خبر مهم مستجد، عما تتعرض له إسرائيل لأول مرة منذ تأسيسها، فى أن تمتنع أو تُقَيِّد دول غربية علانية مدها بالسلاح، وهى دول كانت تاريخياً ضمن حلفها الرئيسى الداعم لها دائماً، مثل بريطانيا وكندا وإيطاليا وإسبانيا وهولندا وبلجيكا. ولا يُقَلِّل من أهمية الخبر أن تُلَطِّف هذه الدول التعبير عن أسبابها دون أن تذكر صراحة أنها نتيجة لجرائم الحرب البشعة التى ترتكبها إسرائيل ضد الفلسطينيين المدنيين العزل. وحتى لو لم يكن لهذا المنع تأثير كبير على قوة إسرائيل، ما دام أنها تُعوِّض كلَ ما ينقصها بفيض التدفقات العسكرية الدائمة من الولايات المتحدة الأمريكية. لاحِظ أيضاً أن بعض هذه الدول، قبل أن تُعلِن موقفَها الأخير، سبق لها أن أعربت عن تعاونها مع محكمة الجنايات الدولية فى حالة إصدارها قراراً بإلقاء القبض على رئيس حكومة إسرائيل نيتانياهو ووزير دفاعه جالانت لمحاكمتهما عن الجرائم المنسوبة لهما، والتى تتضمن الاتهام بجريمة الإبادة الجماعية التى هى أخطر تهمة فى قائمة الاتهامات.
من النتائج الإيجابية الكثيرة لهذه المواقف المستجدة أنها تُضَيِّق مجال الحاضنة الدولية التى ظلت توفر غطاء لإسرائيل، ليس فقط بتوفير احتياجاتها من التسليح، ولكن أيضاً فى خنق من المنابع أى قرار لإدانتها.
من المهم فى التحليل استخلاص أنه ليست هناك معلومات جديدة أتيحت لهذه الدول التى غيَّرت خطابها بخصوص إسرائيل، فلديها خبراؤها الذين يعرفون كل شىء منذ البدايات الأولى، كما لم يقم الفلسطينيون بدور فى تغيير مواقفها، كما لم تحدث لحكوماتها استفاقة لضميرها الإنسانى جعلتها تراجع دأبها على تبرير كل جرائم إسرائيل. أما العامل الأساسى وراء هذا التغيير فهو الاحتجاجات الواسعة لجماهيرها فيما صار أوضح ما يكون، مما جعل هذه الحكومات تحسب حساب تأثير المواقف الجديدة لجماهيرها فى نتائج أى انتخابات مقبلة. مع ملاحظة أنه لم يكن لهذه الجماهير أن تتحرك بهذه القوة إلا بعد أن صارت المعلومات متاحة عبر السوشيال ميديا، خاصة القتل المروع للأطفال، مع تحليل الأخبار المتحرر من الروادع، مما قضى على السيطرة على حجب جرائم إسرائيل فى وسائل الإعلام التقليدية.