ذكرى انطلاقة حركة فتح الـ61 حين وُلد القرار الفلسطيني المستقل

د . محمود جودت قبها

في الأول من كانون الثاني عام 1965 لم تكن انطلاقة حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح حدثًا عابرًا في تاريخ شعبٍ تحت الاحتلال بل كانت لحظة تحول مفصلية أعادت صياغة الوعي الوطني الفلسطيني وأعلنت ميلاد القرار الفلسطيني المستقل بعيدًا عن الوصاية والانتظار.

جاءت فتح من رحم المعاناة الفلسطينية ومن خيام اللجوء ومن قهر الاحتلال لتقول كلمتها الواضحة إن فلسطين لا تُستعاد إلا بإرادة أبنائها حملت البندقية حين كانت الكلمة مصادرة ورفعت راية الوحدة الوطنية حين كان التشرذم يهدد القضية فكانت مشروعًا وطنيًا جامعًا لا حزبًا مغلقًا.

على مدار واحدٍ وستين عامًا شكّلت فتح العمود الفقري للحركة الوطنية الفلسطينية وقادت مسيرة الكفاح بكل أشكاله من الثورة المسلحة إلى النضال السياسي والدبلوماسي وصولًا إلى بناء المؤسسات الوطنية الفلسطينية وقدّمت قوافل من الشهداء والأسرى والجرحى وفي مقدمتهم القائد الرمز الشهيد ياسر عرفات الذي جسّد بصلابته وحكمته روح فتح ونهجها الثابت لا سلام بلا عدالة ولا دولة بلا حرية.

لم تكن فتح يومًا حركة مغلقة على ذاتها بل حافظت على هويتها كحركة جماهيرية تتسع لكل الفلسطينيين وتؤمن بالشراكة الوطنية وتدافع عن منظمة التحرير الفلسطينية باعتبارها الممثل الشرعي والوحيد لشعبنا الفلسطيني.

وفي الذكرى الحادية والستين لانطلاقتها تقف فتح اليوم أمام تحديات جسام احتلال متغطرس وعدوان متواصل وانقسام أضعف الجبهة الداخلية ومع ذلك تبقى فتح مطالبة أكثر من أي وقت مضى بتجديد روحها الثورية وتعزيز وحدتها الداخلية والانحياز الدائم لنبض الشارع الفلسطيني ولحقوق شعبنا غير القابلة للتصرف وفي مقدمتها حق العودة وتقرير المصير وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.

إن فتح وهي تدخل عامها الثاني والستين مدعوة لاستعادة دورها الطليعي كميزان وطني جامع يحمي المشروع الوطني من التصفية ويصون تضحيات الشهداء ويجدد العهد بأن تبقى فلسطين البوصلة والحرية الهدف والوحدة الطريق.

فتح هي مدرسة النضال المتعدد الأشكال جمعت بين البندقية والسياسة وبين الثورة وبناء المؤسسات دون أن تفرّط بثوابت الوطن أو تتنازل عن حقوقه حافظت على منظمة التحرير الفلسطينية إطارًا جامعًا وصانت الهوية الوطنية في أحلك الظروف وقدّمت قوافل من الشهداء والأسرى دفاعًا عن فلسطين والكرامة الإنسانية.

وفي مسيرتها لم تدّعِ الكمال لكنها بقيت وفية لجوهرها حركة جماهيرية تنتمي إلى الناس وتستمد شرعيتها من الشارع الفلسطيني وتؤمن بأن الوحدة الوطنية هي صمّام الأمان للمشروع الوطني.

في الذكرى الحادية والستين نستحضر انطلاقةً لم تكن رقمًا في الزمن بل فعلًا ثوريًا غيّر مسار القضية الفلسطينية. واحدٌ وستون عامًا من الصمود ومن التمسك بالقرار الوطني المستقل ومن الإيمان بأن فلسطين تُؤخذ ولا تُمنح.

هي ذكرى الوفاء لدماء الشهداء ولصبر الأسرى ولحكايات المنفى والعودة ذكرى تقول إن الطريق كان شاقًا لكنه لم ينكسر وإن الراية التي رُفعت عام 1965 ما زالت مرفوعة رغم الجراح والخذلان ستبقى فتح ما بقي الاحتلال عنوان الصمود والالتزام الوطني وميزان الاعتدال الثوري وجسر العبور نحو الحرية والدولة المستقلة وعاصمتها القدس.

علّمتني فتح أن الوفاء ليس شعارًا يُرفع بل موقفٌ يُثبت عند الشدائد علّمتني أن الانتماء ليس كلماتٍ تُقال في المناسبات بل عهدٌ يُصان بالعمل والتضحية وبالتمسك بالوطن مهما اشتدّ الطريق وطال.

علّمتني فتح الوفاء للشهداء الذين سبقونا وللأسرى الذين ما زالوا يدفعون ثمن الحرية وللفقراء والمناضلين الذين حملوا القضية في قلوبهم قبل أكتافهم علّمتني أن الوفاء هو أن تبقى فلسطين أولًا فوق كل اعتبار وفوق كل خلاف.

علّمتني فتح أن نختلف دون أن ننكسر وأن نصمد دون أن نفقد إنسانيتنا وأن نحمي وحدتنا لأن الوطن لا يُبنى إلا بسواعد أبنائه مجتمعين. وفي مدرسة فتح تعلّمت أن الثورة أخلاق قبل أن تكون فعلًا، وأن المسؤولية الوطنية أمانة لا تُخان.

ستبقى فتح بالنسبة لي درسًا في الوفاء ما بقي الاحتلال وما بقي في هذا الشعب قلبٌ ينبض بالحرية وذاكرةٌ لا تنسى من ضحّى لأجل فلسطين.

علّمتني فتح أن الوطن ليس ذكرى بل مسؤولية
وأن الانتماء فعلُ وفاءٍ لا تراجع عنه.

علّمتني فتح أن أرفع رأسي عاليًا وأن أؤمن بأن فلسطين حقّ لا يسقط وأن الكرامة تُنتزع ولا تُوهب.

علّمتني فتح أن الشهداء طريق وأن الأسرى وعد وأن الوحدة الوطنية قدرٌ لا خيار.

علّمتني فتح أن أبقى ثابتًا مهما اشتدّت العواصف ومهما طال ليل الاحتلال ستبقى فتح مدرستي وتبقى فلسطين البوصلة والحرية الهدف.

علّمتني فتح أن الوطن أمانة لا تُساوَم وأن الانتماء موقف يُختبر في الشدائد.

علّمتني فتح أن الوفاء فعلٌ يومي وأن الثورة أخلاق قبل أن تكون شعارًا وأن فلسطين أكبر من كل خلاف.

علّمتني فتح أن الشهداء حياة وأن الأسرى ضمير لا ينام وأن الوحدة الوطنية طريق الخلاص

علّمتني فتح أن أبقى ثابتًا لا أبدّل البوصلة ولا أساوم على الحق.

علّمتني فتح أن الوطن قضية لا تُؤجَّل وأن الانتماء وفاءٌ يُثبت بالفعل لا بالقول.

علّمتني فتح أن الكرامة طريق وأن الشهداء نبراس وأن الأسرى عهدٌ لا يُنسى.

علّمتني فتح أن أختلف دون أن أنكسر وأن أبقى وفيًّا لفلسطين مهما طال ليل الاحتلال.

علّمتني فتح أن الوطن أمانة لا تُساوَم والانتماء موقف يُختبر في الشدائد.

علّمتني فتح أن الكرامة حق وأن الحرية تُنتزع ولا تُمنح وأن فلسطين أكبر من كل الخلافات.

علّمتني فتح أن الشهداء طريق وأن الأسرى وعد وأن الوحدة الوطنية قدر لا خيار.

علّمتني فتح أن أبقى ثابتًا لا أغيّر البوصلة ولا أساوم على الحق.

ستبقى فتح مدرستي وتبقى فلسطين البوصلة ستبقى فتح مدرستي ويبقى الوطن أولًا… دائمًا.

المجد للشهداء… الحرية للأسرى… والوفاء لفتح رف ده وفاء لفلسطين.
ابن الشبيبة الفتحاوية
ابن العاصفة
د . محمود جودت قبها