قيل إنّ التاريخ يُعيد نفسه مرتين، في الأولى كمأساة، وفي الثانية كمهزلة، ذلكم هو ما يجري اليوم، مع ارتفاع وتيرة الحديث عن تعيين رئيس وزراء بريطانيا الأسبق توني بلير مندوبًا ساميًا لقطاع غزة في «اليوم التالي» لانتهاء حرب الإبادة.
ويعيد بلير إلى الواجهة سيرة مواطنه هربرت صموئيل، الذي جرى تعيينه كأول مندوبٍ سامٍ على فلسطين إبان الانتداب البريطاني في العام ١٩٢٢، وذلك لجهة العمل على تفعيل المحركات لتنفيذ وعد بلفور بإقامة وطنٍ قوميّ لليهود على أرض فلسطين.
وأثناء ثورة العام ١٩٣٦ في فلسطين، انتشرت قصيدةٌ مشحونةٌ بالتهكم والسخرية للشاعر الشعبي نوح إبراهيم انتشار النار في الهشيم بعنوان «دبّرها يامستر بِل بلكي على إيدك بتحل»، والمقصود هو الجنرال الإنجليزي «ديل»، لكنها حُرّفت بعد ذلك لتشمل اللورد «بيل» الذي كان رئيس لجنة التقسيم في فلسطين.
يعود اليوم حفيد صموئيل ليكون المندوب السامي الثاني البريطاني على فلسطين، وفق خطةٍ أمريكيةٍ ملتبسةٍ تتكتم على الكثير من التفاصيل، وتبطن أكثر مما تظهر، إنْ ما يتعلق منها بدور السلطة وعدم تهجير أهالي غزة، وما إذا كانت ترسم مسارًا لا رجعة عنه، كما جاء في الخطة الفرنسية السعودية، يُفضي إلى إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، التي تتدافع الأمم على الاعتراف بها.
السيرة الذاتية لمندوب الرباعية الدولية للسلام في الفترة ما بين ٢٠٠٧ و ٢٠١٥ لا تبعث على الطمأنينة، خاصة ما عُرف عنه بانحيازه المعلن إلى جانب إسرائيل، ما جعل السلطة تعتبره شخصًا غير مرغوب فيه.
ستحبس المنطقة أنفاسها بانتظار ما سيتمخض عنه وعد ترمب من نتائج استثنائية، كما جاء في تغريدته على منصته «تروث سوشال» أمس.
فهل نحن أمام وعد أم وعيد؟
