أكثر إحدى المسلّمات إجماعاً حولها اليوم بعد ثمانية أشهر من الحرب الإبادية على غزة هي المتعلقة بنتنياهو، ومفادها: رصيدك نفد.
لم يحقق أياً من أهدافه التي ظل يضغطها حتى حصرها في شخص يحيى السنوار، أو حتى في أي صورة، فيستبدل إعادة المختطفين بجثثهم، فما يكون من كتائب القسام في جباليا إلا أن تعلن على لسان “أبو عبيدة”عن أسر جنود آخرين. لو كان ذلك في رفح “البكر” لتم تفهُّم ذلك من رعاع المستوطنة، سموترتش وبن غفير وأضرابهما الخارجين من مهاجع جنون دين العظمة وعظمة الدين، ولكن أن تأتي عملية الاسر من جباليا “المطهرة”، المرة تلو الأخرى، فهذا أمر لا يمكن تصديقه أو احتماله، ولهذا قيل للجيش أن يكذّب أبو عبيدة، رغم معرفتهم أنه على مدار سنوات طويلة يحظى بالصدق و التصديق، وعلى الأقل خلال أشهر الحرب التي ظهر خلالها نحو عشرين مرة، وهو الصدق الذي جسده وتماهى به حزب الله، وأصبح أمينه العام أكثر تصديقاً عند الإسرائيليين مما يتفوه به زعماؤهم، وآخر هذه التفوهات المبكيات المضحكات قصة اللواء اساف حمامي الذي أقيمت له جنازة رمزية رسمية، من أنه مات وشبع موتا، وقيل إن أرملته “سابير” قد تزوجت من شقيقه بعد قتله، ليتبين أنه حي يرزق على قيد الحياة مما قسّمه له الله ويحيى السنوار من عمر جديد.
قرار محكمة الجنايات باعتقاله على أنه مجرم حرب، صحيح أن توجه المدعي العام أن يكون متزناً أو متوازناً باعتقال السنوار أيضاً، ولكن السنوار، يحمل روحه على كفه “ويلقي بها في مهاوي الردى”، كما فعل المئات والآلاف ممن سبقوه على هذا الدرب الصريح، وكان آخرهم نائبه المنتخب صالح العاروري مطلع العام، ومن المهم التذكير بأن السنوار وهو على الدرب الصريح قد أمضى خلف القضبان 22 سنة، حوالي ثلث عمره. السنوار والضيف وهنية الذي ثُكل بسبعة من أبنائه وأحفاده، قبل أقل من شهرين، هم على رأس حركة “إرهابية”، ومعهم محور المقاومة كله، فهل يجوز يا حضرة المدعي العام مقارنة نتنياهو بهؤلاء؟ إن موازين الأرض كلها لَتهتز بمثل هذه الموازنة او المقاربة، ومعها موازين السماء.
قبل أيام أعلنت ثلاث دول أوروبية أنها بصدد الاعتراف بدولة فلسطين، فترد إسرائيل بتشريع الاستيطان في البؤر القديمة، و”مستوطنة جديدة مقابل كل دولة تعترف بفلسطين”، وتزامن هذا بقرار محكمة العدل الدولية الانسحاب “فوراً” من رفح، فما كان من هذه الإسرائيل إلا أن ارتكبت مجزرة نوعية في رفح، نكاية بالمحكمة الدولية وبرفح معاً، فتخرج أمريكا بايدن لتقول إنها في صورة العملية/ المجزرة. قد لا تدرك أمريكا أن رصيدها بدوره قد أخذ ينفد لطالما تدعم الخواجا نتنياهو وتطيل في عمر رصيده.
كان الشاعر العراقي الكبير مظفر النواب يقول للزعيم العربي: بطارية حزبك فارغة، ماذا أفعل/ وهذا حزب يتخوزق مختارا/ لا إكراه ولا بطيخ، بمحض إرادته/ ورصيدك رصيد المال الديني/ رصيد الدين المالي/ رصيد القتل.
—–
أعلنت ثلاث دول أوروبية أنها بصدد الاعتراف بدولة فلسطين، فترد إسرائيل بتشريع الاستيطان في البؤر القديمة، و”مستوطنة جديدة مقابل كل دولة تعترف بفلسطين”، وتزامن هذا بقرار محكمة العدل الدولية الانسحاب “فوراً” من رفح، فما كان من هذه الإسرائيل إلا أن ارتكبت مجزرة نوعية في رفح، نكاية بالمحكمة الدولية وبرفح معاً