السياسي – اكد خبراء أن رفع العقوبات عن سوريا قد يشكل نقطة تحول حاسمة للاقتصاد اللبناني المتعثر، في ظل الترابط التاريخي بين البلدين.
ويُتوقع أن يُحدث القرار الأمريكي زخماً إيجابياً يتمثل في إعادة تنشيط حركة التجارة والاستثمار، خاصة مع عودة الشركات الخليجية والأجنبية إلى السوق السورية.
أما سياسياً، فيأتي القرار في وقت يشكل فيه الممر البري عبر سوريا شريان حياة أساسياً للبنان، الذي يعاني أزماتٍ متلاحقةً تفاقمت بسبب العقوبات المفروضة على جاره.
ويبرز خبير كيف أن هذا القرار قد يُعيد الحيوية إلى سلسلة التوريد وتدفق السلع، ويُسهل استجرار الكهرباء من مصر والأردن، كما يُسهم في تسريع عودة النازحين السوريين، ما من شأنه تخفيف الأعباء عن الاقتصاد اللبناني المنهك.
الخبير الاقتصادي اللبناني كمال حمدان، قال إن الانعكاسات الاقتصادية لرفع العقوبات الأمريكية عن سوريا تبدو كبيرة منذ الوهلة الأولى، ولا سيما أن الاقتصاد السوري في حالة انهيار شبه تام لأسباب معروفة.
وأوضح أن رفع العقوبات قد يمهد لانفتاح سوريا مجددًا على التجارة الخارجية (صادرات وواردات)، وعلى تدفق رؤوس الأموال، سواء من خلال تحويلات المغتربين السوريين أو استثمارات رجال الأعمال السوريين في الخارج، الذين كانوا مترددين في ضخ أموالهم داخل البلاد في ظل المقاطعة والعقوبات.
وأشار إلى أن الاستثمارات الخليجية والأجنبية المباشرة قد تعود بأشكال متعددة؛ ما قد يعكس دلالات سياسية واقتصادية إيجابية ويُمهّد لتطورات أوسع في سوريا والمنطقة.
أما على مستوى الانعكاسات على لبنان، فأوضح أن السنوات الأخيرة أظهرت تطابقًا كبيرًا في المؤشرات الاقتصادية بين البلدين، سواء من حيث الناتج المحلي، أو معدلات التضخم، أو تراجع أسعار صرف العملة الوطنية، أو حتى نسب البطالة والفقر.
وأضاف أن أي تحسّن اقتصادي في سوريا سينعكس بالضرورة على لبنان والعكس صحيح، شرط أن ينخرط لبنان في إصلاحات بنيوية عميقة، تتضمن الانتقال من اقتصاد الريع إلى اقتصاد الإنتاج، ومعالجة ملف القطاع العام، والبدء بحل أزمة عام 2019 التي أدت إلى خسارة المودعين نحو 90% من ودائعهم.
-العقوبات سبب أساس في أزمة لبنان
من جانبه، قال أستاذ العلوم السياسية فيصل مصلح إن أحد الأسباب الرئيسة للأزمة الاقتصادية اللبنانية كان العقوبات الحادة المفروضة على سوريا، ولا سيما قانون “قيصر”، الذي اعتبره مقدمة لانهيار الاقتصاد اللبناني.
وأكد أن العلاقة بين الاقتصادين اللبناني والسوري لا يمكن فصلها بسبب الموقع الجغرافي والتشابك الهيكلي بين البلدين، حيث تتأثر أسعار السلع في سوريا بواقع السوق اللبنانية والعكس.
ولفت إلى أن لبنان مثّل خلال السنوات الماضية ملاذًا آمنًا لرؤوس الأموال والشركات السورية، وكان يُنظر إليه كمنصة للدخول إلى السوق السورية، حتى من قِبل مستثمرين أجانب.
وأشار إلى أن رفع العقوبات سيفتح الباب أمام لبنان للاستفادة من عملية إعادة الإعمار في سوريا، التي ستوفّر فرصًا واسعة للشركات اللبنانية وتعزز التبادل التجاري بين البلدين. كما سيسمح بتفعيل مشاريع متوقفة، مثل: استجرار الكهرباء من مصر والأردن عبر الأراضي السورية، والتي عُطلت سابقًا بفعل قانون قيصر.
وأضاف أن انطلاق إعادة الإعمار سيُسهم أيضًا في تهيئة الظروف لعودة اللاجئين السوريين من لبنان إلى بلادهم؛ ما سيُخفف العبء الاقتصادي الكبير الذي تحمّله لبنان نتيجة استضافة أكثر من مليون ونصف المليون لاجئ.