منحت الولايات المتحدة الأميركية إسرائيل أكثر من 260 مليار دولار كمساعدات منذ عام 1948. وتضمنت غالبية هذه المنح مساعدات عسكرية وتقنية وغيرها. حيث اشتملت على أسلحة متطورة جدا بهدف تحقيق التفوق الاستراتيجي لإسرائيل في منطقة الشرق الأوسط. ومن ضمن هذه المساعدات العسكرية قنابل ذكية ذات أوزان عالية، ومنظومة صواريخ باتريوت، إضافة طبعا الى طائرات “F15” وطائرات “F16″، كما قدمت اليها مؤخرا طائرات “F35” (الشبح) وهي طائرات متطورة جدا قادرة على ضرب مواقع استراتيجية بدون أن يرصدها الرادار. كما قدمت الولايات المتحدة الأميركية مؤخرا بطارية صواريخ “ثاد” وهي صواريخ أرض جو تدار من خلال وحدات عسكرية أميركية، وتستطيع أن تسقط الصواريخ الباليستية، ويتوقع أن تقدم لها بطارية ثانية في الأمد القريب لا سيما بعد اقتراب الضربة العسكرية المتوقعة لاسرائيل.
وتأتي صفقة أسلحة ثاد وطائرات “F35” وغيرها في إطار اتفاقية مساعدات عسكرية تم توقيعها بين إسرائيل والولايات المتحدة في العام 2016 في أواخر عهد الرئيس الأميركي باراك أوباما، والتي تضمنت توريد أسلحة أميركة لاسرائيل بقيمة 38 مليار دولار حتى العام 2026.
وفي هذا الإطار، ووفقا لبيانات معهد ستوكولم لدراسات السلام، فإن 70% من واردات إسرائيل العسكرية تأتي من الولايات المتحدة الأميركية. وهذا يشير الى أن إسرائيل تعتمد بشكل أساسي في عدوانها الأخير على قطاع غزة على الأسلحة الأميركية والتي ارتفعت بشكل كبير بعد السابع من أكتوبر العام الماضي.
في الإطار السابق، نظم السيناتور اليهودي المستقل بيرني ساندرز حملة أميركية للضغط على الحكومة الأميركية لوقف المساعدات والمنح العسكرية الأميركية الهجومية المقدمة لاسرائيل، والتي تقدر قيمتها هذا العام بنحو 20 مليار دولار، معتبرا أن تقديم مثل هذه الأسلحة المتطورة لإسرائيل سيساعدها ويشجعها على الاستمرار في عدوانها على الشعب الفلسطيني. كما أكد ساندرز بأن الولايات المتحدة الأميركية تعتبر شريكة في الكارثة الانسانية في قطاع غزة نظرا لاستمرار تدفق أسلحتها المتطورة لاسرائيل.
وبالضرورة، تم تقديم عريضة الى مجلس الشيوخ الأميركي وقع عليها أكثر من 135 ألف أميركي تطالب المجلس بوقف تصدير الأسلحة لإسرائيل. كما قدم ساندرز مشروع قانون لمجلس الشيوخ يطالبه فيه بوقف تصدير الأسلحة لاسرائيل معتبرا أن تصدير هذه الأسلحة سيضر بأمن إسرائيل نفسها، لأنه سيشجعها على الاستمرار في عدوانها ليس فقط ضد الشعب الفلسطيني وإنما ضد المنطقة العربية ككل، وهو الذي تشهده المنطقة فعليا بعد توسع واحتدام الصراع في لبنان وسوريا واليمن والعراق وإيران.
في الواقع، ليس من المتوقع أن يتم التصويت بالايجاب على مشروع ساندرز، حيث تتفق الأغلبية في مجلس الشيوخ على استمرار تصدير الأسلحة لإسرائيل ليس فقط بسبب ما يقال بأنه ضمان لأمن إسرائيل، وإنما أيضا بسبب مصالح المجمع العسكري السياسي الاقتصادي في استمرار مبيعات الأسلحة الأميركية في منطقة متوترة مثل الشرق الأوسط.
وبرغم ذلك، فإن مقترح ساندرز من شأنه أن يرسل رسالة مهمه للشارع الأميركي والنخب السياسية تفيد بتحميل الولايات المتحدة مسؤولية استمرار العدوان الاسرائيلي. كما يمكن الاستفادة من المقترح بضرورة تقييد استخدامات الأسلحة الأميركية المصدرة لإسرائيل ضد المدنيين، وهو الأمر الذي لم ينجح للأسف حتى هذه اللحظات!