دراسة فلسفية لكتاب د. محمود عباس الجزائر قوية …فلسطين قوية

بقلم: د.صالح الشقباوي*

مقدمة:

يصدر هذا الكتاب بعنوان كبير يغطي مساحات الامة من الماء الى الماء” الجزائر قوية ..فلسطين قوية” في زمن عربي صعب وليؤكد حقائق حاول البعض طمسها وتهميشها بل وتغيبها قصدا…اولى هذه الحقائق والبديهيات ارتباط مصير فلسطين بالجزائر .. على كل الاصعدة ..

فالجزائر لها دور استراتيجي ليس في الدفاع عن بقاء وديمومة فلسطين بل وانتصارها وتحقيق اهدافها الوطنية المتمثلة باقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.

تمايز فكر د.محمود عباس نحو الجزائر

..نعم ان ايمان د.محمود عباس بان الجزائر قوية يضفي نوعا من القوة والمناعة والصمود على فلسطين وجودا وديمومة ومعنى ورمزية ..ويحميها ويزودها بالثبات والعزيمة والطمٱنينة ٫ وهذا الفكر للرئيس ابو مازن ..يتماهى كليا ويكمل وصية ابو عمار للشعب الفلسطيني عندما قال ” اذا ضاقت بكم الدنيا عليكم بالجزائر”
وهذا يعني لنا كمفكرين وباحثين وثوار مناضلين..ان الجزائر لها دور واهمية استرايجية ع المستوى السياسي والانطولوجي الفلسطيني المعاصر
ويطرح الكتاب مسألتة الفلسفية والتي تقول ان التواصل الفلسطيني الجزائري يمثل تواصل الجزء مع الكل في ديمومات الوجود..وهذا اعتراف صريح من د.محمود عباس بان الجزائر هي الدولة العربية الوحيدة التي ربطت وجودها بفلسطين، وجعلت من فلسطين قضية مبدئية غير قابلة للنقاش او المساومة، وفي نفس الوقت اكدت الجزائر ان وقوفها مع فلسطين هو موقف جزائري مقدس نابع من مبادئ ثورتها وعقيدتها وبيان اول نوفمبر الخالد..البعيد كل البعد عن المصالح الذاتية الضيقة ..نعم الجزائر هي من تتفرد في العالم اجمع بموقفها مع فلسطين ظالمة او مظلومة، لم تتاجر في القضية ، ولم تستخدمها كقميص عثمان، لذا فان تاكيد الرئيس ابو مازن على ان قوة فلسطين وصمودها وثباتها مستمد ديالكتيكيا من قوة الجزائر هو قول وحكم يصب في مستوى الرفعة والصدق والمنطق، بعد ان تحولت فكرة التحرر واقامة الدولة الفلسطينية الى بنية داخلية في الوعي الجمعي الكلي الجزائري.

فالكل الوطني يقف مع فلسطين رئيسا وجيشا وشعبا .وهذا ما يميز الجزائر عن الكل العربي والكل الاسلامي….حيث تنفرد الجزائر بفلسفة انسجام ووئام ودعم لفلسطين..كدولة وبلد وتاريخ وفكر واسرة وفرد…

البعد الانطولوجي والمخيال الابستيمي في فلسفة د.محمد عباس  ابو مازن رئيس دولة فلسطين في كتابه…الجزائر قوية ..فلسطين قوية
عند دراستك لفصول الكتاب ستجد نوعا من المتعة الفكرية التي اضفاها الكاتب في سردياته التاريخية حول مواضيع مهمة جدا ذكرها المؤلف لتكون شاهدة على تاريخ التمايز والفرادة الجزائرية الفلسطينية…وما لفت انتباهي ما ورد في الكتاب ص ,33 ع لسان د. عزالدين ابراهيم والذي بعد ان وصل الى بيروت ، اتصل بياسر عرفات..والتقى به..حيث فوجئ ابو عمار بشكل مذهل بحجم المبلغ الذي حمله اليه من المجاهد الجزائري محمد خيضر عضو القيادة في الثورة الجزائرية، والذي وصل الى خمسة عشر الف جنيه استرليني وهذا مبلغ ضخم جدا في ذلك الوقت يضاهي حاليا مئة مليون دولار والذي اسس فيه ابو عمار جمعية ابناء الشهداء
حيث شكر الاخ ابو عمار الجزائر الشقيقة ع هذا المبلغ العظيم الذي قدمتة لفلسطين،فهي ستكون السبب الاول في حماية اسر الشهداء والمجاهدين والاسرى والجرحى، وكانت الدولة الاولى التي تقدم الدعم المناسب الذي حمى الاسرى والجرحى و عائلات الشهداء الفلسطينين من السؤال او الوقوف على ابواب اللئام…حيث كلف الاخ ابو عمار الاخ فؤاد الخولي وسيد عزيز عيسى ليباشرا في رعاية الجمعية …وما يهمني في احضار هذه الفصول من سرديات الكاتب هو التٱكيد بان الرئيس ابو مازن يتصف وينفرد بالفلسفة المنفتحة، التي تبدأ قراءتها انطلاقا من الخيار العقلاني، المتجدد كنبع جاري ، فهو فكر متعدد المداخل موحد المخارج..قراءات متعددة تصب في نهر الوطن الفلسطيني وكينونته المتجددة..بعيدة عن الطقوس الاحتفالية، بل قراءة تظهر ان قيمة فلسفة الرئيس ابو مازن قوية وواقعية ومنطقية تفهم جيدا الواقع السياسي ذو الابعاد المختلفة ، وترفض الانسياق وراء الانساق المثالية المجردة .
نعم لقد اكتشفت وانا اقرا كتابك.د.محمود عباس ،فيلسوفا سجاليا من مدرسة ارسطو الاغريقي..الذي رفض مقولات معلمه افلاطون الجاهزة المنحدرة من الارث القبلي، حيث بالروح النضالية الوطنية المسالمة التي تكره العنف وتنبذه… وهذا شئ يحسب له في ظل رؤيته وقناعته وطريقة ادارة للصراع وتحقيق حقوق شعبة ..وهنا اقول ان الرئيس ابو مازن اجتهد وجدد في فكر الوطن ، واعتقد ان نهجه هو الطريق الاقصر نحو اقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف..انطلاق من فهمه الحقيقي والعميق لموازين القوى ..وهوية الزمان ..وقدرته الاستثنائبة ع حفظ وحماية الهوية والذات الفلسطينية وابقائهما في المكان والزمان دون التعرض للتفكك والنهايات المؤلمة…

خاتمة
ختاما اوجه تحياتي لاخي الدكتور محمود عباس..في مجال الفكر ..وما ابدعه في هذا الكتاب الرائع والذي ينم عن وفاء منقطع النذير اتجاه امنا واختا وسندنا وعمقنا الجزائر..
كما واشكر اخي سعادة السفير د.فايز ابو عيطة ع مجهوداته الادارية الجبارة التي ساهمت في اخراج هذا الكتاب الى فضاءات الكينونة المتجددة..على  المستوى الفكري والنضالي…