في مقابلةٍ له مع إحدى الفضائيّات تحدّث عضو مكتب حماس ،حسام بدران ، من الدوحة عن الصمودِ الاسطوريّ لحركتِه في وجه العدوان “الاسرائيليّ” ، وقدراته العسكريّة ، واصفًا حماس بأنّها ( تملكُ ما تملك من إمكانيّات بسيطة ومحدودة ) .
اسرائيل تمكّنت من تدميرِ البنيةِ التحتيّة لغزّة دمارا شبه كامل ، وأعادت احتلالها إلى حدّ كبير ، وهجّرت مليوني فلسطيني من أرضهم ، وقتلت وجرحت مائة الفٍ منهم . وعمليّاتُ المقاومة التي بثّتها فضائيّات المثلثات كانت وحسب محلّليها العسكريّين : من مسافة صفر ! أي أنّ المقاوم الفلسطيني الذي وجد نفسه صبيحة تشرين وسط حربٍ ضخمة ، نفّذ عمليّات تدمير الدبابات، وقتل الجنود الاسرائيليين ( بجسده وقدراته الشخصيّة ) إن صحّ الوصف بسبب ( الامكانيّات المحدودة والبسيطة للمقاومة ) .
أمّا البنية التحتية لغزّة -التي دمّرتها الحرب ومنذ هجوم السابع من تشرين والتي حسب خبراء سيحتاج بناؤها 90 مليار دولار وفترة زمنية طويلة تمتدّ لعدّة سنوات ( أو عقود ) فقد بُنيت ، بالاموال الفلسطينيّة والعربيّة بالذات ، لذا بامكاننا أن نجد في غزّة مستشفيات ووحدات سكنية ومدارس .. الخ تحمل إسم البلد الذي بناها ، ولن نجد بينها حسب علمي اسم ايران .
هنا يطرح سؤالٌ مهمّ نفسه :
ماهو هذا الدعمُ الثمين الذي قدّمه الملالي لحماس مقابل تلميع صورتهم كما قال خالد مشعل في مقابلةٍ له ردًّا على سؤال محاوره : هل الدعم الايرانيّ لكم مجانيّ . فقال ضاحكا : لا طبعا ، نحنُ حركة ( سنّية ) لذلك تستغلّنا ايران في تحسين صورتها في العالم العربي .
مشعل أيضًا ذكر أنَّ هذا الدعم ليس مقابل قرارات حماس ، فحماس حسب قوله سيّدة قرارها ، ومواقفها .
وهنا يطرح سؤال آخر نفسَه : هل نفهمُ من كلام مشعل هذا أنّ كلّ التصريحات ، البيانات ، المواقف الحمساويّة تجاه ايران كانت قرارا حرًّا لقادتها ؟ من صرخة شهيد القدس التي اطلقها هنية في طهران واصفًا سليماني ، حتّى تحيّة الملثم ( للجمهورية الاسلاميّة الايرانيّة في خطابه الاخير ، وتمجيده ” هجومها ” على اسرائيل ) وخطاب هنيّة قبل أسابيع في طهران بمناسبة ( يوم القدس ) والذي استحضر ومدح فيه ( روح الإمام الخميني ) ، مرورا بكلّ بياناتِ الشكر ، والنعي ( واسباغ وصف الشهادة على قتلى المليشيات الايرانيّة في منطقتنا ومنهم ابو باقر الساعدي الذي منحته حماس هذا اللقب مؤخّرًا ، بعد أن اغتاله أسياده وهو يغادر أحد المقرّات التي انتزعها من أصحابها الفلسطينيين المقيمين في العراق ، قبل تهجيرهم وقتلهم من قبل ( شهداء القدس ) ، بعد احتلال العراق ووصول هذه المليشيات سدّة حكمه ؟
أين هو هذا الدعم الايرانيّ ( المهم) الذي لم يجلب على الفلسطينيّين إلّا الخراب ، والذي يبرّر المدافعون عن حماس، بِهِ، تغاضيها عن دمنا السوريّ والعراقيّ واللبنانيّ واليمني الذي أوغلت فيه مليشيات سليماني وخامنئي لتحوّل مدنَنا إلى خرائب تشبه خرائب غزّة ، وهجّرتنا منها كما فعلت وتفعل ” اسرائيل ” الآن . وهل كان هذا الدعم الذي لم يحمِ غزّة وأهلها من آلة القتل ” الاسرائيلي ” يستحقّ تضحية حماس لا بدمِ ( اشقّائها ) العرب فحسب ، بل بدم قرابة اربعين الف شهيدٍ فلسطيني وأكثر من ضعفهم جرحى ومعاقين ، عدا المليوني نازح الذين تطالب حماس الدول العربيّة باعادة اعمار بيوتهم ( كما في السابق ) ، بينما هي تحتفل ، وسط انضمام غزّة الى اخواتِها العربيّات في الدمار والخراب ، بيوم القدس من طهران ، وتحرّض الشارع العربي على بلدانِه ، ذات ال ( طهران ) التي لا يكفّ ساستها عن إدعائهم القدرة على محو اسرائيل خلال أيّام ، والذين على مايبدو لا يرون في ضياع غزّة واهلها دافعًا يجعلهم ينفّذون تهديدهم هذا ، أو على الأقل يزوّدون ذراعهم في فلسطين *: حماس باسلحةٍ تغيّر المعادلة الحاليّة القائمة على ارض غزّة ، خاصّة انّ ايران ومليشياتها قبضت ومنذ هجوم السابع من تشرين ، الثمن الذي تحدّث عنه مشعل ( عدًّا ونقدًا ) مستغلّة النكبة الفلسطينيّة الجديدة لإقناع شريحة عربيّة بأنّ ايران ، ومليشياتها ، ومنها التي قتلتنا برعاية أمريكيّة ، هي مقاومة ! ، وداعمةُ فلسطين الوحيدة في حربٍ فشل ( الدعم الإيرانيّ ) فيها حتّى عن الدفاع عمّا بناهُ ( عربٌ) في غزّة ، أو بناه الفلسطينيّون بأنفسهم ، أو حقّقوه على مدى عقود أتاحت للغزّاوي فرصة التمسّك بأرضِه رغم أنف المحتلّ ” الاسرائيلي” . لتعيدَ ايران ومحورها ( المقاوم ) كابوس النزوح ، والجوع ، والوجع ، وضياع القضيّة ، إلى فلسطين كون ( مقاومتها ) لا تملِكُ وبعد كلّ صكوك الغفران التي قدّمتها حماس للقتلة الايرانييّن ، إلّا امكانيّاتٍ بسيطةٍ ومحدودة وباعتراف حسام بدران / حماس! .