في أمسية تنصيب دونالد ترامب رئيساً جديداً للولايات المتحدة، وفي خطابه المطول تطرق لصفقة التبادل، واكتفى بالقول إن الأسرى عادوا إلى منازلهم في الشرق الأوسط قبل يوم واحد من وصوله للبيت الأبيض، دون الإشارة إلى القضايا الجوهرية في منطقتنا، وفي مقدمتها ضرورة وقف العدوان على شعبنا الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة، وإقامة الدولة الفلسطينية.
معذور ترامب إذا كان لا يدرك حقيقة أن هناك شعباً أعزل، لا يزال يتألم من إجراءات الاحتلال وممارساته القمعية على مدى سنوات طويلة، ولكن إذا كان ترامب فعلاً يريد أن يذكره العالم والتاريخ على أنه صانع سلام، فعليه أن يتعامل مع الرسائل الفلسطينية الملحة التي توجه له من تحت أنقاض غزة، وفي مقدمتها وجود أكثر من ١١ ألف مفقود جراء الحرب الإسرائيلية الطاحنة، وأن قطاع غزة يحتاج يومياً إلى إدخال ٦٠٠ شاحنة لتأمين الغداء والدواء للسكان، وهل يعلم ترامب أن مئات الآلاف من الأسر والعائلات في القطاع بلا مأوى، وأنها تحتاج فوراً، وعلى نحو طارئ، إلى أكثر من 200 ألف خيمة و60 ألف منزل، وأن 800 ألف طالب وطالبة لا يزالون تحت طائلة الحرمان من التعليم، بسبب تدمير الهيئات والمؤسسات التعليمية، وفي مقدمتها المدارس والمعاهد والكليات والجامعات، وهل يعلم ترامب أن غزة بلا مساجد ولا مآذن ولا كنائس لإقامة الصلوات.
على ترامب أن يقر ويعترف بأن إسرائيل مارست حرب إبادة جماعية بحق الشعب الفلسطيني راح ضحيتها أكثر من ٤٧ ألف شهيد والآلاف تحت الأنقاض، وإصابة اكثر من ١١ ألف مواطن وعشرات الاف المعاقين والمبتورين والمحتاجين لعمليات طارئة.
سنحتفظ بتصريحاتكم سيدي الرئيس ونحفظها في السجلات، بأنكم قلتم أمس إن قوتكم ستوقف الحروب في العالم إلى الأبد، وإنها ستجلب روحاً جديدة من الوحدة إلى عالمٍ كان غاضباً وعنيفاً وغير قابل للتنبؤ تمامً، وإنكم تريدون أن يكون إرثكم هو أنكم صناع سلام ووحدة، وعلى هذا الأساس نقول لكم ها هو السيد الرئيس محمود عباس، رئيس دولتنا وسلطتنا ومنظمتنا التي تعتبر الممثل الشرعي والوحيد لشعبنا الفلسطيني، ونيابة عن شعبنا، كان من أوائل الرؤساء في العالم الذين بعثوا لكم بالتهاني الحارة لتسلمكم مهام منصبكم، مخاطباً إياكم بالاستعداد للعمل معكم ليتحقق السلام في عهدكم، وفق حل الدولتين على أساس الشرعية الدولية، دولة فلسطين ودولة إسرائيل لتعيشا جنباً إلى جنب بأمن وسلام، وأن يتحقق الأمن والاستقرار في منطقتنا والعالم”.
رسائلنا الفلسطينية لترامب، رسائل في الصميم، الواجب الوطني والإنساني والأخلاقي، يحتم تقديمها انطلاقاً من قيم وعادات وتقاليد شعبنا المحب للعدل والسلام والأمن والطمأنينة، راجين أن يكون الرئيس الأميركي المنتخب عند وعوده، وأن تنتهي الأزمات والحروب والمشاكل في منطقتنا إلى الأبد.