رفع العقوبات مدخل لتطبيع الأوضاع

صلاح بدرالدين

من المعلوم ان فرض العقوبات او رفعها على وعن دول العالم  يبدأ وينتهي بالقرار الأمريكي، لذلك كان لاعلان الرئيس ترامب ومن الرياض رفع العقوبات عن سوريا الجديدة مابعد الاستبداد امنية سورية في منتهى الأهمية تحققت أولا بنجاح السوريين في الصمود وإزالة النظام الفاسد الموغل بالاجرام، والارهاب ، كهدف أساس للثورة السورية، وكذلك  بفضل أصدقاء الشعب السوري، ومشهد فيديو اللقاء الذي جمع كلا من الرؤساء ترامب، والشرع، وولي العهد السعودي، وانضمام اردوغان عبر الاونلاين خير تعبير عن هذا الحدث الكبير الذي يلي مباشرة من حيث الأهمية هروب الدكتاتور وسقوط نظامه.

 

نعم رفع العقوبات خطوة أولى في بداية الطريق

بمعزل عن شكوك المتضررين من هذا القرار الأمريكي، وافتعال ذرائع، واختلاق مصاعب اقرب الى المستحيل امام تطبيق القرار، فان السوريين الوطنيين الذين كانوا مع ثورتهم منذ اليوم الأول يعلمون جيدا ان رفع العقوبات لن يتم بين ليلة وضحاها ليس بسبب التعقيدات القانونية، وتشابك مفعولها على مختلف القطاعات المالية، والعسكرية، والأمنية، واختلاطها بمفاعيل قانون الإرهاب حيث كان نظام الأسد مصنفا في قائمة الإرهاب فحسب، بل لان نظام البعث ومنذ انقلابه بداية الستينات قد بنى مؤسساته الحزبية الخاصة، ووضع قاعدة اقتصادية مبنية على النهب، والتخريب، والفساد، وشراء الذمم، ودمر بذلك الدورة الاقتصادية الطبيعية، ثم حولها نظام الأسد الى (مملكة) عائلية – طائفية، امنية، وانعكس ذلك وتداخل في جميع مناحي الحياة الاجتماعية، والثقافية، والسياسية، لذلك ليس من السهل إعادة الأمور الى نصابها، وإزالة آثار النظام المستبد في فترة وجيزة، ولكن الأهم ان العوائق في طريق الزوال، والسورييون مصممون على إعادة بناء بلدهم من جديد.

ان رفع العقوبات بمختلف اشكالها سيفتح الطريق لتحقيق اهداف الثورة السورية ما بعد التحرير، وبينها استكمال العملية السياسية في التغيير الديموقراطي، وتحقيق الشراكة الوطنية في تحمل المسؤوليات، ان رفع العقوبات يعني إعادة الاعمار، وعودة المهجرين، والنازحين الى ديارهم، وتنفيذ قانون العدالة الانتقالية، وحل القضايا العالقة وبينها القضية الكردية، ويعني بشكل خاص إزالة سلطات الامر الواقع الميليشياوية المرتبطة بالأجندة الخارجية ، وتسليم الدولة لأسلحتها، وممتلكاتها التي استولت عليها بقوة السلاح من نفط وغاز، وعائدات الجمارك والمعابر، ووقف علاقاتها بالخارج المبنية خارج السيادة الوطنية.

 

انعكاس رفع العقوبات على الحالة الكردية السورية

الكرد السورييون عموما وفي جميع مواقع تواجدهم كانوا بانتظار رفع العقوبات عن بلادهم اسوة بالمكونات، والاطياف الوطنية الأخرى، فمن هو بالداخل يعاني من سوء الحالة المعيشية، والحصار المفروض، ومن استغلال – امراء الحرب – الجدد في سلطات الامر الواقع الحزبية، والميليشياوية، الذين يستغلون الحالة السائدة لمصالحهم الخاصة، ويفرضون الاتاوات، والرشوة، على غالبية المواطنين – غير المنتمين – للأحزاب، والميليشات المسلحة، ولولا مساعدات ذويهم بالخارج  لما امكن الاستمرار حتى بالعيش الطبيعي الكريم.

طبعا الامر يختلف لدى أحزاب طرفي (الاستعصاء) فالقسم الأكبر منها يغتصب خيرات الشعب السوري، ويستولي على آبار النفط، ومصادر الغاز، ويجبي رسومات المعابر، ويستفرد بموارد الجمارك، والقسم الاخر يحصل على أموال خارجية غير معروفة ، وغير شفافة، فهذه الأحزاب لن تسعد بأخبار رفع العقوبات حيث مصالحها ستتهدد، واوضاعها ستتغير عاجلا ام آجلا، لذلك لاحظنا كيف – ارتفعت حرارة – منتسبيها ومسؤوليها لدى اعلان الرئيس الأمريكي، وبشكل خاص عندما اجتمع بالرئيس السوري احمد الشرع.

لا يقتصر الامر على الجانب الاقتصادي بل الامر يتعدى ذلك ليشمل الوضع السياسي، والمسالة القومية الكردية ، ووجود أحزاب الطرفين بواقعها الحالي، فمعظم تلك الأحزاب (ولا اقول كلها) برموزها المعروفة امتداد وجودي (تنظيمي وسياسي) لمرحلة الاستبداد، وهندسة السيئ الصيت والسمعة (محمد منصورة)، والتي غيرت الوانها بكل سهولة، ولكن طبيعة متنفذيها  مازالت كما كانت (تابعة فاشلة ذليلة فاسدة)، وما حصل مع – حزب العمال الكردستاني – يجب ان يكون درسا للجميع، فالوطنييون الكرد السورييون ومنذ أعوام ومن ضمنهم حراك “بزاف” طالبوا ومازالوا بضرورة إعادة بناء الحركة السياسية الكردية على أسس جديدة، واستعادة وحدتها وشرعيتها من خلال المؤتمر الكردي السوري الجامع، ثم إعادة الدور الوطني للكرد السوريين، والتفاهم والعمل المشترك مع الشركاء في الإدارة الانتقالية بدمشق، لقد شوهت أحزاب الطرفين مطلب الوطنيين الكرد وهم الغالبية، وزيفت مطلب المؤتمر الجامع وحولته قسرا الى اجتماع كاريكاتنوري حزبوي كتبت بيانه قبل الاجتماع بشكل مسبق فقط من اجل الإصرار على تمثيل الكرد والتوجه الى دمشق، ومن سوء حظ الأحزاب ان ما بعد حل ب ك ك ورفع العقوبات بداية مرحلة جديدة بالكامل.

نصيحتي للسيد – مظلوم عبدي – الذي اختلف معه في الفكر والموقف السياسي واحترم شخصه، ان يلتزم أولا بقرار زعيمه ومؤتمر حزبه بقنديل الذي كان يعتبره مثل (الابن المدلل)، ويحل تشكيلاته السياسية قبل العسكرية، ويوقف (اعلامه الحزبي الاقصائي الذي مازال يخون الاخر الكردي المختلف) وينفذ قرار الدمج مع قوات وزارة الدفاع السورية، ويعرف تماما انه يمثل فصيلا عسكريا متنوعا بشمالي شرق سوريا بغالبية عربية، وليس له اية صفة تمثيلية، تخويلية في الحركة الكردية السورية، وان يترك – التكتيكات المكشوفة – كتأييده لحل – ب ك ك – وكانه شخص اجنبي وليس عضوا في ذلك الحزب، وتهنئته وشكره للرئيس ترامب لرفع العقوبات عن سوريا، في حين كان أنصاره واعلامه يزعمون ان العقوبات لن ترفع الا بتنفيذ شروط (قسد) على العهد الجديد.

عن welateme.net