السياسي – قال مؤسس مركز “بروجن” للدراسات الإستراتيجية والعلاقات الدولية، رضوان قاسم، إن زيارة وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك إلى دمشق أثارت تساؤلات سياسية كبيرة في ألمانيا على الصعيدين الرسمي والشعبي.
وأكد رضوان قاسم أن زيارة الوزيرة الألمانية جاءت في وقت حرج بالنسبة لألمانيا التي تواجه انتخابات مبكرة.
وأوضح أن هذه الزيارة لم تكن موجهة لدعم سوريا أو الإدارة الجديدة، بل كانت تهدف إلى محاربة روسيا في سوريا.
وأضاف قاسم أن تصريحات بيربوك حول دعم الأكراد في سوريا كانت غير ملائمة، لاسيما أن تركيا ترفض أي دور سياسي للأكراد في سوريا، وهو ما يضع بيربوك في موقف غير مريح.
وأشار إلى أن توقيت الزيارة كان سياسياً فارغاً ولم تحقق سوى تكلفة كبيرة لألمانيا التي تعاني اقتصادياً، مشدداً على أن بيربوك تسعى لاستغلال الزيارة لتحقيق مكاسب شخصية عبر دعم موقفها السياسي في الانتخابات القادمة التي قد تغير الموقف السياسي.
وبيّن أن الموقف الأوروبي في سوريا مرتبط بالتحولات الأمريكية، إذ يرى أن واشنطن هي صاحبة القرار الفعلي في المنطقة، ما يجعل الدور الأوروبي غير مؤثر.
-تساؤلات حول زيارة بيربوك إلى دمشق
وقال قاسم إن زيارة وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك إلى دمشق أثارت الكثير من التساؤلات واللغط السياسي في ألمانيا على الصعيدين الرسمي والشعبي، لاسيما وأنها ليست المرة الأولى التي تثير فيها المشكلات السياسية لألمانيا من خلال زياراتها الخارجية.
وأضاف أن هذه الزيارة مع نظيرها الفرنسي تعتبر “لزوم ما لا يلزم”، إذ إن الحكومة التي تمثلها بيربوك هي حكومة “ساقطة سياسياً”، وفق قوله، وأن الحزب الذي تنتمي إليه قد حصل على أصوات ضئيلة في الانتخابات الأخيرة، وستجرى انتخابات مبكرة في ألمانيا قريباً، ولن يكون لبيربوك أي دور في الحكومة القادمة.
-محاربة روسيا أم دعم سوريا
وتابع قاسم أن كل ما صدر عن بيربوك لا يمثل الشعب الألماني أو الرأي السياسي الحقيقي لألمانيا.
وأشار إلى أن الزيارة كانت موضع تساؤلات وشكوك، إذ لم تكن موجهة لدعم سوريا أو الإدارة الجديدة، بل كانت تهدف إلى محاربة روسيا في سوريا.
وبحسب تعبيره، فإن هذه الزيارة يمكن وصفها بأنها أتت من باب “النكد السياسي”، ومحاولة لإظهار أنهم انتصروا على روسيا في سوريا، حتى تصريحات بيربوك حول دعم النظام الجديد في سوريا أظهرت أنها ليست في موقع يمكنها من تقديم أي دعم في مجال إعادة الإعمار أو غيره، ما يفسد جدوى الزيارة ويجلب المشكلات لألمانيا من مسؤول ألماني بهذا الحجم.
-التوقيت
وأكمل قاسم أن بيربوك عندما تطرقت لموضوع الأكراد والحفاظ على حقوقهم في سوريا، فإن هذا الموضوع يتعارض مع الموقف التركي، الذي يرفض أن يكون للأكراد أي دور سياسي في سوريا الجديدة، وهذا جعل كلامها في غير مكانه، حتى لو كانت تملك رؤية سياسية معينة.
ووفق قوله، فإن بيربوك تتحدث باسم حكومة فاقدة للثقة، ما يجعل توقيت الزيارة سياسياً فارغاً، وخصوصاً في ظل الوضع الاقتصادي الصعب لألمانيا.
وأوضح أن زيارة بيربوك لن تحقق لها سوى استفادة شخصية، إذ يسعى حزبها “حزب الخضر” لتحقيق مكاسب انتخابية عبر التحدث مع الإدارة السورية الجديدة ومحاولة إعادة اللاجئين السوريين إلى بلدهم، ما من شأنه أن يكسبها أصواتاً في الانتخابات القادمة.
وأشار إلى أن الموقف السياسي من هذه الزيارة سيختلف في الانتخابات القادمة، حيث ستشهد ألمانيا تغيراً في المواقف السياسية بعد الانتخابات، ما يجعل مشهد السياسة الأوروبية في سوريا يختلف تماماً عما هو عليه الآن.
-الدور الأوروبي في سوريا
وفيما يتعلق بالقدرة الأوروبية على لعب دور في سوريا، ذكر قاسم أن هذا الأمر خارج نطاق بروكسل، لأن الكلمة الفصل هي للولايات المتحدة الأمريكية، لا سيما في ظل العقوبات الاقتصادية على سوريا، بما فيها قانون “قيصر”.
وأضاف أن الأوروبيين لا يستطيعون تغيير هذه السياسة أو أن يذهبوا بعيداً في علاقاتهم مع الفصائل المعارضة المسلحة.
وبحسب قوله، فإن الدور الأوروبي في سوريا سيكون محدوداً في ظل مشهد أمريكي جديد بإدارة ترامب، الذي يختلف تماماً عن إدارة بايدن، وبالتالي، فإن القرار الفعلي في سوريا في الوقت الحالي يعود إلى ثلاثة لاعبين رئيسيين: الولايات المتحدة وتركيا وإسرائيل.
وأكد أن تركيا تظل لاعباً أساسياً في سوريا، ويؤثر بشكل كبير على شكل العلاقات الدولية بين سوريا ودول العالم.
وختم قاسم قائلاً إن الزيارة كانت غير موفقة من قبل وزيري خارجية ألمانيا وفرنسا، ولن يكون لهما دور في المرحلة القريبة القادمة، خاصة أن الحكومة الألمانية الجديدة قد تشهد موقفاً سياسياً مختلفاً عن الموقف الحالي لبيربوك.