السياسي – دُقَّ المسمار الأخير تقريبًا في نعش الوجود العسكري الدائم لفرنسا في القارة الأفريقية بعد إعلان ساحل العاج عن اتفاق لرحيل الجنود الفرنسيين من البلاد.
وبذلك ينحصر التواجد الفرنسي في أفريقيا، بقاعدة واحدة في الغابون، وأخرى في جيبوتي فقط.
ومن المقرر نقل القاعدة الفرنسية في ساحل العاج إلى السلطات المحلية بحلول نهاية الشهر الجاري.
وقال الرئيس الإيفواري الحسن واتارا، خلال خطاب ألقاه بمناسبة تهنئة بالعام الجديد، إن القوات الفرنسية ستنسحب من البلاد.
ورأى رئيس الدولة أن الإيفواريين يجب أن يكونوا “فخورين بتحديث جيشهم”، مشيرًا إلى تسليم المعسكر الفرنسي إلى القوات المسلحة لساحل العاج اعتبارًا من شهر يناير/كانون الثاني الحالي 2025.
وكانت فرنسا تخطط بالفعل لتقليص وجودها العسكري في ساحل العاج، وخفض عدد جنودها في البلاد من 2200 إلى 600، كجزء من “إعادة الانتشار” العامة لوجودها العسكري في القارة.
ورأى مراقبون أن الخطوة مجرد حملة انتخابية من الحسن واتارا البالغ من العمر 83 عامًا الذي يتولَّى السلطة، منذ العام 2011، إذ من المقرر أن تنتخب ساحل العاج رئيسها في أكتوبر/تشرين الأول المقبل.
-مفارقة
لكن الباحث في الشؤون الأفريقية رئيف بينتو لفت إلى مفارقة التحرر الأفريقي من فرنسا، إذ، غالبًا، ما كان قطع أشكال التعاون العسكري، أو حتى العلاقات الدبلوماسية مع باريس، يتم بعد الانقلابات، كما حدث في مالي، والنيجر، وبوركينافاسو.
وقال بينتو “لكن في المقابل، سواء في ساحل العاج، أو السنغال، وتشاد، لم تحدث انقلابات، ويؤكدون على هدف المشروع المتمثل في استعادة سيادة البلاد”.
وهو سبب قدمته السنغال، الشريك التقليدي لباريس منذ فترة طويلة، عندما طلبت رحيل القوات الفرنسية”.كما أنهت تشاد، الحليف الرئيس للغرب في الحرب ضد الجماعات المتطرفة في منطقة الساحل، فجأة اتفاقية التعاون الدفاعي مع فرنسا، بينما زعمت أنها تحافظ على علاقات جيدة مع باريس.
وكان الوجود العسكري الفرنسي يوفر الدعم اللوجستي والتدريب للقوات المحلية للقيام بعمليات قتالية معينة، ولكنه يعمل أيضًا على حماية المصالح الاقتصادية، ورعاياها الذين يعيشون هناك.
وسيبقى 350 عسكريًا فقط في أفريقيا كوجود دائم في الغابون، ومن المفترض أن يُخفَّض هذا العدد في نهاية المطاف إلى 100 جندي و1500 في جيبوتي.
وجيبوتي عبارة عن جيب صغير يتمتع بموقع إستراتيجي في القرن الأفريقي، تعد موطنًا لوحدات من جميع القوى في العالم تقريبًا، الولايات المتحدة، والمملكة المتحدة، وألمانيا، واليابان، فضلاً عن الصين.
-ضمان الأمن
بدوره، قال الباحث إيف بورديلون من معهد البحوث الأوروبية، إن “الدول الأفريقية تمارس، الآن، حقها المشروع في ضمان أمنها لوحدها”.
وقال بورديلون إن “الوجود العسكري الفرنسي تمكن من حماية المصالح الاقتصادية لباريس، لكن عددًا من البلدان الأجنبية أكدت أنه من الممكن الدفاع عن مصالحهما الاقتصادية في القارة دون أي وجود عسكري دائم بها”.
وأضاف أن “الولايات المتحدة فقط مثل فرنسا لديها قواعد في أفريقيا”.
وقبل 18 شهرًا فقط كان ينتشر 7 آلاف جندي فرنسي في أفريقيا، مقارنة مع 60 ألف جندي في حوالي 90 موقعًا في أفريقيا، العام 1960.