رسالة لإجتماع شرم الشيخ …سلام الشرق الاوسط… يتحقق بإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة ؟

د فوزي علي السمهوري

الرئيس ترامب منذ طرح خطته بوقف ” الحرب ” في قطاع غزة تحت طائلة والتهديد بتدمير وإبادة ما تبقى من بنى فوقية وتحتية في مدينة غزة والمضي بدعم وتمكين وحماية مجرمي الحرب الإسرائيليين بإرتكاب جرائم حرب الإبادة والتطهير العرقي بحق ابناء الشعب الفلسطيني المدنيين إذا لم تبادر حركة حماس بالموافقة على إطلاق سراح المحتجزين خلال مدة ٣ ايام ونزع السلاح مما حدى بالجميع التساءل من سياسيين وقادة احزاب ومفكرين ومحللين سياسيين وقادة دول ما هي عوامل إنقلاب ترامب على موقفه الرافض لوقف العدوان عبر إستخدام تعسفي للفيتو إلى موقف الداعم والمتبني لوقف العدوان الهمجي الوحشي؟
بالتأكيد لا أحد يملك المعلومة اليقينية ولكن الشواهد والوقائع تشير إلى دوافع التغيير ومنها :
اولا : الدعم الأمريكي السياسي والإقتصادي والعسكري للكيان الإستعماري الإسرائيلي بإستراتيجيته العدوانية التوسعية وبدعم إستمراره بحرب الإبادة والتطهير العرقي بحق المدنيين الفلسطينيين وتدمير الاعيان المدنية مما ادى إلى تراجع شعبيته لدى اوساط الشعب الامريكي .
ثانيا : فقدان امريكا لمصداقيتها على الصعيدين الشعبي والرسمي مما ادى إلى تراجع حقيقي لنفوذها على الساحة العالمية وإن بدى للبعض غير ذلك .
ثالثا : عدم إحترامها لدورها ومسؤوليتها بقيادة العالم على مبادئ الحرية والعدالة والمساواة وحقوق الإنسان وكدولة دائمة العضوية بمجلس الأمن تضطلع بواجب إعمال مبادئ واهداف وميثاق الأمم عمليا ودون إزدواجية وما دعم الكيان الإستعماري الإسرائيلي برفض تنفيذه اي من القرارات الدولية الصادرة عن مجلس الأمن والجمعية العامة ومجلس حقوق الإنسان ومحكمة العدل الدولية إلا دليل على سياستها بتوظيف مكانتها الدولية لتحقيق مصالحها ترغيبا وترهيبا دون النظر فيما تؤدي قراراتها إلى تقويض الأمن والسلم الإقليمي والدولي دون مراعاة للشرعة الدولية بل بإنتهاك صارخ لمبادئ وأهداف الأمم المتحدة .
رابعا : إنفضاض العالم بغالبيته الساحقة عن التصويت بمؤسسات الأمم المتحدة لصالح مشاريع قراراتها او اللحاق التلقائي بالتصويت بمجلس الأمن والجمعية العامة كما تطلب او تشتهي امريكا وما التصويت بإجماع اربع عشر دولة اعضاء مجلس الأمن مقابل صوتها الوحيد الرافض للإجماع الدولي وتصويت الجمعية العامة باغلبية ساحقة تجاوزت ٨٠ % خلافا للرغبة الامريكية واداتها ” إسرائيل ” إلا الدليل على العزلة الدولية التي تعيشها وربيبتها الكيان الإستعماري الإسرائيلي .
خامسا : نجاح مؤتمر نيويورك الاول والثاني الدولي لتنفيذ حل الدولتين اي تمكين الشعب الفلسطيني من إقامة دولته المستقلة على حدود الرابع من حزيران ١٩٦٧ الذي دعت إليه المملكة العربية السعودية وفرنسا ودعم مخرجاته الذي اقرته الجمعية العامة باغلبية ساحقة ومعارضة ١٠ دول منها امريكا و” إسرائيل ” مما ادى إلى زيادة العزلة الأمريكية والإسرائيلية وما لها من تداعيات سلبية على مصالح ونفوذ امريكا لدى العالم عموما والعربي والإسلامي خصوصا في مرحلة لاحقة .
سادسا : العدوان الإسرائيلي على دولة قطر وعدم تصدي امريكا عبر قاعدة العديد المقامة منذ سنوات على ارض قطر اي على دول مجلس التعاون الخليجي سواء للطيران الإسرائيلي او إعلام قطر بالمعلومات مما ادى إلى تحول متصاعد للتوجه نحو الإنفكاك عن المظلة الأمريكية التي ثبت انها تضحي بأقرب حلفاءها واصدقاءها لعيون دولة مارقة حتى لو كانت تنفذ مشروع امريكي مما ادى إلى تولد قناعة جادة لدى صانع القرار الامريكي بان النفوذ الأمريكي في الوطن العربي والعالم الإسلامي بطريقه إلى الإضمحلال في حال إستمرار الموقف الأمريكي إتجاه الوطن العربي والنظر إليه بنظرة دونية مما سيعزز دور ونفوذ القطب العالمي الروسي الصيني الصاعد .
سابعا : فشل وإخفاق الرئيس ترامب بالرغم مما يدعي بإنهاء ٧ حروب خلال ولايته بتحقيق وعوده بإنهاء الحروب والصراعات وخاصة في أوكرانيا وفلسطين مما تبين عجزه عن إدارة العالم وفرض إملائاته بفرض تنفيذ توجهاته وقراراته بمجرد إطلاق تصريح او نشر تغريدة وما طموحه بنيل جائزة نوبل لمجرد طموحه دون ان تنطبق عليه اي من معايير منح جائزة نوبل كما ذكرت وسائل إعلام دولية إلا نموذج .
ثامنا : تنامي الشعور لدى الدولة الامريكية العميقة بان إسرائيل باتت عبئ على حماية وضمان المصالح الامريكية والفشل بان تلعب دور الشرطي السيئ لإرهاب المنطقة وتركيعها مما إستدعى امريكيا اللجوء إلى إستدارة خفيفة تكفل وتضمن الدور الإسرائيلي المستقبلي من منطلق القوة ومحاولة إحتواء الموقف العربي والإسلامي والدولي الشعبي والرسمي المندد بالموقف الامريكي الداعم للكيان الإسرائيلي وجرائمه وتحديه الوقح للمجتمع الدولي والدعم الكامل لإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس والمعترف بها دوليا عبر اللجوء لوقف العدوان على غزة مقابل إطلاق سراح المحتجزين الإسرائيليين يقابلها كفالة السيطرة الكاملة الامريكية المباشرة وغير المباشرة على قطاع غزة عبر تشكيل مجلس السلم العالمي لإدارة قطاع غزة سياسيا وإقتصاديا وامنيا برئاسة ترامب وتغييب لمنظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني كصاحبة الولاية على قطاع غزة كجزء لا يتجزأ من الدولة الفلسطينية المعترف بها دوليا ” الضفة الغربية وقلبها القدس وقطاع غزة ” إلا صورة قبيحة للمخطط الترامبي بتقويض الحق الأساس والأصيل المكفول دوليا بميثاق الأمم المتحدة والعهود والمواثيق والإتفاقيات الدولية لحق الشعب الفلسطيني بالحرية والإستقلال وتقرير المصير وإقامة دولته المستقلة والتحرر من نير المستعمر الإسرائيلي الإرهابي .
ما تقدم بعض من العوامل التي دفعت الرئيس ترامب لطرح خطته التي ما هي للمتمعن ببنودها إلا صك إستسلام وإخضاع للشعب الفلسطيني وللدول العربية وإلا ما معنى ان يصف حق الشعب الفلسطيني بتقرير المصير وإقامة دولته كطموح وأمل بما يعنيه ذلك إنكار ان للشعب الفلسطيني حق اساس اسوة بباقي شعوب العالم بتقرير المصير وفي محاولة لإضفاء الطابع الإنساني وليس الوطني على الصراع العربي الصهيوني بعنوانه الفلسطيني وبان الشعب الفلسطيني ما هم إلا سكان وهذا ما نص عليه البند ٢٠ من صكه ” خطة ترامب ” .
إن الترحيب الفلسطيني والعربي والإسلامي والعالمي بجهود الرئيس ترامب بوقف الحرب لا يعني باي حال الموافقة على باقي بنود الصك حيث ربطت جميع البيانات والمواقف المرحبة بالوصول إلى إتفاق يكفل إنهاء الإحتلال الإستعماري الإسرائيلي لأراض الدولة الفلسطينية المحتلة والمعترف بها دوليا وتمكين الشعب الفلسطيني من التمتع بحقه الأساس والأصيل بالحرية والإستقلال وتقرير المصير وإقامة دولته المستقلة على حدود ٤ حزيران عام ١٩٦٧ تنفيذا لقرار مجلس الأمن ٢٤٢ وقرار ٢٣٣٤ وقرار الجمعية العامة رقم ١٠ /٢٤ الصادر في ١٨ / ٩ / ٢٠٢٤ الذي لم تعترف به إسرائيل من حيث المبدأ بتحد للمجتمع الدولي ولقرار محكمة العدل الدولية و لقرارات الجمعية العامة رقم ١٨١ و١٩٤ كسبيل وحيد لإحقاق السلام الشامل والعادل بما يحقق الأمن والسلم الإقليمي والدولي .
المجتمع الدولي مطالب بالتصدي للسياسة الأمريكية التي تنهج فرض سياسة الأمر الواقع بالقوة العسكرية بعيدا عن قوة الحق وبرفض قول الرئيس ترامب ومعه مجرم الحرب نتنياهو بان السلام ياتي بالقوة اي بفرض الخضوع والإستسلام….. فالسلام يتحقق فقط عبر تجسيد الحق والعدل ؟
تقع على الدول المشاركة بالاجتماع مع الرئيس ترامب او المشاركة بمراسم توقيع إتفاق وقف إطلاق النار على قطاع غزة مسؤولية كبرى بان تضطلع بواجباتها لممارسة الضغوط على الرئيس ترامب للعمل على :
▪︎ إلزام سلطات الإحتلال الإستعماري الإرهابي الإسرائيلي بإنهاء إحتلالها لجميع الأراضي الفلسطينية والعربية المحتلة تنفيذا لواجباتها كدولة عضو بالأمم المتحدة بتنفيذ القرارات الصادرة عن مجلس الأمن عملا بالمادة ٢٥ من الميثاق .
▪︎ إلزامها عدم إستخدام الفيتو بشكل تعسفي الذي حال دون الإعتراف بالدولة الفلسطينية كعضو عامل بالجمعية العامة وذلك إحتراما للمادة الرابعة من الميثاق .
▪︎ تحديد جدول زمني قصير المدة للإنسحاب الكامل من اراض الدولة الفلسطينية المحتلة والمعترف بها من قبل ١٦٠ دولة .
▪︎ الإعراب عن عزمها إتخاذ الإجراءات العقابية اللازمة على إسرائيل وصولا لتعليق عضويتها بالجمعية العامة في حال رفض ” إسرائيل ” تنفيذ إلتزاماتها الواردة بالميثاق وبرفضها تنفيذ القرارات الدولية ذات الصلة بالقضية الفلسطينية .
دون ذلك سيكون الإحتفال عبارة عن بهرجة إعلامية إرضاءا لغرور ترامب ولرؤيته بإدماج الكيان الإستعماري الإحلالي الإسرائيلي بالوطن العربي والعالم الإسلامي دون اي إجراء عملي لإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس…. ؟
الخطر الإسرائيلي بدعم امريكي بات حقيقة بعد تصريح مجرم الحرب نتنياهو بان أمامه مهمة روحانية تاريخية بإقامة إسرائيل الكبرى مما يستدعي ان تضع الدول العربية والإسلامية امنها ومصالحها وإستقرارها بكفة مقابل المصالح الامريكية بالكفة الأخرى…. ؟ !
الشعب الفلسطيني يرفض إقصاء منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد كما يرفض اي مشروع بغيابه لا يمكنه من الحرية والإستقلال وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف… ؟ !