الأداة والوسيلة التي يمكنها تجاوز الازمة، إن حصلت؟
عندئذ يتطلب الامر العودة الى المجلس المركزي الفلسطيني لإخراج الشعب والدولة من تلك الدوامة، فإما ان يمدد لنائب رئيس المنظمة والدولة حسين الشيخ لفترة أخرى محددة ب 60 يوما، أو يقوم المجلس بتكليف شخصية أخرى، إذا استدعت الضرورة، على أن تبقى العملية الانتخابية بوصلة المجلس المركزي والشعب، لإعطاء صندوق الاقتراع الأولوية المركزية لانتخاب رئيس جديد، وتعافي البلاد من الازمة.
فضلا عن ذلك، قد يتم طرح رؤى وأفكار إبداعية أخرى لتجاوز أي عثرات قاهرة ذاتية او موضوعية، وحماية الذات الوطنية ومصالح الشعب العليا.
في مطلق الأحوال، الإعلان الدستوري الجديد الصادر أمس الاحد، كان قرارا صائبا ومهما، وسهل مهمة الشيخ نائب الرئيس، وفتح الطريق أمامه وأمام المؤسسات الرسمية الفلسطينية للانتقال السلمي للسلطة، وأنقذ الشعب من احدى العثرات غير المقصودة.