دعوات اسرائيلية للتخلي عن المساعدات الأمريكية ورفض التبعية

السياسي – لا يتوقف الحديث الاسرائيلي عن مستقبل المساعدات الأمريكية، خاصة في ضوء تحولها من أداة استراتيجية إلى رمز للتبعية، مما يقوض صورة دولة الاحتلال كقوة مستقلة، وبالتالي فإن الانتقال التدريجي لعلاقات تجارية متساوية سيعزز التحالف مع الولايات المتحدة، بدلاً من إضعافه، مما يزيد من الدعوات الاسرائيلية للانتقال بالدولة من مُتلقّية للصدقة إلى شريك لأمريكا.

المحامي مارك زيل، رئيس الحزب الجمهوري في الفرع الإسرائيلي، ونائب رئيس الحزب الجمهوري العالمي، أكد أن “الجدل حول مستقبل المساعدات الأمنية الأمريكية لإسرائيل عاد مؤخرا إلى عناوين الصحف، عندما ورد أن إسرائيل تسعى لاتفاقية مساعدات جديدة لمدة 20 عامًا، وفي اليوم نفسه، أجرت إحدى وسائل الإعلام الأسترالية مقابلة مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، وصرح بأنه مهتم بجعل صناعة الأسلحة الإسرائيلية مستقلة قدر الإمكان”.

وأضاف في مقال نشره موقع ويللا، أنه “قبل بضعة أشهر، في مناقشات عُقدت في الكنيست، طُرحت هذه القضية على جدول الأعمال، وناقشتها بالفعل، وتصرفت بشأنها آنذاك، ولذلك فإني أؤيد إعلان نتنياهو، لكنني أعتقد أنه ينبغي علينا المضي قدمًا، بحيث أنه على إسرائيل أن تتخلى تمامًا عن المساعدات العسكرية الأمريكية، ربما تدريجيًا، ولكن بشكل كامل، وأن تنتقل لعلاقات تجارية بحتة مع الولايات المتحدة، رغم أن هذه ليست دعوة للنيل من التحالف مع الولايات المتحدة، بل على العكس تمامًا”.

وأوضح زيل أنني “أُقدّر بشدة العلاقة التاريخية والاستراتيجية بين تل أبيب وواشنطن، وأعمل بجد من أجل هذا التحالف: في المحادثات الدبلوماسية، والاجتماعات مع المسؤولين الحكوميين فيهما، وفي وسائل الإعلام، وأمام الجمهور، ولكن احترامًا للتحالف، ورغبةً بتعزيزه، فقد حان الوقت لتعزيزه ليصبح نموذجًا للشراكة الحقيقية بين المتساوين، بدلًا من علاقة التبعية، لأن المشكلة الرئيسية في نموذج المساعدات الحالي ليست اقتصادية، بل هي سياسية”.
وأكد أنه “في محادثاتي مع مسؤولين في الحزب الجمهوري وإدارة الرئيس دونالد ترامب، أواجه مرارًا وتكرارًا تصورًا إشكاليًا لدولة إسرائيل بأنها متلقية للمساعدات، كنوع من “حالة رعاية اجتماعية” أمريكية، لكن المعارضة المتزايدة بين اليمين الأمريكي للمساعدات الخارجية عمومًا، وخاصةً بين قاعدة “الماغا”، تُنشئ حالةً تُنظر فيها إلى إسرائيل كعبءٍ، بدلًا من كونها شريكًا استراتيجيًا”.

وتابع “التقيت مؤخرًا بصحفي أمريكي يميني مشهور، يتمتع بنفوذ كبير بين المحافظين، وقد طُرحت هذه القضية بشكلٍ حاد، واعتبر أن المسألة ليست مجرد ميزانية، بل تتعلق بكيفية رؤية إسرائيل في أمريكا، خاصةً في الحزب الجمهوري الذي يُفترض أن يكون حليفنا الطبيعي، وذكر ترامب نفسه هذه المساعدات خلال اجتماع مع نتنياهو قائلا إننا نمنح إسرائيل 4 مليارات دولار سنويًا، وهذا مبلغ كبير”.

وأوضح زيل أن “مصطلح المساعدات الخارجية، والتصور بأن هذا “كرم أمريكي” يضرّ بإسرائيل، ويُشوّه الحقيقة، وبدلًا من ذلك، علينا تغيير الخطاب، وتوضيحه، لأننا أمام شراكة استراتيجية، وليست صدقة مالية، وهنا تظهر مسائل السيادة الوطنية والاستقلال الاستراتيجي محورية هنا، فالمساعدات تمنح واشنطن نفوذًا هائلًا على صنع القرار الإسرائيلي، وعلى مر السنين، رأينا كيف استُخدمت المساعدات كأداة ضغط، كما حدث في إدارة بايدن مع حظر الأسلحة”.

ولفت إلى أن “إسرائيل 2025 ليست هي ذاتها إسرائيل 1979، لأنها اليوم قوة اقتصادية وتكنولوجية، وذات صناعة عسكرية متقدمة، وقد حان الوقت لأن يعكس وضعها السياسي هذا الواقع، وبدلاً من التوسل للحصول على المزيد من المال الأمريكي لسنوات أخرى، فقد حان الوقت لتقف على أقدامها، وهذه ليست مجرد قضية اقتصادية أو أمنية، بل قضية استقلال دولة ذات سيادة”.

وزعم أن “إسرائيل ليست دولة رفاهية، بل تعطي الولايات المتحدة ما لا يقل عما نتلقاه، إنها مختبر في ظروف قتالية للصناعات العسكرية الأمريكية، وكل سلاح أمريكي يختبره الجيش في الميدان يحصل على شهادة جودة لا يمكن تعويضها، كما أنها تزود الولايات المتحدة بمعلومات استخباراتية حيوية وتكنولوجيا متقدمة وابتكارات، أي أننا أمام شراكة استراتيجية، وليست علاقة خيرية، وإن الاقتراح الإسرائيلي الجديد بتمديد اتفاقية المساعدات من 10 إلى 20 عامًا، وزيادة المبالغ خطوة في الاتجاه الخاطئ”.

وأضاف زيل أن “تمديد فترة التبعية إلى 20 عامًا يُعمّق المشكلة الأساسية، إذ يُواصل تصوير إسرائيل كدولة محتاجة بدلًا من شريك، وحان الوقت للانتقال إلى علاقة تجارية بحتة مع الولايات المتحدة، وفي هذا النموذج، سيشتري إسرائيل أنظمة أسلحة أمريكية على أساس تجاري عندما يخدم ذلك مصالحه، وسيبيع الولايات المتحدة معلومات استخباراتية وتكنولوجيا وابتكارات، وسيُطوّر الجانبان مشاريع مشتركة على قدم المساواة، وستتمكن إسرائيل من اللجوء لمورّدين آخرين عندما يخدم ذلك احتياجاته”.

مع تزايد الدعوات الاسرائيلية بالتخلي التدريجي عن المساعدات الأمريكية، لكن هناك قناعة بأن هذا “الفطام” سيكون صعبًا، ويتطلب فترة انتقالية، على اعتبار أن المقترح الحالي لاتفاقية مدتها 20 عامًا مع زيادة المساعدات الأمريكية يُعمّق التبعية، ويُعزز نفوذ واشنطن على الاسرائيليين، مما يُفاقم النظرة السلبية لدى اليمين الأمريكي، ويعمل على إضعاف التحالف مع أمريكا، لا تعزيزه.