السياسي –
انتقد قادة دول مجموعة بريكس في قمتهم المنعقدة في ريو دي جانيرو، أمس الأحد، الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس دونالد ترامب على شركاء بلاده التجاريين، كما نددوا بالضربات العسكرية الأخيرة على إيران.
وجاء في إعلان مشترك صادر عن القمة في يومها الأول “نعرب عن قلقنا الشديد إزاء تزايد الإجراءات الجمركية وغير الجمركية المُشوّهة للتجارة”.
ويعقد قادة مجموعة الدول الناشئة الكبرى الـ11، ومن بينها البرازيل والصين والهند وروسيا وجنوب أفريقيا، اجتماعهم السنوي الذي يستمر يومين وسط إجراءات أمنية مشددة في خليج غوانابارا، على وقع تلويح ترامب بزيادة الرسوم الجمركية.
واعتبرت المجموعة أن هذه الرسوم غير قانونية وتعسفية، وتُهدد “بالحد من التجارة العالمية بشكل إضافي، وتعطيل سلاسل التوريد، وإدخال حالة من عدم اليقين إلى الأنشطة الاقتصادية والتجارية الدولية”.
وسارع ترامب إلى الرد على المجموعة بشكل مباشر، عبر وسائل التواصل الاجتماعي مساء أمس الأحد، متوعداً بفرض رسوم جمركية إضافية بنسبة 10% على الدول التي تتبنى سياساتها.
وكتب ترامب على منصته “تروث سوشيال”: “أي دولة تصطف مع سياسات مجموعة بريكس المعادية لأمريكا، سيتم فرض رسوم جمركية إضافية عليها بنسبة 10%. ولن تكون هناك استثناءات لهذه السياسة”.
وكذلك، أكد ترامب في منشور آخر، أنه سيبدأ اليوم الإثنين، بإرسال أول دفعة من الرسائل إلى دول عدة في أنحاء العالم، لحضها إما للتوصل إلى اتفاق تجاري، أو مواجهة فرض رسوم باهظة على سلعها.
وتُمثل الدول الناشئة الإحدى عشرة التي تشكل مجموعة بريكس، وبينها البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا، حوالي نصف سكان العالم و40% من الناتج الاقتصادي العالمي. لكن القادة يحذرون من توجيه انتقادات مباشرة للولايات المتحدة أو لرئيسها، خصوصاً وأن دولاً عدة منخرطة في مفاوضات مع واشنطن على هذا الصعيد.
وقال وزير الخزانة الأمريكي سكوت بينسنت، إن “الرسوم الجمركية الجديدة ستطبق اعتباراً من الأول من أغسطس (آب) المقبل، في حال لم يبرم شركاء واشنطن التجاريون من تايوان إلى الاتحاد الأوروبي، اتفاقات معها”.
وكان ترامب أحدث في أبريل (نيسان) الماضي، صدمة حول العالم بإعلانه عن زيادة كبيرة في الرسوم الجمركية على كل الشركاء التجاريين لبلاده. وتراوحت تلك الرسوم بين 10% كحدّ أدنى و50% للدول التي تُصدّر إلى الولايات المتحدة أكثر مما تستورد منها. لكنّه ما لبث أن علّق تطبيق تلك الرسوم حتى 9 يوليو (تموز) الجاري، وفتح الباب أمام إجراء مفاوضات تجارية مع كل دولة على حدة.
O BRICS se reúne, mais uma vez, no Brasil. Com quase metade da população mundial, somos responsáveis por 40% da riqueza produzida no planeta. Com a entrada de novos membros, estamos fortalecendo o Sul Global e ampliando a voz dos países emergentes.
Sob a presidência brasileira,… pic.twitter.com/kS6iWM58Ke
— Lula (@LulaOficial) July 6, 2025
انهيار
وكان الرئيس البرازيلي قد افتتح القمة برسم مشهد سوداوي للتعاون العالمي. وقال لولا: “نشهد انهياراً غير مسبوق للنهج التعددي”.
ولكن للمرة الأولى منذ 12 عاماً، يغيب الرئيس الصيني عن قمة المجموعة التي تعتبر بلاده القوة المهيمنة فيها.
وفي كلمة وجّهها عبر الفيديو، اعتبر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن “مجموعة بريكس باتت تعتبر واحدة من المراكز الرئيسية للحكم العالمي، وأن نهج القطب الأوحد في العلاقات الدولية ولّى زمنه”.
إيران وغزة
وحضر في افتتاح القمة ملف الشرق الأوسط. وقال الرئيس البرازيلي اليساري في افتتاح القمة: “لا شيء يبرر على الإطلاق الأعمال الإرهابية التي ترتكبها حماس. لكن لا يمكننا الاستمرار في تجاهل الإبادة التي ترتكبها إسرائيل في غزة، والمجازر بحق مدنيين أبرياء، واستخدام الجوع كسلاح حرب”.
وفي الإعلان المشترك، دعا قادة المجموعة إلى وقف إطلاق نار فوري ودائم وغير مشروط، وإلى الانسحاب الكامل للقوات الإسرائيلية من القطاع، وجميع الأجزاء الأخرى من الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وتحدّث لولا عن الحرب بين الجيش الإسرائيلي وحركة حماس في قطاع غزة، متّهماً مرة جديدة إسرائيل بارتكاب “إبادة”، علماً بأن هذا التوصيف سبق أن أثار أزمة دبلوماسية بين البلدين. ودعت دول البريكس بشكل جماعي إلى حل سلمي للصراع الإسرائيلي الفلسطيني، يقوم على أساس حل الدولتين.
وكذلك، نددت دول بريكس بـ”الضربات العسكرية” على إيران، معتبرة أنها “انتهاك للقانون الدولي”، في إعلان لم يأت صراحة على ذكر إسرائيل أو الولايات المتحدة اللتين شنتا ضربات على مواقع عسكرية ونووية ومنشآت إيرانية أخرى.
وأنشئت مجموعة بريكس بهدف إعادة التوازن إلى النظام العالمي، لكن مع توسعها في العام 2023 وازدياد عدد الأعضاء، أصبحت المجموعة أكثر تنوعاً وباتت آلية إصدار إعلان مشترك أمراً معقداً. و دعت القمة إلى وضع قواعد تنظيمية تحكم الذكاء الاصطناعي، مشيرة إلى أن التكنولوجيا لا يمكن أن تكون حكراً على الدول الغنية فقط.
ويسيطر عمالقة التكنولوجيا في الولايات المتحدة حالياً على قطاع الذكاء الاصطناعي التجاري، على الرغم من أن الصين ودول أخرى لديها قدرات متطورة في هذا المجال.
وتأمل البرازيل التي تستضيف في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، قمة الأمم المتحدة حول المناخ “كوب 30″، في التوصل إلى إجماع حول مكافحة التغير المناخي.