رسوم ترامب الجمركية تقلص الوظائف رغم وعود الحماية الصناعية

السياسي – أظهر تحليل أعدته مؤسسة “غولدمان ساكس”أن الرسوم الجمركية الشاملة التي تفرضها إدارة الرئيس دونالد ترامب تؤدي إلى تقليل فرص العمل، رغم أن أحد أهدافها إعادة الوظائف للداخل الأمريكي.
ويكتسب هذا التحليل أهمية خاصة بالنظر إلى أن الهدف الأساسي من فرض هذه الرسوم كان بحسب التصريحات الرسمية هو دعم سوق العمل المحلي. إلا أن المعطيات الاقتصادية، والواقع الصناعي، وأيضًا الشهادات الميدانية، تشير إلى نتيجة مختلفة وأكثر تشاؤما.

ورغم أن بعض الدراسات بينت أن الرسوم الجمركية المستهدفة قد تسهم في زيادة الوظائف داخل قطاعات محددة، إلا أن الرسوم التي فرضتها إدارة ترامب لا تتمتع بهذه الصفة، إذ إنها رسوم شاملة تطبق بنسبة 10% على الواردات من جميع الدول، إضافة إلى رسوم تتجاوز 100% على الواردات القادمة من الصين.

ووفقا للأرقام التي تضمنها التقرير، فإن زيادة الرسوم الجمركية بنسبة 10 نقاط مئوية من شأنها أن تؤثر سلبا على سوق العمل بشكل عام، رغم أنها قد تؤدي إلى إضافة 100 ألف وظيفة في قطاع التصنيع. لكن التأثير العام سيكون في الاتجاه المعاكس، مع فقدان نحو 500 ألف وظيفة في مجمل قطاعات الاقتصاد. ولم يحدد التقرير فترة زمنية لهذه التقديرات.

وقد اعتمدت “غولدمان ساكس” في تحليلاتها على نحو 12 دراسة أكاديمية تناولت تأثير الرسوم الجمركية على الصناعات المحمية، كما شمل التحليل تأثير تلك الرسوم على الشركات العاملة في القطاعات المرتبطة لاحقًا (downstream companies)، مثل الشركات المحلية التي تعتمد على الأجزاء أو المواد الخام المستوردة لتصنيع منتجاتها.

وأشار التقرير إلى أن هذه التقديرات لا تأخذ في الحسبان احتمالية حدوث ركود اقتصادي، وهو عامل إضافي يمكن أن يؤثر بشكل كبير على معدلات التوظيف.

ويؤكد معدو التقرير أن الدقة في مثل هذا النوع من التحليل تبقى صعبة، خاصة في ظل أن الرسوم الجمركية المفروضة من قبل إدارة ترامب تُعدّ غير مسبوقة من حيث شمولها واتساع نطاقها.

ويبرز التقرير ثلاث طرق يمكن للرسوم الجمركية أن تسهم عبرها في تعزيز التصنيع المحلي:

أولا من خلال حماية “الصناعات الناشئة” (infant industries) التي تحتاج إلى وقت للتطور بعيدًا عن المنافسة الخارجية. ويعدّ ما قامت به إدارة بايدن في فرض رسوم على السيارات الكهربائية مثالًا على ذلك.
ثانيا، عندما يتعلق الأمر بالسلع ذات “مرونة الطلب” (demand elasticity)، والتي يمكن أن يُعاد بواسطتها توجيه المستهلكين نحو المنتجات المحلية من خلال رفع أسعار الواردات. فعلى سبيل المثال، ساعدت الرسوم المفروضة على الشاحنات الخفيفة المستوردة منذ عام 1964 في دعم قطاع السيارات الأميركي.
ثالثا، من خلال فرض رسوم على المنتجات النهائية بدلًا من مكوناتها. ويستشهد التقرير بما قامت به شركة “هارلي-ديفيدسون” (Harley-Davidson) خلال عهد الرئيس رونالد ريغان، حين استفادت من رسوم بلغت 45% استمرت خمس سنوات، مما ساعدها على زيادة حصتها في السوق في وجه المنافسة اليابانية.
لكن رسوم إدارة ترامب تجاوزت تلك الأمثلة من حيث النطاق والتأثير، رغم أن بعض الاستثناءات والتعليق المؤقت للرسوم بات يظهر تدريجيًا.

وبناء على ما سبق، يؤكد التقرير أن الرسوم الجمركية الشاملة لا تؤدي إلى زيادة كبيرة في فرص العمل، بل إن تأثيرها النهائي ينتهي إلى تقليل عدد الوظائف المتاحة.

المصدر: axios