غدا نعيش الذكرى السادسة والسبعون من عمر نكبتنا ، وعمر تشردنا
واقتلاعنا جذورنا من تربة الوطن الفلسطيني ورمينا في مهاب المنافي
ولظى الشتات.
كنا على هذه الارض نجمع سمسم حضورنا وسيسعة وجودنا ….كنا نشوي سنابل قمحنا …لنفركها بين ايدينا …التي تلامس اسطحها حبات قمح مبتسمة رغم انها تدرك مسبقا انها ستكون مشروع التهام لافواهنا العائدة من ظلال خيال اجسادنا المطرودة والتي لم تعد تسكن المكان .
ست وسبعون عاما مضت ولكن القادم كان اجمل لان الماضي كان يحمل في شذراته قتلنا لكنا بقينا أحياءا نصنع التاريخ وننتصر بمعجزة ، هزمنا معجزة موسى وعصاه التي تحولت الى ثعبان، عصاه التي اثمرت غربان ناعقة فوق اجسادنا المسجاة على ضفاف التاريخ وموجات بحر الزمن المتغير، هذا ما نعيشه اليوم من افرازات العدوان الوحشي على غزة.. 7 أشهر لم يستطع الصهاينة حسم استراتيجية المعركة وتحقيق الانتصار، علما أن الفلسطيني حسم استراتيجية معركة السرديات بحقيقة أحداث النكبة 48 وتفاصيل ما جرى وانتصر فيها وأحدث تغييرا بنيويا في السردية والرواية، فهناك معتدي لا يعترف بالضحية، ثمانية قرون و الصهيوني لا يعترف بقتله وتدميره للذات الفلسطينية بل يقدم رواية سفسطائية عدمية بعيدة عن الواقع ومشتبكة مع الخيال الفلسطيني والمخيال الصهيوني ، ثمانية قرون نجح الفلسطيني في علاج المرض السردي المزمن لرواية البرانويا .. نعم روايتان متناقضتان تقدم للعالم لاثبات عدالتهما فالصهيوني يقدم حجيته وسرديته اعتمادا على بصر وبصيرة الماضي والفلسطيني يناقضه ويقدم روايته وسرديته اعتمادا على بصر وبصيرة المستقبل .
وما يثير دهشتي كفلسطيني وجود قوى عربية تؤمن وتؤيد وتساند الرواية الصهيونية بشأن النكبة بعد أن طلت علينا الصهيونية العربية وفعلت من مضامين مقاومتها وتصديها للحق الفلسطيني وللمشروع الوطني الفلسطيني بعد أن وقفت في خطوط الدفاع الاولى عن المشروع الصهيوني .
ختاما أقول أن الفلسطيني نجح في محاصرة وعزل الرواية الصهيونية على المستوى الصهيوني والعبري والاسرائيلي كما نجح في عزلها داخل منظومة العقل الغربي الذي كان يعتقد أن اسرائيل هي دولة تحت الاحتلال الفلسطيني وأن اللاجئ هو الاسرائيلي وأن القاتل هو الفلسطيني لكن كما أسلفت حضور الرواية الفلسطينية وانتعاشها جاء نتيجة صمود شعبنا في غزة العزة ففيها سجل تاريخ البدء الفلسطيني في الحضور وأوقفت سردية الهزيمة في 7 اكتوبر وُلدت سردية الانتصار للفلسطيني على مستوى الكينونة وعلى مستوى الذات فمن هنا أختم وأقول أن ملامسة العقل الغربي ومجاورته لها كان نتيجة البطولة الفلسطينية في غزة واصرار أهلنا هناك على بقاء قضيتنا حية رغم التضحيات الجسام وتكالب الغرب ومعهم السكسون واللوثريين بقيت قضيتنا حية ووجهتها الشمال المنتصر كما انتصرت القضية الجزائرية رغم عظمة التضحيات فلا تطهير عرقي ولا قتل ممنهج ولا جرائم جماعية ستهزمنا فنحن نعلم طبيعة عدونا الصهيوني اليهودي صاحب الاجرام المتأصل في ذاته فصهاينة اليوم لا يختلفون عن المستعمر الفرنسي بالأمس.. عاشت فلسطين وعاشت الجزائر.