في خضم الصراع الإيراني – الإسرائيلي المشتعل عادت العائلة للظهور بقوة ودعا وريث العرش السابق رضا بهلوي إلى تغيير النظام
بهلوي الابن الذي يعيش في الولايات المتحدة، يقدم نفسه كمعارض صريح للنظام الحالي في إيران. وعلى رغم عدم امتلاكه لأية سلطة سياسية رسمية داخل إيران، يتمتع بتأييد رمزي بين بعض فئات الجالية الإيرانية في الخارج وبعض الإيرانيين الإصلاحيين. ويدعو رضا بهلوي إلى قيام إيران علمانية وديمقراطية، وكثف خلال الآونة الأخيرة نشاطاته الدولية، مطالباً بدعم عالمي للمحتجين الإيرانيين ولانتقال سلمي من النظام الديني الحالي.
عندما صعدت عائلة شاه إيران محمد رضا بهلوي إلى الطائرة “فالكون بيونغ 707” خلال يناير (كانون الثاني) 1979، فارة من الاحتجاجات الشعبية الغاضبة، أصر الشاه على قيادة الطائرة بنفسه. ففي مذكراتها، تذكر فرح ديبا زوجة الشاه “ما أصبحنا داخل الطائرة حتى ذهب الملك وجلس في كابينة القيادة -كان الطيران دائماً من أعظم ما يبهجه- وهكذا وعلى رغم القنوط الذي ناله أو ربما بسبب هذا القنوط أراد أن يسيطر على جهاز قيادة الرحلة التي من المقرر أن تأخذه بعيداً من إيران ومن شعبه إلى الأبد”. وما إن تجاوزت الطائرة المجال الجوي لإيران، تخلي الشاه عن جهاز القيادة وانضم إلى عائلته داخل المقصورة، مختتماً قيادته إلى الأبد.
المشهد الأخير الذي سردته ديبا لعائلتها في إيران، بدأت معه فصول رحلة طويلة شاقة، آلامها النفسية تتعلق برفض أقرب الحلفاء استضافة تلك العائلة الملكية التي كانت يوماً تسكن قصراً إمبراطورياً ضخماً، فرفضت بريطانيا وأميركا استقبال عائلة بهلوي التي وصلت أولاً إلى أسوان في مصر بدعوة من الرئيس المصري الراحل أنور السادات ومكثت أسابيع عدة في قصر ضيافة، ثم انتقلت إلى المغرب كضيوف على الملك الحسن الثاني الذي كانت تربطه به علاقة صداقة، لكن الأوضاع الأمنية حالت دون بقائهم طويلاً وبخاصة مع ضغط النظام الإسلامي الجديد في طهران على الدول العربية والغربية لعدم استضافة الشاه، مما اضطره للتنقل بين جزر البهاما والمكسيك وبنما، وخلال الأثناء سمحت له إدارة الرئيس الأميركي جيمي كارتر بالقدوم لتلقي العلاج الكيماوي في مستشفى داخل نيويورك، لكن تحول الأمر سريعاً إلى اندلاع أزمة الرهائن الأميركيين داخل السفارة الأميركية في طهران خلال نوفمبر (تشرين الثاني) 1979.
وسط آلام المرض الذي بدأ يشتد على الشاه، اضطر وعائلته المكونة من زوجه وأربعة أبناء تراوح أعمارهم ما بين ثماني و17 سنة مغادرة الولايات المتحدة، مع استمرار أزمة الرهائن خلال ديسمبر (كانون الأول) من العام نفسه ومطالبة النظام الجديد بتسليمه، وبعد وصوله إلى بنما بأشهر قليلة، عاد إلى مصر خلال مارس (آذار) 1980، بدعوة من الرئيس السادات الذي منحه وعائلته اللجوء السياسي، وظل الشاه آمناً في مصر يعامل كإمبراطور حتى وفاته خلال يوليو (تموز) من العام نفسه بمضاعفات مرض السرطان. ومنح الرئيس المصري العائلة ضريحاً في مسجد الإمام الرفاعي بقلب القاهرة لدفن الشاه. ولاحقاً، تنقلت العائلة بين مصر وفرنسا والولايات المتحدة، واستقروا معظم الوقت داخل ويليامز تاون في ولاية ماساتشوستس الأميركية حيث كان يدرس الابن الأكبر رضا على بهلوي في الجامعة.
صدمات لاحقة
ربما لم تكن تلك الصدمة لرحيل رجل مريض بهذا المرض العضال كبيرة بقدر الصدمات اللاحقة التي ألمت بتلك العائلة التي توارت عن الأنظار طوال العقود الأربعة الماضية، باستثناء تلك المرات التي كشفت فيها الصدمات عن نفسها.
فما وقع بتلك العائلة الملكية من أزمات كانت كافية لإصابة أفرادها بالاكتئاب وهشاشة أرواحهم. فخلال عام 2001، عثر على جثة ليلى بهلوي الابنة الصغرى لشاه إيران وفرح ديبا داخل غرفتها بفندق في لندن عن عمر 31 سنة، إذ تبين لاحقاً أنها توفيت نتيجة جرعة زائدة من المهدئات ومضادات الاكتئاب، وكانت تعاني مما يعرف بـ”الأنوركسيا العصبية” وهو فقدان الشهية المرضي. وبعد عقد واحد فقدت العائلة مطلع عام 2011 الابن الأصغر الأمير على رضا بهلوي الذي انتحر داخل الولايات المتحدة بعد صراع طويل مع مرض الاكتئاب.
نقلا عن
اندبندنت عربية